المصدر: المدن
الكاتب: وليد حسين
الجمعة 24 آذار 2023 15:34:39
فيما يتساءل الأساتذة عن سبب عدم تلقيهم إشعارات قبض الدفعة الثانية من الحوافز الدولارية (مئتي دولار) يتواصل الإضراب في التعليم الثانوي والمهني، وسط تسجيل نسبة تعليم لا تفوق الثمانين بالمئة في التعليم الابتدائي والمتوسط. وسيحمل الأسبوع المقبل المزيد من عصيان الأساتذة على التعليم، بعدما أخلت وزارة التربية في تعهدها بدفع الحوافز عن الأشهر الفائتة (الدفعة الأولى مئة دولار والدفعة الثانية مئتي دولار).
عالقة بين الوزارة والـOMT
كان يفترض أن يتلقى الأساتذة حوافز المئتي دولار يوم الإثنين الفائت. لكن نسبة الأساتذة الذي وصلتهم الإشعارات للقبض لا تتجاوز الـ2 بالمئة في لبنان. وتلقت "المدن" شكاوى عدة من الأساتذة من مختلف المناطق، ليتبين أن أستاذاً أو اثنين في كل ثانوية أو مدرسة، من أصل أكثر من ثلاثين أستاذاً، تلقوا إشعارات القبض. أما بعض من وصلهم إشعارات، وتوجهوا إلى شركة تحويل الأموال فلم يتمكنوا من سحب الحوافز. وأُبلغوا أن ثمة أخطاء تحول دون القبض، وأن عليهم مراجعة وزارة التربية. ومن راجع وزارة التربية قيل له أن البيانات صحيحة وعليه مراجعة شركة تحويل الأموال، كما أكدوا لـ"المدن". علماً أن البلبلة التي حصلت دفعت رابطة أساتذة التعليم الثانوي إلى إصدار بيان أكدت فيها أنها تتابع الموضوع مع وزارة التربية، وأن التأخير مرده إلى سبب تقني في مصرف لبنان.
أخطاء في الحسابات
وفق متابعة "المدن"، تبين أن الرسائل القليلة التي وصلت إلى الأساتذة معنونة من منظمة اليونيسف، بخلاف الرسائل السابقة المعنونة من شركة تحويل الأموال Omt. وأكدت مصادر "المدن" في وزارة التربية أن الرسائل التي ترسل بعنوان اليونيسف يفترض أنها لمن يعلّم في فترة بعد الظهر، أي بتدريس الطلاب السوريين. ومن المستغرب أن تصل إشعارات القبض لأساتذة يعلّمون في فترة قبل الظهر حصراً، معنونة من اليونيسف.
لكن مصادر مطلعة أكدت أن الملف أكثر تعقيداً من ذلك. فلا يوجد أخطاء في طريقة الدفع بين الوزارة واليونيسف، بل ما حصل أن الوزارة أخطأت في عملية حساب دفع الحوافز. فقد تبين أن المبالغ التي حددتها الوزارة لتمويل الحوافز غير كافية. وهي تحتاج إلى المزيد من التمويل لتسديدها ما يتوجب عليها لتغطية الفرق الذي تعهدت به الدول المانحة. أما وصول رسائل إشعارات معنونة من اليونسيف، فيعني أن المنظمة الدولية بدأت بدفع ما هو متوجب عليها. لكن إخلال الوزارة في تمويل الجزء المتعلق بها من الحوافز أخر عملية دفعها للأساتذة.
حوافز الـ125 دولاراً
وتضيف المصادر أن الدول المانحة تعهدت بدفع حصة لتمويل بدل الإنتاجية، بشرط حصر الدفع بأساتذة التعليم الرسمي (تعليم أساسي وثانوي)، وبشرط دفع الدولة اللبنانية حصتها من الحوافز. وبعد اتضاح الفرق في حسابات الوزارة توقف دفع الحوافز مؤقتاً. لكن ثمة اجتماعات مكوكية بين مسؤولين في الوزارة ومنظمة اليونسف لإيجاد الحلول المناسبة.
وتلفت المصادر إلى أن إشكالية حوافز المئتي دولار ستحل قريباً، ويفترض أن يتلقى الأساتذة الإشعارات مطلع الأسبوع المقبل. لكن سيتأخر الدفع مثل الحوافز السابقة. أما المشكلة الكبرى فهي في تمويل حوافز الأشهر المقبلة لاستكمال العام الدراسي، أي مبلغ الـ125 دولاراً بالشهر. فقد أجرت الوزارة حساباتها على أساس سعر صرف 43 ألف ليرة لسلفة الخزينة، فيما بات سعر منصة صيرفة أكثر من تسعين ألف ليرة. وسينكشف عجز الوزارة مطلع الشهر المقبل. ما يؤدي إلى إحداث المزيد من البلبلة في صفوف الأساتذة.
استبعاد مديريات الوزارة
لكن أخطاء الوزارة لا تقتصر على كيفية إجراء الحسابات لتمويل الحوافز، واتضاح وجود فارق بين المبالغ المطلوبة وتلك التي تستطيع تأمينها، بل أيضاً بعدد الأساتذة وببياناتهم. فقد تبين أن جداول القبض لا تضم أسماء الأساتذة (تعليم أساسي وثانوي) حصراً، وفق الاتفاق المعقود مع الدول المانحة. بل تضم أسماء موظفين وأساتذة في التعليم المهني.
وتضيف المصادر أن الإشكالية التي وقعت فيها وزارة التربية في قضية الحوافز أن الإدارة أقصيت جانباً، وتولى المدير العام بالتكليف عماد الأشقر الأمرَ مع مسؤول وحدة المعلوماتية ومسؤول المشاريع الدولية وأحد مستشاري الوزير. فقد تم استبعاد مديريات التعليم ومختلف الإدارات من الموضوع، سواء لناحية إجراء الحسابات، أو لناحية إعادة التدقيق في بيانات الأساتذة. وقد تبين أن بيانات جداول القبض، سواء تلك التي في عهدة الوزارة، والتي أرسلت إلى اليونيسف، تحتوي على أخطاء بالآلاف. والمسؤولية لا تقع على عاتق عمال المكننة في المدارس حصراً، بل على اللذين أقروا الجداول التي تضم أسماء أشخاص غير مستحقين.
وعليه، سقطت وزارة التربية في امتحان حسابات الحوافز التي كان من المفترض بها أن تعيد الأساتذة إلى التعليم. فكم الأخطاء وعدم اتضاح كيفية تمويل الحوافز والخوف من انكشاف عجز الدولة عن تأمين حصتها من بدل الانتاجية، أدت إلى اتساع رقعة احتجاجات الأساتذة. ومع نهاية الشهر الحالي، يصبح القطاع حكماً بإضراب شامل.