دريان في رسالة الصوم: إما انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة أو الفوضى

وجه مفتي الجمهورية  الشيخ عبد اللطيف دريان رسالة الى اللبنانيين بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، جاء فيها:" يمر وطننا، ويمر شعبنا بسنوات عجاف، حيث تطبق المصاعب على الناس، صغيرهم وكبيرهم. وهي الظروف التي لا يستطيع الصمود فيها غير الكبار بإيمانهم وعملهم، وقبل ذلك وبعده، بإرادتهم العازمة أن يقدموا كل ما يستطيعون للإنقاذ الوطني والإنساني. قليلة هي الأوطان التي أصيبت بما أصيب به وطننا، وقليلة هي الشعوب التي أصيبت بما أصيب به شعبنا. والله سبحانه وتعالى يقول: بما كسبت أيديهم ويعفو عن كثير."

وتابع:" نحن بالفعل في زمن البلاء الأعظم، ولا نتوقع الخروج منه إلا برحمة الله. لكن في الحياة العامة، هناك مسؤولون ومسؤوليات. ونحن نقول بدون تردد، وبعد صبر طويل وإعفاء أطول: إن المسؤولين عن الحياة العامة، ما تحملوا مسؤولياتهم، ولا راعوا آلام شعبهم، وعز لديهم الإحساس والإحسان. قرأت قبل أيام أن ما نزل بلبنان ما عرفه بلدنا من أكثر من قرن. وقد عبر شعبنا في عام 2019 عن إرادته الخلاص من كل هؤلاء الناس، الذين ما راعوا الحرمات، ولا تحملوا المسؤوليات، كيف يفرغ منصب رئاسة الجمهورية؟ وتتصدع المؤسسات؟ وكيف تتعاظم الجرائم، وتتصاعد وتيرة المجاعة؟ لو كان هناك مسؤولون من أي نوع كان. تقول الأدبيات السياسية العالمية: إن إدارة الشأن العام، هي من أشرف الأعمال؛ لأنها لخدمة الناس: فكيف يخدم سياسيونا الناس؟ لم يكد يبقى شيء من رئاسة الجمهورية أقلها، ومع ذلك، فإنه الصراع ناشب عليها، وما بقي من المال العام شيء، ومع ذلك، ما يزالون يلاحقوننا على الليرة وعلى اللقمة."

واضاف:" وبصراحة، وبدون مواربة: إما انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة، أو الفوضى التي بدأت معالمها تظهر شيئا فشيئا في الوطن، ويدفع الثمن المواطن. المطلوب الاحتكام إلى الدستور، وانتخاب رئيس للبلاد، اليوم قبل الغد، لا نستطيع الانتظار أكثر من ذلك،  والاستجابة لمطالب الناس وحاجاتهم، الذين بدأوا يفقدون الحد الأدنى من مقومات الحياة، ومن المؤسف أن الطبقة السياسية في مكان، والشعب في مكان آخر. يا ساسة لبنان، كفى بالله عليكم تضييع الوقت، أصبحنا في المراحل الأخيرة من الانهيار، وحدوا رؤيتكم في مصير بلدكم، اتقوا الله في هذا الشعب الصابر الصبور المتألم. نريد حلا للخروج من النفق المظلم، إلى متى الانتظار لانتخاب رئيس للجمهورية؟ هل المطلوب الانهيار الشامل ليبنى على الشيء مقتضاه؟ إن العملة الوطنية انهارت، فماذا أنتم فاعلون؟ ماذا تنتظرون والناس تعاني الجوع والفقر وارتفاع كلفة الاستشفاء، أي نوع من البشر أنتم؟ وأي نوع من المسؤولين أنتم؟ لا يجوز بعد اليوم السكوت والتهاون بمصير لبنان واللبنانيين، فالساكت عن الحق شيطان أخرس في الجريمة التي ترتكب بحق اللبنانيين."

واكد ان دار الفتوى كانت وستبقى الحريصة على وحدة اللبنانيين، وترسيخ عيشهم المشترك، وتوحيد صفوفهم، والتصدي لكل من يعمل على تمزيق وحدة الوطن، فالبعض ينادي ويعمل على تقسيم بلدية بيروت العاصمة، التي هي رمز وحدة اللبنانيين في عيشهم الواحد، فبيروت بمسلميها ومسيحييها لن ترضى بالتقسيم، ونحن سنقف سدا منيعا في مواجهة المس بوحدة بيروت، وبوحدة مؤسساتها، وعلى الساعين لهذه الأفكار، أن يفكروا مليا بالأولويات التي تهم المواطنين، وتخفف عنهم المعاناة، وتضع حدا للبطالة، وأزمة الماء والكهرباء والاستشفاء، وحالة الضياع الذي يعيشه الوطن والمواطن، بيروت هي الوجه المشرق لدور لبنان ورسالته، وهي مقياس الوطنية والعروبة والإيمان في لبنان الجريح، وكلنا مدعوون لمداواة هذا الجرح الذي طال وقته، وآن لنا أن نلتقي لبناء الدولة الوطنية الجامعة لكل أبنائها.

وتابع:"وسط الهموم الكبيرة على لبنان، وعلى فلسطين وعلى سوريا، هناك بشرى خير تلوح في الأفق، بعد الاتفاق بين المملكة العربية السعودية وإيران، على استعادة العلاقات الدبلوماسية، وعلى التحاور لحل المشكلات. نحن نأمل أن يكون التوافق داعية سلام والتفات إلى الاستقرار، وخير الناس الذين تعذبوا كثيرا بسبب الفرقة والانقسام والتقاطع."

واضاف:" كما فجعتنا الزلازل في تركيا وسورية، داخلنا السرور على تضامن الجميع من حول البلدين المنكوبين. وفي فلسطين المحتلة، تحدث أهوال على البشر والحجر. ونحن نأمل أن يكون هناك تضامن بين العرب، على كف عادية المحتل وعدوانه. قالت الأمم المتحدة: إنها قصرت في إغاثة الشعب السوري، فماذا تفعل الأمم لإغاثة الشعب الفلسطيني؟".