المصدر: المدن
الكاتب: منير الربيع
الأربعاء 26 شباط 2020 08:31:40
عزلة الشهر الأول لحكومة الرئيس حسان دياب في علاقاتها الدولية، بدأ العمل على كسرها من بوابة سوريا! الزيارة الدولية الوحيدة التي أجراها مسؤول أجنبي إلى لبنان، بعد تشكيل الحكومة، كان رئيس مجلس الشورى الإيراني المنتهية ولايته، علي لاريجاني، آتياً من دمشق! هذا طبعاً بمعزل عن زيارة وفد صندوق النقد الدولي، وبعض المؤسسات الدولية، المعنية بالملفين الاقتصادي والمالي. والسفير السوري في بيروت، علي عبد الكريم علي، يدخل للمرة الثانية إلى السراي الحكومي منذ تعيينه سفيراً للبنان قبل 11 سنة. المرة الأولى كانت في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، والمرة الثانية في زيارة التهنئة التي أجراها لدياب قبل يومين.
الطريق إلى دمشق
وكأن العمل الذي تنحو إليه الحكومة يندرج تحت سقف أحد مواقف أمين عام حزب الله، السيد حسن نصر الله، عندما أشار على اللبنانيين بضرورة اللجوء إلى الصين أو دول الشرق، في ظل التعرض إلى ضغوط وعقوبات أميركية مفروضة على لبنان. هكذا، تعمل الحكومة على فتح العلاقات وتطبيعها مع دمشق والنظام السوري، طالما أن الأبواب الدولية لا تزال مغلقة أمامها. سلوك يشبه التحدّي أو الابتزاز في طريقة إدارة المرحلة الحالية والمقبلة. هناك من يريد القول لدول الخليج والدول العربية الأخرى، أنه بحال عدم فتح أبواب العلاقات والمساعدات، فلا بأس بفتح الطريق إلى دمشق. هذا النوع من السياسات يشير إلى استمرار السير على حافة الهاوية، أو على حبل يهتز على وقع كل خطوة.
سيعود ملف تطبيع العلاقة مع النظام السوري إلى الواجهة مجدداً في الفترة المقبلة. والأمر يرتبط بمجموعة تطورات. ويُطرح "التطبيع" مع الأسد كابتزاز للقوى الدولية الأخرى كي تبادر إلى الانفتاح على حكومة دياب، ومساعدة لبنان على مواجهة الانهيار الاقتصادي. وبحال لم يتوفر ذلك، فإن لبنان سيذهب بعيداً في العلاقة مع دمشق. وهذا يرتبط بمعطيات ووقائع سياسية تبدأ في طهران وتنتهي في بيروت. ويستند أصحاب هذا الرأي على معطى أساسي هو الحديث في الجامعة العربية، وبعض الدول الخليجية، حول وجوب تفعيل العلاقة مع بشار الأسد، لمواجهة النفوذ التركي في سوريا. على هذا الوتر تلعب القوى اللبنانية من جهة لابتزاز دول الخليج، ومن جهة أخرى الترويج أن تجديد العلاقات السورية اللبنانية يهدف أيضاً إلى مواجهة الأتراك.
من السرية إلى العلنية
هذه اللعبة لا تنفصل عن محاولة اللعب على حبال أكبر وأبعد دولياً، خصوصاً أن في لبنان من يرغب بربط العلاقة مع دمشق بالعلاقة مع روسيا، والتي - حسب ما يقولون - سيكون لها دور في المرحلة المقبلة، بما يتعلق بترسيم الحدود مع سوريا، والتنقيب عن النفط والغاز. ولبنان لا يريد في هذا الملف أيضاً أن يكون إلى جانب تركيا، ما سيحتم تحسين العلاقة مع روسيا وسوريا "لأسباب اقتصادية تجارية وزراعية"، ولأسباب تتعلق بالنفط والغاز. حتماً هذا الملف لا يمكن فصله عن الموقف الأميركي، الذي لا يزال متشدداً في لبنان كما في سوريا، وسط استعداد أميركي للمزيد من الإجراءات ضد النظام السوري، مع تفعيل قانون قيصر وإدخاله حيز التنفيذ، والذي يطال كل المتعاونين مع نظام بشار الأسد.
عدد لا بأس به من الوزراء زاروا سوريا في الأيام الماضية في إطار لقاءات سرية، يعتبرون أنها يجب أن تكون دورية، على نحو يتناسب مع مواقعهم ومواقفهم السياسية. وزيرا حزب الله في الحكومة أجريا زيارات إلى دمشق. وزير الشؤون الاجتماعية رمزي مشرفية أيضاً زار سوريا قبل أيام وبحث مع المسؤولين السوريين ملف اللاجئين والعمل على إعادتهم. الأمر الذي أثار استغراب الكثير من المسؤولين والمنظمات الدولية، خصوصاً أن لبنان في أمسّ الحاجة حالياً إلى أدنى مساعدة، أو موقف إيجابي دولي لمواجهة أزمته الاقتصادية، بينما هذا النوع من التصرفات قد ينعكس سلباً عليه.
وتشير المعطيات إلى أن ملف العلاقة مع سوريا، سيطرح على بساط البحث، بشكل علني وموسع في المرحلة المقبلة، مع استعداد عدد أكبر من الوزراء للتوجه إلى دمشق، لبحث ملفات وزاراتهم.