المصدر: النهار
الكاتب: سلوى بعلبكي
الثلاثاء 17 كانون الاول 2024 07:43:53
مع قرار حكومة حسان دياب "التعثر" عن سداد أصل سندات اليوروبوندز وفوائدها في آذار 2020، سجل لبنان أول تخلف عن سداد ديونه في تاريخه المالي، ومن حينها بدأ لبنان رحلته مع التعثر الاقتصادي والمالي. وأسهم عدم إقدام الحكومة على التفاوض مع حاملي هذه السندات إلى انهيار في قيمتها في الأسواق الثانوية حتى وصل سعرها الى 5 دولارات و50 سنتاً في الربع الأخير من عام 2022 مقارنة مع قيمة اسمية بلغت 100 دولار عند الإصدار، أي إنها تراجعت إلى ما نسبته 5.5% من قيمة السند عند الإصدار.
وتلت هذا التراجع تقلبات عدة في الأسعار فارتفعت إلى 7.5 دولارات في أيلول 2023 ثم تراجعت إلى 6.75 دولارات في أيار 2024 وإلى 6.25 دولارات في أيلول الماضي، وأخيراً قفز سعر السند إلى 8.20 في تشرين الأول الماضي. ومع الارتفاع الأخير، كثرت التكهنات بأن تحسّن الأسعار جاء على خلفية التغيير الجيوسياسي والنظرة الإيجابية لمستقبل الوضع السياسي في لبنان.
وفي السياق، اعتبر مصرف الاستثمار العالمي "غولدمان ساكس" أن اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل الذي دخل حيّز التنفيذ في 27 تشرين الثاني 2024 وإعلان جلسة لمجلس النواب في 9 كانون الثاني 2025 لانتخاب رئيس جمهورية جديد، عززا الاهتمام المتزايد من المستثمرين بسندات اليوروبوند اللبنانية المتعثرة التي ارتفعت أسعارها في السوق الثانوية بأكثر من 50% منذ منتصف أيلول 2024.
"تكهنات" لا يؤيّدها الخبير الاقتصادي الدكتور نسيب غبريل على اعتبار أن أسعار السندات وصلت إلى الحضيض مع سعر 5.5 دولارات، وهو أقل سعر لأسعار اليوروبوندز التي أصدرتها الدول التي تعثّرت في تسديد سنداتها في الأسواق الناشئة.
أما نسبة الارتفاع "المتواضعة"، فيصفها غبريل بـ"زوبعة في فنجان"، ويستند في ذلك، إلى أنه ليس ثمة تداول أو طلب في السوق الموازية على هذه السندات التي يبلغ حجمها 31 مليار دولار ونحو 10 مليارات دولار فوائد متراكمة مستحقة. وشرح أن "الارتفاع جاء على خلفية شراء جهات محددة أو أكثر سندات بهدف المضاربة وتحقيق أرباح سريعة، وتالياً على الرغم من كل هذا الضجيج وكل الحديث عن الارتفاع لا يزال سعر السندات في أدنى مستوى مقارنة مع أسعار السندات السيادية في الدول الناشئة التي تعثرت عن تسديد سندات اليوروبندز".
وأبرز غبريل أمثلة عن 3 دول تعثرت عن تسديد مستحقاتها لليوروبوندز هي غانا وإثيوبيا وسريلانكا وذلك بعد عامين من تعثر لبنان أي في عام 2022. بيد أن الفارق أن هذه الدول تواصلت مع حاملي السندات وتوصّلت إلى اتفاق نهائي معهم، فيما لبنان لم يبدأ حتى اليوم بالمفاوضات مع حاملي سنداته. وتبعاً لذلك يجري تداول سندات سريلانكا بسعر 63 دولاراً وغانا بين 70 و78 دولاراً وإثيوبيا 87 دولاراً".
وإن كانت النية غير موجودة أصلاً لدى الحكومة السابقة لإجراء مفاوضات، يستغرب غبريل عدم إقدام الحكومة الحالية حتى اليوم على إجراء المفاوضات. وهذا الأمر برأيه يستدعي التوقف عنده، فالاتفاق مع صندوق النقد كان واضحاً، إذ ثمة 9 إجراءات مسبقة على لبنان السير بها. أولها إعادة هيكلة الدين العام وهو أسهل إجراء من بين الإجراءات التسعة لكونه لا يتطلب مشروع قانون بحاجة إلى تصويت أو إقرار في مجلس النواب، كما لا يتطلب إجماعاً في مجلس الوزراء. وكل ما في الأمر هو تشكيل لجنة للتفاوض مع حاملي سندات اليوروبوندز، بما يبعث إشارة إيجابية إلى الأسواق العالمية".
وفيما اقترح البعض أن تشتري الحكومة السندات بسعرها المنخفض، لا يوافق غبريل على الاقتراح، خصوصاً أن الحكومة ليس لديها القدرة على شراء سندات، وإن كان السعر منخفضاً جداً (5.5 دولار). وإذا قررت ذلك فستستخدم احتياطي مصرف لبنان أي ودائع الناس".
ومع اقتراب استحقاق آذار 2025، حيث سيخسر حاملو السندات حقهم في المطالبة باسترداد الفوائد المتراكمة (10 مليارات دولار). لذا تراهم اليوم يتحضرون لرفع دعوى على الدولة اللبنانية للمحافظة على حقهم في استرداد جزء من الفوائد، لا كما أشيع لوضع اليد على أصول الدولة اللبنانية أو أصول مصرف لبنان.