دعوة إلى مؤتمر ثان "للمسيحيين العرب" في بيروت.. فارس سعيد: خيارنا الدولة الوطنية المعاصرة

"هو خيار يفترض أن يتخذه مسيحيو العرب أمام كل هذه التبدلات". تحت هذا العنوان، يضع النائب السابق فارس سعيد موقع المسيحيين اليوم، وسط التغيرات الكبيرة.

ولهذا السبب، كانت دعوته إلى عقد "مؤتمر المسيحيين العرب" في بيروت.

فما الهدف؟ وهل نحتاج إلى مؤتمر مماثل؟

أطلق سعيد الفكرة، وهو ينتظر ردود الفعل، ولا سيما من الكنيسة، والاغتراب، والأحزاب، والنخب المسيحية في لبنان وسوريا والعراق وفلسطين ومصر والأردن.

يشرح عبر "النهار" أن العمل حاليا يتم من خلال لجنة متابعة المؤتمر الأول الذي عقد قبل ستة أعوام.

ففي الـ 2019، عقد مؤتمر المسيحيين العرب الأول في العاصمة الفرنسية باريس. يومها، شاركت فيه أكثر من مئة شخصية مسيحية من الأردن، العراق، سوريا، مصر، فلسطين ولبنان، إضافة إلى ممثل الكرسي الرسولي القائم بأعمال السفارة البابوية في فرنسا.

كان العنوان الأساسي: "المسار المسيحي في العالم العربي: إشكاليات اليوم واحتمالات الغد".

آنذاك، كانت المنطقة العربية تعصف بها "ثورات وتغيّرات"، وكان لبنان يعيش اللااستقرار مع بداية أزمة سياسية – معيشية حادة، ومصير مجهول.

فأي أهداف اليوم للدعوة التي أطلقها سعيد؟

ينطلق من الجو العام ليقول "إننا أطلقنا فكرة عقد المؤتمر الثاني في بيروت وننتظر الردود. المنطقة برمتها أمام تبدلات كبيرة، وسط تساؤلات مشروعة عند كل مجموعة أو مكوّن عن المصير والمستقبل، ومن ضمن هذه المجموعات، يأتي حضور المسيحيين".

يتدارك: "دور المسيحيين في المنطقة لا يتوقف عند حدود اتخاذ موقف سياسي، بل يتوقف على خيار. من هنا أهمية التشديد على هذا الخيار وضروره إرسائه".

في الـ2019 تعددت محاور المؤتمر، واليوم يتحرك المعنيون من ضمن لجنة المتابعة، لكون المحاور التي نوقشت كانت ولا تزال أساسية: "من ظاهرة العنف في المنطقة، إلى العنف الإرهابي، مرورا بتحالف الأقليات الدينية في المنطقة في وجه الأكثرية العربية السنية، انتهاء بمطلب توفير الحماية الخارجية للمسيحيين".

كل هذه العناوين تكاد تستحضر اليوم. يلفت سعيد إلى أن "خيار المسيحيين هو خيار الدولة الوطنية المعاصرة. إن المسيحيين، واستحضارا لتجربة عام 1920، مدعوون إلى بناء دولة وطنية معاصرة في لبنان وسوريا".

انتحار موصوف

بعد المؤتمر الأول، خلص المجتمعون إلى إعلان "مانيفست المؤتمر"، مستحضرين تجربة الـ1920، للتأكيد أن "خيار المسيحيين لا يختلف عمّا كان في بداية القرن الماضي، عندما انهارت السلطنة العثمانية، ودخلت المنطقة في منعطف جديد. حينها طالب المسيحيون بقيام الدولة الوطنية".

هذا الموقع هو الذي يحمي المسيحيين العرب. يعلّق سعيد: "ما يطرح أحيانا أن تحالف الأقليات ينبغي أن يكون في مواجهة الأقلية السنية هو انتحار موصوف".

ومن سيمسع لهم؟

المهم في رأي سعيد "المناداة بقيام دولة المواطنة، الدولة الموحدة بروحية ما سبق أن طالب به البطريرك الحويك منذ الـ1920، أي أن يعلن المسيحيون انتسابهم إلى أوطانهم في عالم عربي، يساهمون في بنائه مع جميع المواطنين، على قاعدة الحرية والعدالة والمعاصرة".

وإذا كانت أهمية المؤتمر الأول أنه أعقب فترة ما سمّي "الربيع العربي" أو "شباب الثورات العربية" في لبنان وسوريا والعراق وليبيا والسودان والجزائر وتونس، فإن فكرة الدعوة إلى مؤتمر ثان تتزامن مع متغيرات عاصفة ونهاية لعنف الأنظمة الاستبدادية، إنما وسط تحديات وتبدّلات تغيّر جذريا أوجه المنطقة العربية... وربما خرائطها. فأي دور سيكون لمسيحيي العرب؟!