المصدر: نداء الوطن
الكاتب: أبو زهير
الأربعاء 24 أيلول 2025 07:51:10
حسمها رئيس الحكومة نوّاف سلام أوّل من أمس، حينما أصدر تعميمًا موجّهًا لبلدية بيروت والأجهزة الأمنية لمنع استعمال الأماكن العامة البرية والبحرية (وعلى شوي الجوية) من دون تراخيص أو أذونات مسبقة.
لم يقصد سلام التعدّيات العامة على شاطئ العاصمة كما حاول البعض التذاكي من أجل الالتفاف على التعميم أو التخفيف من وطأته. وإنّما خصّ به حصرًا "حزب اللّه" بنواياه استخدام صخرة الروشة من أجل إضاءة صورتي أمينيه العامَين، حسن نصراللّه وهاشم صفي الدين، في ذكرى اغتيالهما.
لم أفهم نوايا "حزب اللّه" ولا إصراره على "اغتصاب" الصخرة. لم أعرف ما الهدف من تحويل مناسبة لذكرى أليمة كتلك، يفترض بها أن تكون جامعة برزيّتها، إلى مناسبة لشحن نفوس أهل العاصمة ضد "الحزب" وبيئته، وتذكيرهم دومًا بأنّ ثمة طرفًا "جقليظًا" (يعني مزعجًا وكِمِخًا) ينتظرهم على الكوع، ينكّد عيشهم عند كلّ مناسبة تخصّه؟
فكّرت مليًا وبحثت وقمّشت عن السبب، فاكتشفت بعد تمحيص وتأمّل بأنّ "الحزب" - ولا أعرف إن كان "الحزب"، كل "الحزب" موافقًا على خطوة كهذه وفي ظروف كهذه - ربّما لا يستهدف أهل بيروت ولا معلمهم الوحيد (صخرة الروشة)، بل جلّ ما يريده من الصخرة، وعن قصر نظر وغيظ، أن تكون "صندوق بريد". رسالة "واتساب" سريعة موجّهة إلى الغرب وإلى واشنطن تحديدًا، من أجل القول في هذه المناسبة: "ها أنا ما زلت أحكم القبضة على مفاصل العاصمة... بدليل وجود صورة شهدائي على رمزها الأول".
ولأنّ الناس في لبنان يفهمون البديهيات السياسية "بالفطرة"، لم يتأخروا بالنفور من هذا التصرّف، إذ هبّ المئات من "البيارتة" على مواقع التواصل الاجتماعي ضدّ هذه الخطوة، وسجّلوا اعتراضاتهم، كلٌّ على طريقته. لم تنحصر الاعتراضات بالناس العاديين، وإنما تعدّتهم إلى نوّاب العاصمة، إذ كان النائب فؤاد مخزومي أوّل المعترضين، فسجّل امتعاضه بتغريدة على منصّة "إكس"، ثم كرّت السُبحة: النائب وضاح الصادق أدلى بدلوه، حتى نائب الجماعة الإسلامية التي شاركت بحرب "الإسناد"، رفض الخطوة وسجّل اعتراضه... ما خلا الأحباش الذين غابوا عن صخرة الروشة وفضلوا البقاء في برج أبي حيدر، بينما لاذ النائب ابراهيم منيمنة بصمته كالعادة، ثم وصل متأخرًا فسجّل اعتراضًا رماديًا من على شاشة OTV (التي لا يشاهدها أيّ بيروتي) داعيًا إلى عدم استخدام المعالم العامة من دون ذكر "حزب اللّه" ولا صخرة الروشة.
حاول "الحزب" الالتفاف على المنطق فسرّب أنه سيسلّط الأضواء على الصخرة من البحر ليتهرّب من عبء التراخيص لكن نواف سلام كان أدهى في تعميمه. قال لمن يعنيهم الأمر "خوض البحر" يحتاج ترخيصًا 3D من البلدية، مؤكدًا أن البلاد لم تعد "سايبة" كما من قبل، واضعًا المهمة بيد الأجهزة الأمنية التي ستكون أعين البيروتيين شاخصة تجاهها لمراقبة كيف ستتصرّف.