المصدر: وكالة أخبار اليوم
الخميس 18 شباط 2021 18:39:34
هل عاد زمن الهدايا الأميركية - الروسية الى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، على مسافة شهر تقريباً من الإنتخابات البرلمانية في إسرائيل؟
فالرئيس الأميركي جو بايدن اتّصل بنتنياهو، على وقع الإعلان عن إجراء الجيش الإسرائيلي تدريبات ناجحة على ضرب 3 آلاف هدف لـ "حزب الله" خلال 24 ساعة، في وقت أُعلِنَ عن أن روسيا تعمل على صفقة لتبادل الأسرى بين إسرائيل وسوريا، فيما استكملت القوات الروسية انسحابها من مطار "تيفور" العسكري، بموازاة إقصاء روسيا بعض الميليشيات الموالية لإيران من مطار حماة العسكري، متّهمةً قياداتها بالخيانة، وبتهريب وترويج المخدرات، وبتهريب الأسلحة.
فهل تتساقط الخطوط الحمراء عن عمل إسرائيل ضدّ إيران في المنطقة، كلياً؟
الى الوراء؟
أوضح مدير "المنتدى الإقليمي للدراسات والإستشارات"، العميد الركن خالد حماده، أن "ما يجري على الساحة السورية، لا يمكن وضعه تحت عنوان هدايا روسية لنتنياهو".
وأشار في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "الإدارة الأميركية الجديدة، بالسياسة التي اتّبعتها، تراجعت خطوات الى الوراء من أجل رؤية أكثر شمولية للمشهد في المنطقة، وهي تأخذ في الاعتبار اتّفاقيات التطبيع، ومستوى العلاقات الروسية - الخليجية، والأزمات مع صراع النّفوذ على الساحة السورية، والأذرُع الإيرانية التي لا تقلّ أهمية عن الملف النووي والصّاروخي".
منطقة واحدة
ورأى حماده أن "الإجراءات الروسية في سوريا، يمكن إدراجها تحت عنوان الكشف عن الإمكانات الروسية للإدارة الاميركية الجديدة، تمهيداً لصياغة جديدة للعلاقات بين الطرفَيْن في الشرق الأوسط".
وأضاف:"المناورات الإسرائيلية الأخيرة وضعت جنوب لبنان، وجنوب سوريا، في بقعة عمليات واحدة، وهي تتزامن مع الإستمرار في ضرب البنى التحتية التابعة لـ "حزب الله" والميليشيات الإيرانية في جنوب دمشق، وفي المناطق القريبة من الحدود اللبنانية - السورية، وهو ما يُثبت أن منطقتَي الجنوب اللبناني والسوري صارتا منطقة واحدة".
ثوابت
ودعا حماده الى "النّظر لمجموعة ثوابت في السياسة الروسية الميدانية. فالتسهيلات التي قدّمتها القيادة الروسية الموجودة في سوريا للطيران الإسرائيلي لضرب العُمق السوري والأهداف الإيرانية، وكلّ ما يتّصل بها من تشكيلات عسكرية سورية، يدلّ على أن روسيا هي الضامن لكلّ الترتيبات المستقبلية بين سوريا وإسرائيل، في المستقبل القريب".
وتابع:"الحديث عن صفقات تبادُل الأسرى، واللّقاءات التي جرت في قاعدة "حميميم"، وزيارة وفود الى موسكو، والبحث الذي يقوم به الروس في مخيّم اليرموك عن رفات جنود إسرائيليين، تؤكد كلّها أن هذه الخطوات الجزئية، ستساهم في تشكيل مشهد جديد من التقارُب الإسرائيلي - السوري الذي لن يتمّ، ولن يُكتَب له النّجاح، إلا إذا حصل برعاية روسية".
ليست بعيدة
واعتبر حماده أن "ما جرى في مطار "تيفور"، ومطار حماه، من خطوات روسية، قد يندرج ضمن هذا السياق أيضاً. فإيران تريد أن يكون إيقاع التقارُب السوري مع إسرائيل عبرها، وهي ليست بعيدة منه، لأنها تريد في النهاية التفاوُض مع واشنطن على أساس أنها اللاعب الرئيسي في كل منطقة الشرق الأوسط، ولا سيّما في العراق ولبنان وسوريا".
ورجّح أن "حمص قد تتحوّل في مستقبل قريب الى بقعة لوجستية أساسية لخدمة الصّراع في القطاع الجنوبي، أي في لبنان وسوريا. كما يُرجَّح أنه من بعد تعذُّر استخدام محور التموين البرّي الذي يمرّ عبر العراق ومنطقة البوكمال، والحديث الإيراني عن استحداث الخط البحري الذي يمرّ من بندر عباس الى اللاذقية نحو الداخل السوري، ستكون حمص بقعة لوجستية خلفية لمنطقة العمليات في لبنان وسوريا".
اتّهامات
وقال حماده:"إخلاء الروس هذه المنطقة قد يعود الى سببَيْن، الأول هو عدم اقتناعهم باستمرار المواجهة المفتوحة بهذا الشكل. أما الثاني، فالقول إن هناك تمايُزاً كبيراً في المهام والمواقف من المسألة السورية، ما بين طهران وموسكو".
وأضاف:"أما ما جرى في مطار حماه، فيدلّ على أن هناك قيوداً روسية على كل ما يتعرّض لوجود موسكو على الساحل السوري، وفي المناطق الشمالية من سوريا، حيث أبرم الروس اتّفاقات مع القيادة التركية، يعتبرونها من الثوابت، وهم طبعاً لن يسمحوا لطهران باستثمارها".
وتابع:"الإتهامات التي ساقتها روسيا لتلك الميليشيات معروفة لدى القيادة الروسية، لكَوْن موسكو تدرك أن جزءاً كبيراً من التمويل الإيراني يعتمد على التجارة الممنوعة، وعلى تهريب المخدرات وفرض الخوّات. ولم تكُن (موسكو) لتوقف تلك الأنشطة، لولا اقتراب نضوج استحقاقات جديدة".
وضع جديد
ولفت حماده الى أن "المنطقة تقترب من وضع جديد، لا سيّما إذا وضعنا في الحسابات الإنتخابات الرئاسية السورية أيضاً، والتي يبحث على ضوئها (الرئيس السوري) بشار الأسد عن شرعية معيّنة، ثمنها قد يكون نوعاً من التقارُب مع إسرائيل، او اتّفاقات تطبيع، أو موقفاً جدياً من قِبَله، من التواجُد الإيراني في سوريا ولبنان".
وأشار الى أن "كل هذا المشهد هو أكثر من هدايا أو خدمات تقدّمها روسيا لإسرائيل، بل هو ترتيب أوراق انطلاقاً لمرحلة جديدة ستكون مختلفة عن السابقة".
وختم:"اتّصال بايدن بنتنياهو طبيعي، وإن كان تأخّر. فلا تزال إسرائيل وأمنها في قائمة الأولويات الأميركية. كما لا تزال القيادة الأميركية تحتفظ بنظرة موضوعية للمنطقة، وهي لن تدخل في مغامرات جديدة، بمعنى أن كل مرحلة النّفوذ السابقة التي حكمتها الصّدامات الطائفية، والميليشيات الإسلامية التي تمّ إنتاجها هنا وهناك برعاية أميركية، وتدريب إيراني، وتنسيق مع النّظام السوري، تغيّرت. ونحن ذاهبون الى مشهد جديد يُعيد الاعتبار الى الدول المُشارِكَة في بقعة النّفوذ هذه، وليس للّاعبين خارج الدول، أو ما كان يسمّى بـ "Non - state actors".