المصدر: الحرة
الخميس 25 تموز 2024 12:00:21
تضمن خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، أمام الكونغرس الأميركي، عددا من التصريحات والمعلومات "غير الدقيقة" حول الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، التي دخلت الآن شهرها العاشر، وفق ما ذكرته صحيفة "الغارديان" وشبكة "سي أن أن".
والأربعاء، شدد رئيس الوزراء الإسرائيلي أمام الكونغرس الأميركي المنقسم حيال الحرب في غزة، على أن "انتصار" إسرائيل سيكون أيضا انتصارا لأميركا، داعيا البلدين إلى "البقاء متّحدين".
وخلال خطابه، أشار نتانياهو مرارا وتكرارا إلى المحكمة الجنائية الدولية، التي تسعى لإصدار مذكرات اعتقال بحقه وبحق وزير دفاعه، يوآف غالانت، وعدد من كبار قادة حماس، متهمة إياهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
المساعدات الغذائية لغزة
تحدث نتانياهو عن اتهام المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لإسرائيل "بتجويع سكان غزة عمدا"، واصفا ذلك بـ"التلفيق الكامل".
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي إن إسرائيل سمحت لأكثر من 40 ألف شاحنة مساعدات بالدخول إلى غزة، بما يعادل نصف مليون طن من الطعام.
ولكن وفقا لبيانات الأمم المتحدة، فقد دخلت 28,018 شاحنة مساعدات إلى غزة منذ بدء الحرب.
ولم تعد الطرق المؤدية إلى القطاع تشمل معبر رفح، الذي اقتحمته القوات الإسرائيلية في أوائل مايو، مما قلص إلى حد كبير إمدادات المساعدات إلى المناطق الجنوبية.
ومنذ ذلك الحين، دخلت 2,835 شاحنة فقط عبر معبر كرم أبو سالم في الجنوب ومعبر إيريز في الشمال، لتنقل جزءا صغيرا من المساعدات المطلوبة.
واتهمت منظمات الإغاثة إسرائيل بتعمد منع دخول المساعدات إلى غزة، وفرض قيود تعسفية ومتغيرة باستمرار على ما يسمح له بالدخول.
وقالت سالي أبي خليل، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بـ "منظمة أوكسفام" في مارس: "السلطات الإسرائيلية لا تفشل في تسهيل جهود المساعدات الدولية فحسب، بل تعوقها بشكل فعال".
حماية المدنيين
خلال خطابه، أشار نتانياهو إلى اتهام المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لإسرائيل "باستهداف المدنيين عمدا"، نافيا ذلك.
وقال: "لقد أسقط جيش الدفاع الإسرائيلي للتو ملايين المنشورات، وأرسل ملايين الرسائل النصية، وأجرى مئات الآلاف من المكالمات الهاتفية لإبعاد المدنيين الفلسطينيين عن طريق الأذى".
لكن مثل هذه الإجراءات غالبا ما تفشل في منع المدنيين من الوقوع في منطقة حرب، كما اتضح هذا الأسبوع عندما أصدرت القوات الإسرائيلية أمر إخلاء يؤثر على ما يقدر بنحو 400 ألف شخص في خان يونس، وفق "الغارديان".
وقال مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية "أوتشا": "صدر أمر الإخلاء في سياق الهجمات المستمرة التي يشنها الجيش الإسرائيلي ولم يمنح المدنيين الوقت لمعرفة المناطق التي يتعين عليهم المغادرة منها أو إلى أين يجب أن يذهبوا.. وعلى الرغم من أمر الإخلاء، استمرت العمليات العسكرية الإسرائيلية في المنطقة وما حولها دون هوادة".
وأوامر الإخلاء الصادرة عن الجيش الإسرائيلي تعني أن العديد من الناس في غزة اضطروا إلى الفرار مرارا وتكرارا.
في وقت سابق من هذا الشهر، قال أندريا دي دومينيكو، رئيس مكتب أوتشا، إن 90 في المئة من سكان غزة أجبروا على الفرار مرة واحدة على الأقل.
وفي حين صنفت القوات الإسرائيلية مناطق معينة مثل المواصي على أنها "مناطق إنسانية"، فقد كانت هناك غارات جوية على مناطق تم تصنيفها سابقا على أنها آمنة.
وتقدر وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" أن أكثر من 80 في المئة من إجمالي مساحة أراضي قطاع غزة "وضعت تحت أوامر الإخلاء أو تم تحديدها كمنطقة محظورة".
وقد أكد الفلسطينيون ومنظمات الإغاثة مرارا وتكرارا أنه لا يوجد مكان آمن في غزة.
ووصفت "أوتشا" أوامر الإخلاء الجماعي بأنها "مربكة"، وقالت إن القوات الإسرائيلية تصدر هذه المطالب حتى يهرب المدنيون بينما تكثف الهجمات على هذه المواقع أو الأماكن نفسها التي يمكن للمدنيين استخدامها كطرق للهروب.
وقالوا إن هذه الخيارات "تضع المدنيين في خطر أكبر وقد تزيد من الضرر الذي يلحق بهم".
وفي خطابه أمام الكونغرس قال نتانياهو إنه خلال زيارته الأخيرة لرفح، سأل أحد القادة العسكريين عن عدد المدنيين الذين قتلوا في رفح، وأجابه القائد "لا شيء عمليا، باستثناء حادثة واحدة حيث أصابت قنبلة مستودع أسلحة لحماس وقتلت عن غير قصد عشرين شخصا".
وربما تم إخبار نتانياهو بذلك، لكن الادعاء نفسه "كاذب بشكل يمكن التحقق منه"، فقد أدت الغارات المتعددة في رفح إلى سقوط ضحايا من المدنيين، وفق "سي أن أن".
ووقعت "الحادثة" التي أشار إليها نتانياهو في شهر مايو وأدت إلى مقتل 45 شخصا على الأقل في مخيم للنازحين الفلسطينيين.
وأصابت الغارة الجوية أكثر من 200 شخص بعد اندلاع حريق في المخيم في أعقاب الغارة، معظمهم من النساء والأطفال، وفقا لوزارة الصحة في غزة ومسعفين فلسطينيين.
وفي الأسبوع نفسه من تلك الغارة، قُتل ما لا يقل عن 29 فلسطينيا في هجومين إسرائيليين منفصلين على مخيمات النازحين في رفح، وفقا لمسؤولين فلسطينيين وأمميين.
المفاوضات مع حماس
قال نتانياهو إن الحرب في غزة قد تنتهي غدا إذا استسلمت حماس ونزعت سلاحها وأعادت جميع الرهائن، ولكن إذا لم يفعلوا ذلك فإن إسرائيل سوف تقاتل حتى تدمر قدرات حماس العسكرية، وتنهي حكمها في غزة وتعيد جميع الرهائن إلى الوطن.
وقال بعد استقباله بالتصفيق "في الوقت الذي نتحدث فيه، نشارك بنشاط في جهود مكثفة لتأمين إطلاق سراحهم (الرهائن). وأنا واثق من أن هذه الجهود ستنجح".
ولم يرد في خطاب نتانياهو أي ذكر لـ"وقف إطلاق النار"، على الرغم من أنه أشار إلى المفاوضات الجارية، وأشاد بالعملية العسكرية الإسرائيلية التي حررت أربعة رهائن لكنها قتلت ما لا يقل عن 274 فلسطينيا الشهر الماضي.
وأكد نتانياهو، الذي وعد بـ"النصر الكامل"، خلال خطابه، أن الضغط العسكري على حماس هو وحده الذي سيدفعها إلى التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار.
كما أصر على بقاء القوات الإسرائيلية في غزة على المدى الطويل وأن تكون قادرة على مواصلة القتال حتى لو تم التوافق على وقف مؤقت للأعمال العدائية.
لكن أولئك الذين لديهم معرفة وثيقة بمفاوضات الرهائن، وعدد من الإسرائيليين وحتى بعض عائلات الرهائن، يتهمون نتنياهو بـ"الوقوف في طريق التوصل إلى صفقة".
وفي استطلاع للرأي نشرته القناة 12 الإخبارية الإسرائيلية قبل وقت قصير من سفر نتانياهو إلى واشنطن، يعتقد ثلثا الجمهور الإسرائيلي أن إعادة الرهائن أكثر أهمية من مواصلة القتال في غزة، وأن "النصر الكامل" لنتنياهو "غير مرجح"، بحسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
وهذا الشهر، قال المفاوض الإسرائيلي السابق، غيرشون باسكن، إن الضغط العسكري الذي دام أكثر من تسعة أشهر لم يسفر إلا عن مقتل الرهائن والعديد من الفلسطينيين غير المقاتلين"، مطالبا بـ"عقد صفقة الآن".
وأكد أن المفاوضين الإسرائيليين يجب أن يختتموا المفاوضات "ويعرضوها على الشعب حتى يعرف الجميع أن رئيس الوزراء هو الذي يعرقل الصفقة".
واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس، إثر هجوم الحركة "غير المسبوق" على مناطق ومواقع محاذية لقطاع غزة في السابع من تشرين الأول، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.
وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل "القضاء على حماس"، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أتبعت بعمليات برية منذ 27 تشرين الأول، أسفرت عن سقوط أكثر من 39145 قتيلا، معظمهم من النساء والأطفال، وفق ما أعلنته وزارة الصحة في القطاع.