المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الثلاثاء 21 أيلول 2021 17:29:56
بعد أن كان من المقرر انتخاب ثمانية أعضاء جدد في مجلس نقابة الأطباء في 17 تشرين الأول المقبل، دعت مجموعة "القمصان البيض" النقابة إلى تأكيد موقفها لإجراء الانتخابات في موعدها، محذرةً من أن "يكون التأجيل المستمر تحضيراً لضرب الاستحقاق الانتخابي في أيار 2022"، التاريخ المفترض لانتخاب باقي الأعضاء والنقيب. وشددت المجموعة على أنها لن تقبل أن "تبقى المنظومة الحاكمة متمسكة بمقاعدها حتى الانهيار الكامل".
يفسّر إنذار "القمصان البيض" باحتمال وجود محاولات من المنظومة الحاكمة، تهدف إلى عرقلة الانتخابات التي تهدد مقاعدها ومصالحها، خصوصاً وأن الانتخابات النقابية في القطاعات الأخرى أثبتت أن مكان أحزاب السلطة لم يعد مضموناً، بعد فشلها الذريع مقابل انتصارات المجموعات الممثلة لثورة 17 تشرين، ما يؤكد رفض المواطنين لها، لا سيما المثقفين والأكاديميين منهم. فمن أين ينبع تحذير "القمصان البيض" الأخير؟ وما الحقيقة الكامنة خلفه؟
مؤسس حركة الأطباء الثوريين "القمصان البيض" الدكتور جورج غانم أوضح لـ "المركزية" أن "الواقع في البلد والتطورات المرتبطة بانتخابات النقابة سبب تخوفنا، إذ إن مجلس النقابة لا يتغير دفعةً واحدة، بل يتم ذلك على ثلاثة مراحل، في كل من الأولى والثانية ينتخب أربعة أعضاء، على أن يعين سائر الأعضاء مع الرئيس في المرحلة الثالثة. بالتالي، انتخابات الدفعة الأولى ألغيت، بعدما كان مقررا إجراؤها في أيار 2020 لأسباب عدة منها كورونا والتعبئة العامة من دون تحديد موعد آخر... بعدها، تقرر جمع أول مرحلتين، أي انتخاب ثمانية أعضاء مرة واحدة، وكان من المفترض أن يتم ذلك في أيار 2021 ليعاد تأجيلها مرة جديدة للأسباب نفسها لا سيما الأوضاع الصحية. وبعد أخذ ورد أعلن نقيب الأطباء أنها ستجرى عقب انتهاء التعبئة العامة في أيلول، وحدد السابع عشر من تشرين الأول موعداً للانتخابات. لكن، الاعتراضات داخل مجلس النقابة، المسيطر على قسم منه من قبل الأحزاب التقليدية، أدت إلى نوع من شد الحبال وتم الطعن بقرار النقيب على أساس أن لا يحق له تحديد موعد الانتخابات بشكل أحادي. بناءً عليه، وبما أن وزارة الوصاية على النقابة هي الصحة العامة، وجه إليها النقيب رسالة خلال عهد وزير الصحة السابق حمد حسن، يطلب من خلالها الدعوة إلى انتخابات مع اقتراح إمكانية إجرائها خلال شهر تشرين الأول المقبل. وحصلت مماطلة من قبل الوزارة ومجلس النقابة وبعد محاولات عدة راسلت وزارة الصحة وزارة العدل لطرح إمكانية إجراء الانتخابات على اللجنة الاستشارية. كل ذلك إلى جانب انعدام الشفافية كلفنا هدرا للوقت وأسئلة وسعيا وجهودا مضنية لفهم ما يحصل بالتسلسل وبوضوح. واكتشفنا منذ أيام أن اللجنة الاستشارية أعادت المراسلة إلى وزارة العدل وباتت من جديد في وزارة الصحة، وعلى الأخيرة تعميمها على النقابة. اتصلنا بعدها بوزير الصحة فراس الأبيض للتحقق من صحة ذلك، على أمل أن يتمكن من الحصول على استيضاحات بسرعة لإعطاء التعليمات للنقابة حول إجراء الانتخابات، خصوصاً أن بعد اتخاذ القرار تعطى مهلة أسبوع لإقفال باب الترشيحات، وبعده بأسبوع يحدد موعد الانتخابات بعد شهر. بالتالي، التاريخ المعلن من النقيب لم يعد له قيمة، والأكيد أن الانتخابات لن تقع قبل نهاية تشرين الأول أو بداية تشرين الثاني"، آسفاً "لوجود دهاليز في مختلف مؤسسات وإدارات الدولة والوزارات والنقابة، حيث يعمل بعض الأفراد ضد آخرين ويعرقلون حسن سير الأمور".
وأشار غانم إلى أن "الأمور لا تزال ضبابية وما ذكرته آنفاً يدرج في إطار التحليلات والتوقعات. من هنا، أطلقنا إنذارا ونحذر من أن يشكل هذا الواقع نقطة سوداء في تاريخ النقابة وحتى في تاريخ ولاية النقيب. من غير المعقول لنقابة الأطباء، المفترض أن تكون قدوة للمجتمع، أن تؤجل انتخاباتها مرتين على التوالي، رغم أن بعض الأسباب مقبولة نوعاً ما لكن أغلبها سياسي ونقابي ضيق غير ديمقراطي ومفروض"، لافتاً إلى أن "عند ألغاء الانتخابات في أيار الماضي بحجة التعبئة العامة، استخدم مبنى النقابة بعد أسبوعين لإجراء انتخابات نقابة الممرضات والممرضين".
وعن الأسباب الكامنة خلف عرقلة أحزاب السلطة الانتخابات، اعتبر أن "تخوفها من نجاح المستقلين على غرار ما حصل في النقابات الأخرى بديهي. اليوم المنطومة الحاكمة بكاملها خائفة ليس فقط على الصعيد النقابي بل في الحكومة ومختلف مفاصل الدولة. والسياسة المتبعة منها مبنية على كيفية الإبقاء على التمثيل ونيل مقاعد نيابية، وإذا تبين لها أن الانتصار غير مؤكد ستعرقل الانتخابات".
وفي ما خص المرشحين، لفت غانم إلى أن "لا يبدو أن لوائح الأحزاب تبلورت بعد ولا ديناميكية لها حتى اللحظة من دون أن يعني ذلك أنها متنحية أو لن تعرقل وهي قادرة على الضغط والتشكيل والاتفاق في اللحظات الأخيرة. أما الديناميكية اليوم فللثورة وللمجتمع غير الحزبي. هناك لائحة لمرشحي "القصمان البيض" مؤلفة من أطباء يمثلون المستشفيات الجامعية والثورة والأطباء في مختلف المناطق، تعمل المجموعة على أرض الواقع وتحاول عبر برامجها إيصال نفس جديد إلى النقابة وكل القطاع الصحي لأننا مقتنعون أن النقابة يجب أن تكون اللاعب الأهم في إرساء السياسات الصحية لا أن يهمش دورها في الإطار على غرار ما حصل خلال السنوات الثلاث الأخيرة. كذلك، يعمل على تأليف لائحة أخرى نابعة من الحركات التصحيحة في النقابة ما قبل الثورة، إذا تمكنا من أن نكون لائحة واحدة سنفعل، وإلا فستكون اللائحة مستقلة".
وشرح غانم أن "القمصان البيض" مجموعة من الأطباء الجامعيين وتوسعت لتشمل جميع الأطباء في البلد الذين نزلوا إلى الشارع بعد ثورة 17 تشرين للدفاع عن حقوق المتظاهرين والمواطنين والمرضى وعن النظام الصحي. هذه المجموعة تعتبر أن أهم مطلب للثورة وفلسفتها مرتكز إلى إنشاء حكومة من المختصين المستقلين كي ينقذوا البلد بخبراتهم وكفاءاتهم بعيداً من المصالح الحزبية والطائفية والمناطقية... "القمصان البيض" ترفع المطلب ذاته في النقابة لأن الأحزاب شلّت عملها نتيجة حدة الخلافات والتجاذبات. هذا برهن أن إيصال ممثلي الأحزاب إلى مفاصل الحكم واتخاذ القرارات فشل فشلاً ذريعاً، كونها تبدّي مصالحها على المصلحة العامة. لذا، يجب إعطاء الفرصة واختبار معادلة مختلفة مبنية على معطيات أخرى. "القمصان البيض" تبغى ان توصل إلى النقابة مجموعة من الأطباء المختصين الذين يجمعون المستوى الجامعي مع مطالب الثورة التغييرية وهموم الطبيب على مختلف الأراضي"، مضيفاً "فلتسمح لنا الأحزاب بمحاولة طرق أخرى لإدارة النقابة. الأكيد أن هذا مطلب 70% من أطباء لبنان إذا سنحت لهم فرصة إيصال صوتهم".
وعما ستقوم به المجموعة في حال استمرار العرقلة، أكد غانم أنها "ستقف في وجهها عبر تصعيد حملتها الإعلامية. سلاحنا الوحيد الإعلام والكلمة والاعتصامات لأن لا سيطرة لنا على أي من القطاعات، على غرار الثورة التي تعتمد اللاعنف لإيصال صوتها".