خطر داعش لم يختفِ... واشنطن تحاول تأجيل الانسحاب من العراق

منذ مدة، تدور عدة نقاشات "عن بعد" حول بقاء القوات الأميركية والتحالف الدولي لمحاربة داعش في العراق.

فقد أوضح مسؤولون عراقيون في تصريحات بداية الأسبوع أن هناك اتفاقاً بإطار زمني واضح بين واشنطن وبغداد حول المسألة، لكن واشنطن التزمت الصمت إلى حدّ كبير جداً.

واكتفى الجانب الأميركي بالقول رسمياً إن المحادثات مستمرة. وترك المتحدّثون باسم إدارة الرئيس جو بايدن الكثير من الأمور معلّقة، من دون إيضاح، فيما من المنتظر أن يعقد مؤتمر التحالف ضد داعش قريباً.
خطر داعش لم يختفِ
وفي السياق، أكد مسؤول أميركي للعربية.نت/الحدث.نت أن همّ واشنطن الأول لا يزال ذاته، فالوجود الأميركي في العراق قائم لأن خطر داعش لم يختف".

كما أضاف "أن الولايات المتحدة موجودة هناك بسبب هذا الخطر".

إلا أن مقاربة الحكومة العراقية تختلف تماماً عن مقاربة الأميركيين، إذ تعتبر أن داعش لا يستطيع الآن أن يسيطر على بقعة من الأرض بل كل ما يستطيع فعله هو تشكيل بعض الخلايا للقيام بعملية إرهابية.

وبذلك تعتبر الحكومة العراقية ألا مبرّر لبقاء قوات أميركية أو دولية على الأراضي العراقية.
2011 وما بعده
غير أن الأميركيين ينظرون إلى تجربة العام 2011 بكثير من الريبة، ويعتبرون أن انسحاب قواتهم من هناك كان في ظل ضغوطات محلّية عراقية قادها رئيس الوزراء حينذاك نوري المالكي.

وفي نظرة إلى الوراء يرى الأميركيون أن قرار الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، وربما بدعم كبير من نائب الرئيس حينذاك والرئيس الحالي جو بايدن، كان مبرراً أيضاً بضغوطات الأوضاع في أفغانستان على القوات الأميركية ورفض بقاء القوات الأميركية من قبل العراقيين والدول العربية والإسلامية عامة.

أما الآن فيعتبر الأميركيون أن المشكلة لم تكن الانسحاب إنما العودة.
عدم تكرار العودة
إلى ذلك، يشمل تقييم الأميركيين لما حصل في العراق عند صعود داعش، انهيار القوات الحكومية العراقية أمام تمدّد التنظيم الإرهابي.

لهذا أوضح المسؤول الأميركي للعربية.نت/الحدث أن "المشكلة الحقيقية التي لا يريد الأميركيون تكرارها هي رؤية القوات العراقية تنهار مرة أخرى أمام عودة داعش بأي شكل من الأشكال".

كما يحذرون من الخطر الذي يشكّله تنظيم داعش أو أي تنظيم مماثل على الأمن في العالم وأن يضطرهم ذلك للعودة إلى الأراضي العراقية بعد مغادرتها بسنة أو سنوات.

لذلك يكرر الأميركيون دائماً القول إن "بقاءنا مرتبط بمكافحة داعش ومنع عودته.
الثقة الأمنية
في المقابل، لا يعتبر العراقيون أن مسألة انهيار البنية الأمنية العراقية مسألة مطروحة، بل يعطون الأولوية للثقة العالية في القوات الأمنية. كما يرى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن بناء القوات العراقية مكتمل وهي قادرة على حماية البلاد ومواجهة التنظيم الإرهابي، وأي تهديد مماثل وهو لا يحتاج إلى بقاء القوات الأميركية أو الدولية لهذه المهمة.

ومنذ أشهر، تراجع الأميركيون في الكلام الحار عن القوات الحكومية العراقية، فهم كانوا يتحدّثون عنهم كشركاء ويريدون إعطاء الانطباع عن دفء هذه العلاقات الثنائية. لقد تراجع هذا الكلام منذ حين خصوصاً لدى مناقشة قضية الانسحاب، وربما يشعر الأميركيون أكثر من أي وقت مضى أن البقاء في العراق هو الحلّ الأمثل لهم وللتأكد من أن داعش لن يعود.

الساحة العراقية
أما قضية "النفوذ" في العراق فيطرحها كل طرف من وجهة نظره.

فالميليشيات المؤيّدة لإيران تقول صراحة إنها لا تريد الأميركيين هناك.

بينما يعتبر الأكراد أن بقاء القوات الأميركية ضمانة لهم في وجه توسّع النفوذ الإيراني.

كما أن هناك الكثير من الزعامات العراقية التي تشعر أن بقاء الأميركيين ضمانة لهم في وجه "التمدّد الشيعي".

إلا أن الطرفين المعنيين أكثر من أي طرف آخر في هذه المسألة هما الأميركيون والحكومة العراقية، وفيما تقول هذه الأخيرة إنها لا تريد العراق ساحة نزاع أو منافسة بين إيران والولايات المتحدة، يمتنع الأميركيون في ظل إدارة بايدن عن التحدّث في هذه المسألة.

وفيما وضعت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب طرد النفوذ الإيراني في صلب سياساتها، لم تقل إدارة بايدن ذلك.

لكنها تترك انطباعا بأنها لا تريد إخلاء الساحة للنفوذ الإيراني، وتريد تأجيل الانسحاب إلى أبعد أجل ممكن، أو بناء علاقات عسكرية ثنائية تعطي واشنطن وبغداد باباً لتعاون مديد بين قوات البلدين.