خطوة سيمون كرم تُربك الحزب.. فهل يتغيّر مشهد السلاح؟

في لحظة تتكاثف فيها العواصف فوق الإقليم، خرج من القصر الجمهوري موقف سياسي - أمني ثقيل الإشارة، مع إعلان تكليف السفير السابق والمحامي سيمون كرم برئاسة الوفد اللبناني إلى اللجنة التقنية العسكرية المعروفة بالميكانيزم.

 خطوةٌ بدا منذ اللحظة الأولى أنها تتجاوز مجرد تعديل في تركيبة الوفد، لتلامس تحولًا في مقاربة الدولة للمشهد الحدودي بكامله.

وجاء البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية، على لسان الناطقة نجاة شرف الدين، ليحمل وضوحًا غير مسبوق، فالرئيس العماد جوزاف عون يتحرك انطلاقًا من قسمه الدستوري في حماية السيادة وصون الممرات الحيوية للأمن الوطني، ضمن قرار يعيد الدولة إلى دائرة الفعل.

وقد صدر التكليف بعد تشاور مباشر مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام، بما يعكس عودة نسقية للدولة عبر ثلاثيتها الدستورية، في لحظة تحتم أعلى درجات الحضور السياسي.

وعلى خط موازٍ، لم يكن التوقيت تفصيلًا، فواشنطن، التي ترأس اللجنة المنشأة عقب وقف الأعمال العدائية في 27 تشرين الثاني 2024، دعت بيروت إلى تعزيز المشاركة السياسية داخل الوفد، بعد موافقة إسرائيل على إدراج عضو غير عسكري ضمن طاقمها، بالتالي جاء اختيار كرم ليمنح لبنان ثقلًا تفاوضيًا غاب في مراحل سابقة.

وفي معلومات خاصة لـ kataeb.org، يتبين أن الهدف من هذا التعديل لا يقتصر على الجانب البروتوكولي، بل يتجه نحو وضع آلية حاسمة وسريعة لسحب السلاح من جنوب الليطاني، بما يشمل البيوت والمناطق السكنية، كخطوة أولى لضبط المشهد الأمني المنفلت منذ سنوات.

وفي المقابل، تتقاطع هذه التطورات مع العد العكسي لزيارة وفد من أعضاء بعثات مجلس الأمن إلى لبنان نهاية الأسبوع، فالقلق الدولي بدأ يتبلور بعد لقاء جمع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالعضو الدائم في مجلس الأمن لدى واشنطن مورغان أورتاغوس، حيث خلصت دوائر القرار إلى أن تل أبيب تميل نحو التصعيد، رغم غياب القدرة على تحديد حجمه وترجمته، خصوصًا بعد ما سُمي بمعادلة ما قبل زيارة البابا وما بعدها.

ومع ذلك، تشير مصادر مطلعة إلى أن إسرائيل لا تتحضر لعملية مشابهة للحرب الماضية، بل لمرحلة مختلفة في المقاربة والنتائج، لا سيما أن التطورات المتراكمة لبنانيًا وإقليميًا ودوليًا تدفعها إلى اعتبار أن اللحظة أصبحت مناسبة لمواجهة كبرى.

وعلى الضفة الأخرى، يرى سفير لبناني سابق أن البلاد فقدت آخر نافذة دولية للاستقرار، فالأشهر الأخيرة حملت مبادرات متزامنة من واشنطن والرياض والقاهرة لإيجاد ممر تفاوضي يخفف احتمالات الانفجار الكبير، لكن لبنان بحسب المصدر لم يلتقط اللحظة، لأن حزب الله رفض أي طرح يحد من نفوذه أو يعيده إلى منطق الدولة، وهكذا سقطت فكرة الوقت المستقطع الدولي من دون أن تُمنح فرصة اختبار فعلية.

ويشير المصدر إلى أن دخول طهران بثقلها الكامل أضاف تعقيدًا إضافيًا، فالقرار الإيراني يمنع التفريط بورقة الحزب، لأن الجبهة اللبنانية تُعد الرصيد الأثمن في الحسابات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، ومن منظور طهران، خسارة هذا الرصيد تعني خسارة نفوذ إقليمي بُني على مدى عقود، ما يجعل خيار الذهاب إلى مواجهة قاسية أقل خطورة من الانخراط في مسار يحد من نفوذها.

وبذلك، يجد لبنان نفسه أمام مرحلة لم تعد قابلة للتأجيل، بين قرار رئاسي يعيد الدولة إلى طاولة الميكانيزم، ومؤشرات إسرائيلية تنذر بعمل عسكري مختلف عن سابقاته، وفرصة دولية تبخرت قبل أن تتحول إلى صمام أمان فعلي يقف البلد على مفترق مصيري.

وعليه، تبدو الناقورة  بدءًا من اجتماع اليوم أكثر من مجرد نقطة تفاوض روتينية، إذ قد تتحول إلى المسرح الذي سيُرسم عليه شكل الأشهر المقبلة، إما في اتجاه تهدئة هشة تُمدد الوقت قليلًا، أو نحو اختبار قاسٍ يتجاوز كل ما عرفه اللبنانيون في السنوات الماضية.