المصدر: الراي الكويتية
الأربعاء 9 شباط 2022 01:18:44
تَقاسَمَ المشهد في بيروت، تَجَدُّد المسعى الأميركي للتوصّل إلى تسوية للنزاع البحري بين لبنان وإسرائيل، إن لم يكن على قاعدة ترسيم الخطوط فوق البحر، فعلى أساس تقاسُم الثروات والحقول المشتركة تحته، و«النزعات» الداخلية المتمادية للمضيّ بنهج «تَقاسُم الكعكة» في كل حقول السياسة والمال والإدارة و«تَبادُل» الصفقات الانتخابية والقضائية تحت الطاولة وفوقها.
ومع بدء الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين زيارة لبيروت، أمس، لم يكن ممكناً الجزم بمآلات مهمّته، وإن كان شكلُها الذي يكرّس استبدال المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية غير المباشرة برعايةٍ أممية (في مقر «اليونيفيل» في الناقورة) بديبلوماسيةِ الزيارات المكوكية لبيروت وتل أبيب يؤشّر لانتقال طروحات الأميركيين من محاولة الترسيم البحري إلى «رسم حدود» تقاسُم الآبار الدفينة، من دون أن يُعرف وفق أيّ قاعدة:
- «حقل قانا كاملاً للبنان (وهو في البلوك رقم 9 الذي تقع غالبيته في المنطقة المتنازع عليها المعروفة برقعة الـ 860 كلم مربعاً وفق خط التفاوض «الأصلي»، الذي اعتمده لبنان أي 23)، في مقابل حقل كاريش كاملاً لإسرائيل» (بات جزء منه في «المنطقة الموسَّعة» المتنازَع عليها بعد رفع لبنان سقف التفاوض وفق الخط 29 الذي يزيد مساحة منطقته الاقتصادية الخالصة جنوب الخط 23 بنحو 1400 كلم مربع).
- أو تقاسُم الثروة الغازية في الحقول المشتركة ضمن مساحة الـ 860 كلم مربعاً وفق توزيع حقوق بنسبة 55 في المئة لمصلحة لبنان والباقي لإسرائيل، بحسب ما سبق أن حدده الوسيط الأميركي الأول فريدريك هوف، على أن يُعهد مثلاً إلى طرف ثالث عملية الاستخراج من المنطقة المتنازع عليها.
في موازاة ذلك، لم تهدأ في الكواليس «نقزة» بعض أطراف الداخل من أبعاد وضْع الديبلوماسية اللبنانية بإيعاز من رئيس الجمهورية ميشال عون «رِجْلاً» في الخط 23 وأخرى في الـ 29 (من دون أن يصار لتوقيع مرسوم تعديل الحدود البحرية على هذا الأساس)، وفق ما عبّرتْ عنه الرسالة التي وُجّهت إلى مجلس الأمن (رداً على كتاب إسرائيلي اعترض على فتح لبنان دورة التراخيص الثانية للتنقيب في المياه البحرية)، والتي فوجئ بها حتى رئيس البرلمان نبيه بري الذي كان تولى رعاية مسار شاق أفضى لإرساء وإطلاق آلية التفاوض غير المباشر وفق الخط 23.
وتسود خشية من أن تُعزز هذه الرسالة، منطق «تقاسم الثروة» عوض ترسيم الحدود وتكريس الحقوق كاملةً، ما يعطي هذا الملف طابعاً سياسياً - تطبيعياً عوض التقني، ناهيك عن المَخاوف من مسعى لاستدراج أخْذ وردّ مع واشنطن من جانب فريق عون ربْطاً بالعقوبات الأميركية على رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل.
وفيما نُقل عن مصادر سياسية «أن الرسالة اللبنانية الى الأمم المتحدة ستكون من بين العوامل التي ستؤخر التوصل إلى تسوية، وهذا ما سيظهر في الأيام المقبلة بشكل اكثر وضوحاً»، استوقف دوائر متابعة أن عودة ملف النزاع البحري مع اسرائيل إلى الواجهة - بأبعاده فوق العادية التي تطلّ على رقعة صراعات المنطقة وعملية ترسيم النفوذ فيها - بدفْع من واشنطن تترافق مع تزخيم الديبلوماسية الأميركية الاهتمام بالواقع اللبناني من أكثر من زاوية أبرزها الانتخابات النيابية المقرَّرة في 15 مايو المقبل.
وفي حين برز الكشف عن لقاء عُقد بين وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير والقائمة بأعمال مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى يائيل لامبرت (الاثنين في الرياض) تخللته مناقشة القضايا الإقليمية، بما في ذلك لبنان، لم تتوانَ السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا عن التشديد عبر «رويترز» على أنه «يتعيّن إجراء الانتخابات البرلمانية في لبنان في مايو».
وقالت «هناك إجماع في المجتمع الدولي على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها بصورة تتسم بالنزاهة والشفافية»، مضيفة «لا مجال للمراوغة».
وجاءت هذه الرسالة الحازمة، لتؤكد «الخط الأحمر» الدولي أمام أيّ مناورات داخلية بدأ يتصاعد «دخانها» وترمي لتطيير استحقاق 15 مايو، ربْطاً بحسابات داخلية، أو إقليمية تقتضي «مرحلة انتظارية» لاكتمال ملامح أيّ تسويات (في الملف النووي الإيراني) وحدودها، أو الإبقاء على هامش واسع من الخيارات المفتوحة بحال اقتضت الأشهر المقبلة تثبيت «الإمساك بأوراق القوة» في أيّ عملية «تقاسُم ساحات».