خطران يقلقان الطرابلسيين شمال لبنان: تخزين مواد ملتهبة في المستودعات والأبنية المتهالكة

المباني المهددة بالانهيار أو الآيلة الى السقوط في طرابلس ما عادت تشكل مصدر القلق الوحيد عند المستأجرين أو أصحاب الشقق في المدينة والجوار، بل أضيف اليها هاجس مقلق آخر  هو المواد المخزّنة في ملاجىء الأبنية المؤجرة على اختلافها، وما تحويه هذه الملاجىء التي باتت تعرف باسم "مستودعات" من مواد قابلة للاشتعال أو الانفجار، عند أي احتكاك كهربائي، كما حصل أخيراغً في مبنى الزيلع في الميناء، والمؤلف من ست طبقات، إذ اشتعلت النار في مستودعه (الملجأ) ما ادى الى انهياره بالكامل وسقوط ضحيتين من رجال الاطفاء.

سبب اندلاع الحريق كما بات معلوماً هو احتكاك كهربائي ادى الى اندلاع النار في المواد المخزنة في المكان التي تبين بعد التحقيقات، أنها بطاريات ليثيوم التي تستعمل لتخزين الطاقة الشمسية، إضافة الى مواد للدهان، وهي مواد بترولية سريعة الاشتعال ومادة الكربير الشديدة الاشتعال والانفجار.  وهذا ما حال دون اهماد الحريق وانهيار المبنى واستمرار انبعاث الدخان منه رغم هطول المطر واستمرار أعمال التبريد لأكثر من اسبوع.

وهذه الظاهرة وفقاً للاهالي جعلتهم يطالبون بلديتي طرابلس والميناء بـ"الكشف سريعاً على المستودعات في المدينتين، ومعرفة ما هو مخزن فيها من بضائع ومواد أخرى  للحؤول دون تكرار الكارثة، ومنع سقوط مزيد من الضحايا. وقد استجابت البلديتان رغبة الاهالي، وتولت عناصر الشرطة فيهما الكشف على بعض المستودعات، وهي تواصل مهمتها تباعً، لكن حتى الساعة لم تصدر أي من البلديتين تقارير عن نتائج الكشف لطمأنة الاهالي الذين يصرون على نقل المواد القابلة للاشتعال أو الانفجار في هذه المستودعات حفاظا على السلامة العامة".

مصادر طرابلسية ذكرت لـ"النهار" أن الملاجىء "ليست أساساً معدّة للتأجير كمستودعات بل بنيت خصيصاً للافادة منها في "منتفعات" الأبنية (شوفاج، مرآب، خزانات مياه وما اليها)، ولحماية سكان البناية في حال حصول حرب. لهذا كان الدفاع المدني يجري كشفا شبه دوري على الملاجىء للتأكد من سلامتها وسلامة الملتجئين اليها في الحروب، وكان ذلك في ستينات القرن الماضي وسبعيناته".

وتضيف أن الأهالي في "حرب السنتين" (1975 – 1976)، التجاْوا اليها لحماية أنفسهم من خطر القذائف وخصوصاً أن طرابلس شهدت قصفاً مدفعياً في أوقات مختلفة بعد انتهاء الحرب، أبرزها معارك أبو موسى - أبو عمار ("فتح" و"فتح الانتفاضة")، والحرب على حركة "التوحيد الاسلامي"  وما رافقها من قصف سوري على المدينة .

أما بعد ذلك، فلم يجر الكشف إطلاقاً على الملاجىء التي حولها أصحابها الى مستودعات يؤجرونها خلافاً للقوانين بهدف الكسب المادي."؟

وتشدد على "أننا لسنا ضد الاستفادة من المأجور، ولكننا ضد تخزين ما يهلك نفوسنا. لهذا وجب إبعاد كل خطر عنا وإزالته من المستودعات، وأن يكون الخزين بطرق منظّمة ومدروسة ما يسمح لعمال الاطفاء بحركة سريعة عند اندلاع حريق لا سمح الله، لا أن تبقى النار مندلعة لأيام من دون التمكن من إخمادها نظراً الى صعوبة الوصول اليها، والأهم أيضاً منع دخول المياه اليها وتركها فيها لتجف صيفاً دون عناء شفطها، ما يحولها بؤرة للحشرات والبعوض".


الى ذلك، فان هذا الهم لا يحجب هموم واقع الأبنية المتهالكة في التبانة وجوارها من الاحياء الشعبية القديمة في المدينة وحي القبة، فالشقق والمشاريع السكنية الهرمة لا تزال صامدة، ببركة الخالق، وهي لم تشهد إصلاحات منذ إنشائها قبل اكثر من خمسيبن عاماً، أو حتى ترميم ما أفسدته المعارك العسكرية بجولاتها المتواصلة. وقد أجريت أخيراً عملية إخلاء "مبنى الصفرا" في شارع الجهاد بعد ظهور تصدّعات وتشقّقات فيه، وتبين بعد الكشف عليه أان مستودعه تغمره المياه، ما اثر على أساساته وأعمدته.