خطة جديدة لمواجهة التغيّرات المناخيّة... هل يكون "الحرق الوقائي" هو الحلّ؟

لم يمرّ فصل الصيف هذا العام مرور الكرام، بل مرّ تاركاً بصماته القاسية على كوكب الأرض منذراً بمستقبلٍ مخيف بيئياً على الصعيد العالمي. شهد العالم ارتفاع غير مسبوق لدرجات الحرارة، وبخاصة الشرق الأوسط، حيث انتشرت مناطق الضغط المرتفع المعروفة باسم القبة الحرارية عبر منطقة من شمال أفريقيا إلى جنوب أوروبا وجنوب آسيا. وكلّ ذلك يعود إلى الإحترار العالمي الذي يبسط نفوذه في العالم مخلّفاً كوارث طبيعية بشكل عام وأهمها الحرائق المستشرية في جميع أصقاع الأرض.

الحرق الوقائي ... ما أهميته؟

كشفت دراسة بيئية أنّ التغير المناخي يؤدي إلى زيادة كبيرة في خطر امتداد حرائق الغابات سريعاً، طارحةً أفكارا جديدة للوقاية بعد الكوارث الأخيرة التي شهدتها كندا واليونان وهاواي، ومن بينها عمليات الحرق الوقائي الرامية إلى تنظيف أرضيات الغابات. وأدى الاحترار المناخي، الذي تسبب به الإنسان إلى زيادة وتيرة "حرائق الغابات الشديدة" بنسبة 25 % في المتوسط، مقارنة بعصر ما قبل الصناعة، وفق ما توصلت إليه هذه الدراسة.

وتولى العلماء درس مجموعة من الحرائق التي حصلت بين عامَي 2003 و2020، وأجروا تحليلاً لتأثير معدلات الحرارة الأعلى والجفاف الشديد في الحرائق سريعة الامتداد، أي تلك التي تحرق أكثر من أربعة آلاف هكتار يومياً. هذا وأظهرت الدراسة أن تأثير التغير المناخي متفاوت. ففي حالة الجفاف الجزئي، كان ارتفاع درجة الحرارة كافيًا لارتفاع رطوبة الجو أو رطوبة النباتات إلى مستويات عالية تجعل الحرائق الشديدة أكثر احتمالاً، بينما كان تأثير ارتفاع درجة الحرارة أقل وضوحًا في حالات الجفاف الشديد من البداية.

وفي هذا الصدد، كشف الخبير البيئي البروفيسور ضومط كامل الحرق الوقائي يستلزم جمع الأشجار والأوراق الجافة داخل مناطق الغابات وحرقها عمدًا للتخفيف من مخاطر حرائق الغابات، فيتم اعتماد هذه الطريقة لمنع هذه الأشجار والأوراق الجافة من أن تصبح مصادر اشتعال محتملة لحرائق الغابات.

اضاف: ومع ذلك، فإن تنفيذ عملية الحرق الوقائي يجب أن يلتزم بخطط مدروسة ومراقبة صارمة، مع وجود موظفين مدربين ينفذون العملية. ويعد هذا النهج الحذر ضروريا لأن الأخطاء أثناء عمليات الحرق الوقائية قد تؤدي إلى تفاقم الأزمة.

واشار الى ان الوقاية من حرائق الغابات تشمل التخلص السليم من النفايات داخل بيئات الغابات، سواء كان مصدرها مصادر صناعية أو منزلية. ويجب التعامل مع هذه النفايات والتخلص منها بشكل آمن، لأنها يمكن أن تساهم أيضًا في حدوث حرائق الغابات. على سبيل المثال، قد تشتعل الأكياس البلاستيكية المهملة التي تحتوي على مواد كيميائية عند تعرضها لأشعة الشمس لفترة طويلة بسبب الغازات المنبعثة من هذه المواد.

ولكن وبحسب الخبير البيئي، يبقى السبب الرئيسي لاندلاع حرائق الغابات فهو تغير المناخ الحاد الذي وصل فيه كوكب الأرض إلى مرحلة "الغليان العالمي"، المصحوبة بحالة جفاف عامة امتدت للأراضي الزراعية، لينتج من ذلك تساقط أوراق الشجر بصورة أكبر وبكثافة أعلى.

حرارة الأرض تواصل ارتفاعها

إنّ حرارة كوكب الأرض ارتفعت منذ أواخر القرن التاسع عشر بنسبة 1.2 درجة مئوية نتيجة الوقود الأحفوري، ما أدّى إلى موجات حرارة طويلة وبوتيرة متقاربة. ويرجّح تصاعد درجات الحرارة في العالم لتتجاوز عتبة 1.5 درجة مئوية، وهي الحد المقرر لارتفاع حرارة الأرض، وذلك للمرّة الأولى خلال السنوات القليلة المقبلة.

هذا وأشار خبراء المناخ إلى إن هدف الحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية على المدى البعيد بما لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية أصبح بعيد المنال مع إخفاق دول العالم في تحديد أهداف أكثر طموحا، رغم ارتفاع درجات حرارة الأرض والبحر لمستويات قياسية على مدى شهور.

ظاهرة النينو... أخطر مما نتوقّع!

وبحسب الخبير البيئي، إنّ ظاهرة النينو تشير إلى ارتفاع في درجة حرارة مياه البحر السطحية بشكل لا يتناسب مع الفترة الزمنية، وهو ما كان ينتج ظواهر مناخية تتجلى في أمطار طوفانية قد تتطور لأعاصير، كما تتسبب في ما أسماه بالظواهر القصوى التي تحدث خلالها فيضانات وكوارث طبيعية.

وعن أسباب هذه التغيرات، أشار كامل في التغيرات المناخية إلى أن تغير المناخ ناجم بالأساس عن تصرفات الإنسان، فالغازات المنبعثة فاقمت من عمق الأزمة وجعلت الكوارث الطبيعية تتزايد بشكل كبير. كما أوضح أن المناطق الأفريقية والآسيوية من المتوقع أن تشهد بشكل أكبر تغيرات مناخية، خاصة في ظل صعوبة تأقلم هذه المناطق مع هذه التغيرات وعدم اتخاد إجراءات للتعامل السليم معها.