المصدر: المدن
الكاتب: دنيز عطالله
الخميس 22 آب 2024 10:59:37
ترأس الراعي الاجتماع أمس، بحضور المطارنة بولس مطر، بولس الصيّاح وسمير مظلوم، إضافة إلى رئيس عام المرسلين اللبنانيين الموارنة مارون مبارك. وشارك فيه سياسيون واقتصاديون وناشطون في الشأن العام، ممن ينتسبون إلى لجنة الاقتصاد، وإلى اللجنة الاستراتيجية، اللتين تنعقدان في فيء بكركي.
ليس تفصيلاً أن تعتبر الكنيسة المارونية خطر الاقتصاد الموازي تهديداً للكيان المشلّع اليوم، والمشّرع على كل المخاطر. وهي حين تراه يمس العيش المشترك فهي تؤشر ضمناً إلى خلل يستهدف فئة دون أخرى، وتحديداً المسيحيين.
العصيان المدني
دعوة البطريرك لم تأتِ من فراغ. فهو منذ سنوات يستمع إلى شكاوى الصناعيين والمزارعين والتجار وأرباب العمل وأصحاب الشركات، وحتى الموظفين والعمال. وهم يشكون له المنافسة غير المشروعة المتمثلة بالاقتصاد الموازي والتهريب والتهرّب الضريبي. وقد بلغت ذروتها بعد الأزمة الاقتصادية المتناسلة. و"قد جاءت الحرب لتُشل ما تبقى من قطاعات إنتاج وتضيف ركوداً على الاقتصاد، وتُظهّر حجم الضرر البنيوي الذي يلحقه الاقتصاد الأسود بالاقتصاد اللبناني"، وفق المجتمعين.
وقد شهد الاجتماع آراء متنوعة ونقاشات اتسم بعضها بالحدّة. وعلمت "المدن" أن بعض المجتمعين نقلوا ما وصفوه بـ "طلبات كثر من اللبنانيين، خصوصاً المسيحيين من بينهم، إلى اللجوء للعصيان المدني والامتناع عن تسديد الضرائب والرسوم وكل مستحقات الدولة".
حجة هؤلاء أن "كل من يلتزم بالقانون ويحترم الدولة ومؤسساتها ويعمل في إطار الاقتصاد الشرعي يخسر في لبنان مرتين: مرّة من خلال من يسرق عمله وينافس إنتاجه بالتهريب والتهرّب الضريبي، ومرّة بالضريبة التي يدفعها الملتزمون بسقف الدولة عنهم وعن سائر المتهربين. بالتالي، لا بد من صدمة توقف تعطيل الإنتاج والهيمنة والتشبيح على الدولة والاقتصاد والناس".
وقد طالب بعض الحضور بأن تدعو الكنيسة إلى العصيان المدني "لأن آخر الدواء الكيّ وقد شارفت العديد من المؤسسات الصغيرة، كما الكبيرة، على الإقفال بسبب الاقتصاد الموازي". وقد وصف بعضهم "ما يختبره المسيحيون اليوم من تهميش ومحاولة إفقار وتدمير مؤسساتي ممنهج، استهداف لم يشهدوه حتى في زمن الوصاية السورية على البلد وسرقة خيراته".
معالجة وطنية
بعد الاستماع إلى كل وجهات النظر، التي لم تختلف على التشخيص إنما تباينت في مقاربة الحلول، وجهت "الكنيسة" النقاش إلى حيث تراه ينسجم مع قناعاتها. فبدت متحفظة على موضوع العصيان المدني و"أي خروج من الدولة أو عليها".
وشدّد خطابها، على "وجوب التغيير من تحت سقف الدستور والقانون وهما حاسمان لجهة العدالة والمساواة بين المواطنين، الذين عليهم واجبات تجاه دولتهم كما لهم عندها حقوق". ومع الإقرار بأن "المسيحيين هم الأكثر تضرراً من الاقتصاد الموازي"، الاّ أن خطاب الكنيسة ينحو باتجاه "المطالبة بمعالجة وطنية، لأن الضرر يطال كل المواطنين الذين يعيشون ويحاولون العمل تحت سقف القانون واحترام الأسس التي يقوم عليها اقتصاد أي دولة، وبالتالي صمودها وازدهارها".
وبحسب معلومات متقاطعة استقتها "المدن"، فإن الكنيسة ستعمل على صياغة بيان تحذيريّ تسمي فيه الأشياء بأسمائها وتحمّل المسؤوليات بوضوح. والبيان الذي سيأخذ طابع النداء، لإضفاء الأهمية عليه، سيشرح إلى أين يمكن أن يؤدي المسار المعتمد في الاتكال على الاقتصاد الأسود وتداعياته على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والوطني. وفي قراءة الكنيسة، فإن "استمرار النزف الاقتصادي من خلال الاقتصاد الأسود وتدمير قطاعات الإنتاج يرقى إلى مستوى الخطر الوجودي الذي يهدد فعلاً الكيان اللبناني والعيش المشترك، ومحوره المساواة والعدالة، ودائماً، احترام الدولة وقوانينها ومؤسساتها".