حكم مبرم ضد "اللبنانية": لوقف العمل بالسخرة ودفع التعويضات

بخلاف قرارات مجلس شورى الدولة التي أعطت حق التفرغ لمجموعة كبيرة من الأساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية منذ العام 2014، واختفت نصوص القرارات تلك ولم يتبلغ بها الأساتذة، وصل قرار شورى الدولة المتعلق بالمدربين (متعاقدين بالساعة) إلى رئاسة الجامعة اللبنانية، وباتت الأخيرة أمام استحقاق تنفيذ الحكم المبرم الذي صدر عن القاضي يوسف نصر مؤخراً.

إبطال تعميم الجامعة
في التفاصيل، سبق وتقدم ما يقارب 200 مدرب في الجامعة بشكوى ضد إدارة الجامعة اللبنانية، في العام 2018، حول إلزامهم بالعمل بدوام كامل خلافاً لما ينص عليه العقد الموقع معهم. وأتى الحكم الأول حينها لصالح الجامعة، لكن المحامي علي عباس، الموكل من المدربين، طلب إعادة الحكم في القضية، نظراً لمخالفة قرارات الجامعة ليس القوانين المرعية الإجراء، بل حتى أبسط حقوق الإنسان، لا سيما أن ما أقدمت عليه إدارة الجامعة يرتقي إلى حد وصف التعامل مع المدربين بـ"العبودية الحديثة".

بعد إعادة المحاكمة صدر مؤخراً قرار عن رئيس الغرفة الرابعة في شورى الدولة، يوسف نصر، حمل الرقم 499، اعتبر فيه أن التعميم 56 الصادر عن رئيس الجامعة اللبنانية السابق فؤاد أيوب في العام 2017 فيه تجاوز لحد السلطة. وحكم بإبطاله لأنه يغفل الأصول الجوهرية لإصدار النصوص التنظيمية (لم يتم استشارة شورى الدولة قبل اتخاذ الجامعة القرار المخالف لأحكام المادة 57 من نظام الشورى)، ولأنه يجبر المدربين على تنفيذ ساعات عمل إضافية غير مدفوعة، وتفوق عدد الساعات المحددة في عقودهم. وألزم الجامعة اللبنانية بدفع كامل ساعات العمل التي نفذها المدربون والتي تقدر قيمتها بمئات آلاف الدولارات.

عمل من دون أجر
تبين أن عقود العمل التي وقعتها الجامعة مع المدربين (يصل عدد المدربين إلى نحو 1200 مدرب) تحدد عدد ساعات العمل السنوية بين 450 و600 ساعة (بحسب كل مدرب) فيما ألزمت الجامعة المدربين بتنفيذ دوام عمل كامل محدد بـ35 ساعة أسبوعياً. لذا رأى القاضي نصر أن الجامعة ترغم المتعاقد العمل لساعات إضافية خلافاً لمبدأ لا عمل من دون أجر. إذ يرغم المتعاقد بـ600 ساعة سنوياً مع الجامعة على تنفيذ 1455 ساعة في السنة. في المقابل، يتقاضى المدرب تعويضاً عن ستمئة ساعة، محددة في العقد، ويحرم من التعويضات عن 855 ساعة المتبقية.

ويلفت المحامي عباس لـ"المدن" إلى أن شورى الدولة في إعادة المحاكمة انتصر لحق المدربين، الذين ألزمتهم الجامعة العمل بالسخرة، وحرمتهم من أبسط القواعد الأساسية لحقوق الإنسان. ولو لم تكن قضيتهم عادلة وفاضحة في كيفية خرق حقوق الانسان ومخالفة القوانين، لما صدر عن شورى الدولة حكم مبرم للتنفيذ بدفع كل ساعات العمل السابقة.

ملاحقة قضائية ودولية 
وأكد عباس أنه سلّم إدارة الجامعة صورة طبق الأصل عن القرار، وتبلغ من شورى الدولة أن الجامعة أعادت التبليغ إليه، ولم يبق إلا الاستحصال على صورة طبق الأصل صالحة للتنفيذ. وهذه الأخيرة سيستحصل عليها قريباً، بعد إتمام المعاملات الإدارية، ليعود ويسجلها شخصياً الأسبوع المقبل في الجامعة. وتصبح حينها رئاسة الجامعة ملزمة بالتنفيذ الفوري بدفع كل المستحقات التي حرم منها المدربون.

يعول عباس على حكمة رئاسة الجامعة في تنفيذ القرار، لأن عدم التنفيذ يمس بهيبة القضاء. فحكم شورى الدولة مبرم وأي تخلّف عن التنفيذ يعرض رئاسة الجامعة إلى الملاحقة القضائية سواء من خلال اللجوء إلى إلزامها بدفع غرامة إكراهية، أو من خلال اللجوء إلى قانون العقوبات بتهمة التهرب من تنفيذ حكم قضائي.

بالموازاة يؤكد مدربون لـ"المدن" أنهم ينتظرون تبلغ رئاسة الجامعة رسمياً قرار شورى الدولة. وفي حال التخلف عن التنفيذ، لن يكتفوا بملاحقة الجامعة قضائياً بل سيتحركون ضد الجامعة من خلال المنظمات الدولية لحقوق الإنسان، واتهام الجامعة بأنها تتوسل أساليب "العبودية الحديثة" في إرغام الموظفين على العمل بالسخرة.