المصدر: النهار
الكاتب: يوسف بدر
الاثنين 28 تشرين الأول 2024 08:47:46
على منبر جمعة طهران الذي اعتدنا أنه منصة لإطلاق البيانات السياسية وليس للعظة الأخلاقية، وقف رجل الدين المتشدد أحمد خاتمي يقول: "إذا ارتكبت إسرائيل أدنى خطأ، فسنسحقها في عملية الوعد الصادق 3"!
لكن خاتمي الذي انقلب على أستاذه المعتدل، آية الله منتظري، وفضل التكسب من سلطة الملالي، وبشهادة رجل الدين الذي قاد الطلاب المجاهدين إلى الجبهة، أبو القاسم إقبالیان، قد ارتعدت فرائصه وهو يزور معهم جبهة الحرب مع العراق، متوسلاً أن يعود إلى بيته، لأنه رجل علم لا حرب! يطالب الآن بالحرب، ودوره فيها ليس أكثر من مجرد بوق!
لكن بينما ذهب إلى سريره، قامت الطائرات الإسرائيلية بقصف بلاده، وسواء ردت إيران أو لم ترد، هو يعرف جيداً أن "الوعد الصادق 3" إن صدق، سيتم بتوقيت أميركا وبرد حكيم! مثل باقي الضربات السابقة، فلا بلاده ولا حتى إسرائيل أو المنطقة أو القوى الدولية تريد الحرب، بل أن يبقى "الودعاء" هم ضحية الحرب الرمادية!
فالجميع منشغل بالتحالفات الاقتصادية وبتشكيل المصالح على أساس خرائط جيوسياسية وجيو-اقتصادية جديدة، فبينما كان هو يكرر تصريحات قادة الحرس الثوري، بأن المدن الصاروخية مستعدة لتوجيه ضربة جديدة، كانت حكومته غير مشغولة بالحرب وتطالب بضبط النفس وتراهن على تحالف بريكس في دعم تجارتها الخارجية!
ويعلمُ أيضاً أن جولة وزير خارجية بلاده، عباس عراقجي، التي شملت دولاً عربية وخليجية، وعقبتها جولة نظيره الأميركي، أنتوني بلينكن، كانت لضبط زاوية الضربة المنتظرة! حيث كانت الدفاعات الجوية الإيرانية تنتظرها قادمة من اتجاه سوريا والعراق، بعدما تم سد الطريق أمام الطائرات الإسرائيلية من الاتجاهات كافة التي تمتلك دفاعات جوية قوية، بل حتى قام عراقجي بزيارة البحرين المُطبعة مع إسرائيل، ورغم توتر العلاقات معها، على خلفية تصريحات رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، كمال خرازي، الذي شكك في إجراءات الأمم المتحدة حول إعلان استقلالها! لكن شاغل عراقجي الأهم كان عقلنة الضربة الإسرائيلية أولاً!
وخاتمي الجاحظ العينين، يدرك جيداً أن بلاده لم تمنح سوريا الدفاعات الجوية القادرة على التصدي للغارات الإسرائيلية، وأن روسيا قد جرّت الحرس الثوري معها كدرع بشرية إلى هناك، مغازلة لأوهام المتشددين! وأن بلاده أيضاً التي تتخذ من صدام حسين، عبرةً لمَن يريد أن يعتبر، هي لا تريد للعراق أن يسقط أو ينهض! بل أن يبقى في حاجة إلى جارته التي اتخذته طريقاً إلى شرق المتوسط، بذريعة الطريق إلى القدس!
والآن هي تجنى ثمار سياستها على حساب جيرانها، فالضربة لم تأتِ من جانب دول الخليج التي قامت بالتطبيع مع الولايات المتحدة وإسرائيل وروسيا والصين والهند وباكستان... بل جاءت من جانب الحلفاء الذين شلتْ أقدامهم بحرب ما بين الحروب!
ويبقى الخوف على لبنان الذي يواجه مصيراً معقداً، في ظل تركيبة سياسية داخلية معقدة، لا ترى فيها طهران إلا "حزب الله" الذي رثى خاتمي أمينه العام، السيد حسن نصر الله، واصفاً إياه بمثابة مالك الأشتر الخاص بالمرشد الأعلى علي خامنئي، أي كأنه بمثابة والي مصر من الإمام علي بن أبي طالب!
وقالها صراحة: "تُعمى عيونهم، ولن يروا شرق أوسط جديداً، بدون المقاومة"! ويبدو أن لبنان مصيره ألا يفلت من إيران التي فلتت من إسرائيل، فقد قال علي خامنئي في رسالة عزائه بخصوص اغتيال السيد هاشم صفي الدين، رئيس المجلس التنفيذي لـ"حزب الله": "حزب الله حي، يؤدي دوره التاريخي، وإيران ستواصل دعمها للمقاومين"! ما يعني أن حزب والفصائل المقاومة ستبقى الخيار الأفضل لإيران إذا أرادت معاقبة إسرائيل!