المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: جوانا فرحات
الاثنين 2 كانون الاول 2024 17:25:13
بالتوازي مع عملية "ردع العدوان" التي أطلقتها الأربعاء الماضي فصائل المعارضة السورية المسلحة بمشاركة "هيئة تحرير الشام" وفصائل من الجيش الوطني، أحرزت المعارضة السورية تقدما سريعا مكّنها من السيطرة على معظم مدينة حلب وحاولت الزحف جنوبا باتجاه مدينة حماة لكن تقدمها توقف في ريفها الشمالي. أطلق الجيش الوطني السوري عملية عسكرية بإسم "فجر الحرية" شمال وشرق مدينة حلب، حيث توجد مناطق سيطرة "لوحدات حماية الشعب الكردي"وسيطر على مدينة تل رفعت التي تقع شمال حلب التي كانت لنحو 8 سنوات في قبضة الوحدات الكردية.
هذا التقدم السريع والتخطيط العسكري للعمليات على الأرض يحصل للمرة الأولى في سوريا ويؤشر إلى الجهوزية العسكرية التقنية الرفيعة للقوات المعارضة ، وامتلاكهم لأدوات وآلات عسكرية متطورة جداً ، بما في ذلك الملابس والخوذات المزودة بكاميرات واسلحة ودبابات حديثة.والأهم من كل ذلك هو الانتشار العسكري السريع ، اثناء السيطرة السريعة وبوقت قياسي على حلب بما في ذلك إحكام القبضة على مبنى مركز المحافظة ، إضافة الى بلدية حلب وساحة سعد الله الجابري ودوار الباسل وقلعة حلب. ولائحة السيطرة والتمدد مرجحة لأن تطول وتصل الشام.
إلا أن المفترض كان أن يبقى الوضع الميداني في سوريا شأناً سورياً، ولبنان في منأى عنه خصوصا أن أثلام الحرب الإسرائيلية على لبنان لا تزال تنزف وجعا وانهيارا وقلقاً من ان تعود الحرب قبل انقضاء مهلة هدنة الـ60 يوماً. لكن الواضح أن فترة الحياد سقطت مع تداول أخبار من طرابلس مفادها أن " مسؤول العلاقات السياسية في الحزب العربي الديمقراطي" رفعت عيد طلب من "الشباب" التعبئة للذهاب إلى سوريا والمشاركة في القتال ضد فصائل المعارضة. وقد وصل عدد منهم إلى محور حماة. وهناك مجموعة من منطقة بعل محسن تستعد للتوجه إلى سوريا للقتال بعدما وصلتها الدعوة مباشرة من الرئيس بشار الأسد بحشد العلويين للقتال في سوريا وتعبئة الفراغ الذي خلفه حزب الله في حربه مع إسرائيل في لبنان.
الكاتب السياسي والمختص في شؤون الحركات الإسلامية وقضايا الإرهاب أحمد الأيوبي يقولها بالمباشر" على كل علوي يتوجه إلى سوريا للقتال دفاعا عن نظام بشار الأسد أن يبقى هناك لأنه بذلك يثبت تخليه عن هويته اللبنانية وعن سلوك مذهبي وطائفي من شأنه أن يعيد الفتنة إلى طرابلس بعدما طويناها كمسلمين سنة وتجاوزنا كل الأفعال التي قامت بها المجموعات العلوية وآخرها المشاركة في تفجير مسجدي التقوى والسلام في طرابلس والويلات التي حصدها أبناء باب التبانة من جولات القتال الـ24 التي لم تجلب إلا الموت والدمار على كل أبناء مدينة طرابلس. إنطلاقا من ذلك، فإن أي مشاركة لأبناء الطائفة العلوية في القتال في سوريا دفاعا عن نظام بشار الأسد يعني التخلي عن الهوية اللبنانية وأدعوهم للبقاء في سوريا".
الأيوبي لا يتوقف عند مسألة "نكران الهوية اللبنانية" ويتخطاها إلى درجة دعوة القضاء والجيش اللبناني إلى محاكمة رفعت عيد وكل أفراد المجموعة التي ذهبت أو تستعد للذهاب إلى سوريا . ويؤكد أن ما"يحصل اليوم في سوريا يهدف إلى إعادة أهالي القرى والمحافظات التي طردوا منها على يد ميليشيات إيران وحزب الله حيث أقاموا مستوطنات فيها". ولا يستبعد وصول فصائل المعارضة إلى تخوم الحدود اللبنانية "المهم أن لا يقرر الحزب أن يعلنها حربا على هذه الفصائل لأنها ستكون أكبر حرب بين السنة والشيعة في التاريخ المعاصر".
مع تطور المعارك بدأت إيران في حشد ميليشياتها لتخوض الحرب في كل من سوريا ولبنان. لكن هل سيسمح الضغط الدولي الذي يمارس على إيران بأن تنقل عبر أذرعها دفة الحرب من لبنان إلى سوريا ومنها إلى الشمال اللبناني من جديد؟
يقول الأيوبي" ليست مسألة سماح أو عدم السماح للحشود الإيرانية القادمة إلى سوريا. إنما هل سيقوم التحالف الدولي بقصفها أم سيتركها لمقاتلة المسلمين السنة؟ هنا السؤال. ويضيف"البروباغندا الإيرانية تتباهى أنها تواجه الجماعات التكفيرية في سوريا وهذه كذبة التاريخ. فالفصائل التي دخلت مدينة حلب واستولت عليها للمرة الأولى، حافظت على كل مرافق المدينة الحيوية والإقتصادية والمصرفية كما على مؤسسات الدولة والأملاك الخاصة ولم تتعرض لأي مسيحي في المدينة بدليل أنها سمحت لأبناء الطائفة المسيحية بإقامة قداديس الأحد ولم تعترض على إقامة التحضيرات المقررة لعيد الميلاد.
ويشير إلى اللقاء الذي ضم زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني مع قيادات درزية وأخرى من كافة الشرائح ."باختصار المسلمون السنة ليسوا "وحوشا" كما تدعي ميليشيات إيران وما يحصل على الأرض متقن ومدروس والهدف منه الحفاظ على المصلحة العامة ومعاملة كل الشرائح بطريقة تضمن حقه في العيش بكرامة".
أكثر ما يخشاه الأيوبي أن يستمر حزب الله في المكابرة والعودة إلى الحرب "وهذا مرجح إذا ما استمر في التباهي بالنصر المزعوم والتمسك باستراتيجية ثلاثية شعب ،جيش، مقاومة، وعدم تسليم سلاحه علما أنه لم يعد ضروريا بعدما انتهت الحرب على جبهة الجنوب وعاد الإحتلال إلى الأراضي الجنوبية بفضل حزب الله كما وقع على اتفاق إذعان واستسلام.
ويختم الأيوبي بدعوة الحزب إلى "تسليم سلاحه إلى الجيش، وقيادته إلى حلّ نفسها.وهذا طبيعي بعدما تبين أنه مصدر الخراب والدمار للدولة. وفي حال لم يسلم سلاحه، فالخشية من ان تستأنف إسرائيل الحرب الكبيرة وأخشى أن تكون أكثر تدميرا هذه المرة لأنها ستطال كل المناطق اللبنانية والأرجح أنه لن يسلم سلاحه. لذلك المرحلة المقبلة خطيرة جدا".