حكومة جديدة في فرنسا: تحديات اقتصادية وسياسية تواجه فريق بايرو

أعلنت فرنسا يوم الإثنين تشكيل حكومة جديدة تحت قيادة رئيس الوزراء فرانسوا بايرو، في خطوة تهدف إلى تحقيق استقرار سياسي واقتصادي في ظل أزمة مالية خانقة تمر بها البلاد. تتألف الحكومة من مجموعة من الوزراء السابقين وكبار موظفي الدولة، الذين يعوّل عليهم بايرو والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإدارة الأزمات المتفاقمة.

وزارات رئيسية: التحدي الاقتصادي على رأس الأولويات
تم تعيين إريك لومبار، البالغ من العمر 66 عاماً، وزيراً للمالية. يتمتع لومبار بخبرة طويلة كرئيس لصندوق الودائع والأمانات، الذراع الاستثمارية للحكومة الفرنسية، وهو ما يجعله اختياراً استراتيجياً لمواجهة التحديات الاقتصادية. إلى جانبه، تولّت أميلي دي مونشالو منصب وزيرة الميزانية، في وقت حسّاس يتطلّب تخطيطاً مالياً دقيقاً.

سيلعب لومبار ومونشالو دوراً محورياً في إعداد مشروع ميزانية عام 2025، الذي يُنظر إليه كاختبار رئيسي لقدرة الحكومة الجديدة على معالجة العجز المالي المتصاعد. وقد أدّى الرفض البرلماني للميزانية المقترحة سابقاً إلى الإطاحة برئيس الوزراء السابق ميشيل بارنييه، مما زاد من تعقيد الوضع.

تشير التقديرات إلى أن العجز المالي في فرنسا سيصل إلى أكثر من 6% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية العام، وهو مستوى يثير قلقاً واسعاً بين الاقتصاديين وصنّاع القرار. وتتطلب معالجة هذا العجز قرارات صعبة، تشمل تقليص الإنفاق وزيادة الإيرادات، وهو ما قد يؤدي إلى تصعيد التوترات مع المعارضة البرلمانية.

تهديدات بسحب الثقة

رغم التفاؤل الحذر، يواجه فريق بايرو تهديداً مستمراً بسحب الثقة من البرلمان بمجرد عودته من العطلة في 13 كانون الثاني (يناير). يأمل الرئيس ماكرون في أن يتمكن بايرو من تفادي هذا السيناريو حتى تمّوز (يوليو) المقبل، موعد الانتخابات البرلمانية الجديدة. ويعكس هذا الوضع هشاشة التحالف الحكومي، حيث تحتاج الحكومة إلى دعم واسع لضمان تمرير سياساتها.

إلى جانب التعديلات الجديدة، حافظت الحكومة على استمرارية بعض المناصب الوزارية الأساسية. بقي برونو ريتايو وزيراً للداخلية، وجان نويل بارو وزيراً للخارجية، وسيباستيان ليكورنو وزيراً للدفاع. هذه الاستمرارية تهدف إلى ضمان استقرار سياسات الأمن والدفاع والشؤون الخارجية، في وقت تحتاج فيه فرنسا إلى تعزيز موقعها الدولي وسط اضطرابات عالمية.
تعتبر الانتخابات البرلمانية المقررة في تمّوز (يوليو) محطة حاسمة لتحديد مستقبل الحكومة وسياساتها. يسعى ماكرون إلى استغلال هذا الاستحقاق لتأمين أغلبية برلمانية أقوى تدعم أجندته الإصلاحية، خصوصاً في مجال الاقتصاد والميزانية.

نظرة مستقبلية

تواجه الحكومة الجديدة تحديات كبيرة على عدة جبهات. فاقتصادياً، يتعين عليها التعامل مع عجز مالي متزايد، وارتفاع في معدلات البطالة، مع تباطؤ النمو الاقتصادي. سياسياً، تحتاج إلى تجاوز عقبة البرلمان، وتجنب سحب الثقة، وهو أمر يتطلّب قدراً كبيراً من التفاوض والإقناع.

تشكيل الحكومة الجديدة يعكس رغبة القيادة الفرنسية في معالجة الأزمات المالية والسياسية التي تضغط على البلاد. نجاح بايرو وفريقه يعتمد على قدرتهم على تحقيق توازن دقيق بين إصلاحات اقتصادية ضرورية وتقديم تنازلات سياسية تحافظ على استقرار الحكومة حتى موعد الانتخابات.

مع هذه التحديات، يبقى المستقبل السياسي والاقتصادي لفرنسا معلقاً على أداء الحكومة الجديدة وقدرتها على بناء توافق داخلي وإقناع المواطنين بجدوى سياساتها.