المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: جوانا فرحات
الأربعاء 16 آب 2023 16:59:24
كتبت جوانا فرحات في وكالة الأنباء المركزية:
كثيرة هي جرائم الإغتيال التي طالت سياسيين وصحافيين وأمنيين وناشطين سياسيين منذ الطائف حتى اليوم. حصلت تحت عين العدالة وكأن شيئا لم يكن.
من شهداء "14 آذار" وصولاً إلى تفجير مرفأ بيروت في 4 آب 2020 بحر من الدم والدموع والدمار الذي طال العاصمة بيروت لكن أيضاً لا شيء من الحقيقة والعدالة . وفي كل مرة ترفع أشلاء الضحايا وتُضمّد جراح المصابين ويقبع المعوقون من جراء التفجيرات في بيوتهم ولا أحد يسأل عنهم وتُطمس معالم الجريمة بعد جرف الدمار والبصمات من مسرحها لتكمل الحياة على وجع العدالة المطمورة تحت الأنقاض. ويبقى السؤال أين العدالة؟
أسماء المطلوبين على لائحة اللاعدالة عديدة. حبيب الشرتوني الهارب من وراء قضبان العدالة بعد إدانته باغتيال الرئيس بشير الجميل، سليم عياش، الذي أدانته المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بقضية اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري. أيضا ثمة مطلوبون مجهولو الإسم لكنهم متهمون بجرائم عديدة منها تفجير مسجدي التقوى والسلام في طرابلس، غزوة عين الرمانة في تشرين الأول 2021، إشكال شويا إثر توقيف راجمة لـ"حزب الله" كانت تمر ببلدة شويا قضاء حاصبيا ذات الغالبية الدرزية، حيث اعترض الأهالي على مرور الراجمة بأراضيهم وسيطروا عليها ليتدخل الجيش اللبناني ويتسلّم الراجمة تمامًا كما حصل مع شاحنة الحزب على كوع الكحالة، واستشهد المواطن فادي بجاني خلال تصديه لمجموعة مسلحة كانت تطلق النار على المواطنين وصولا إلى جريمة عين إبل ومقتل مسؤول قواتي سابق هو الياس الحصروني.
الرابط بين كل هذه الجرائم أنها حصلت في لبنان حيث العدالة المرتهنة التي تكرم المجرم المحصن بطائفته ومرجعيته الحزبية وبفائض قوة سلاحه وحيثالجريمة وجهة نظر، والتفلّت من العقاب نهج لإخضاع شعب يحمي نفسه بحالة النكران، فيما الجرائم مستمرّة.
كلام لا يراد منه في هذه اللحظة نكء الجراح وإيقاظ وحش الفتنة التي تُدفن تحت ستارتها حقائق وعدالة مرتهنة. لكن كيف يمكن وأد الفتنة عندما تتحول جريمة مكشوفة المعالم بالصور والفيديوهات إلى حادث غير حزبي. وكيف يمكن تفسير وجود سيارات "مفيمة" على طول الطريق التي كان يسلكها المغدور الياس الحصروني إذا سلمنا جدلا بأن "المعلومات الأوّليّة تشير إلى عدم وجود خلفيّة حزبيّة لما حصل". ما الغاية من "فضح" معلومات أولية إلا إذا كانت النية وأد الفتنة وتهدئة النفوس ...حسنا فعل وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام المولوي المعروف بتعاليه عن كل "خطايا" وارتكابات المسؤولين السياسيين بشهادة القاصي والداني لكن هل يعني ذلك تثبيت مقولة إننا رسميا نعيش في دولة اللاقانون؟
رئيس مجلس شورى الدولة السابق القاضي شكري صادر اعتبر أن تصريح المولوي يندرج في سياق السياسة لا القانون إطلاقا والأكيد أن الغاية منه تهدئة النفوس "لأن الوزير قاضٍ ويعلم أن التحقيق سري ولا يجوز لأحد أن يفشي سريته حتى في حال كان يملك بعض المعلومات الأمنية من قبل الأجهزة الأمنية .وإلا ماذا ترك للتحقيق الذي تتولاه الأجهزة الأمنية والقضائية؟. إذا افترضنا أن كانت لديه معلومات خاصة يمكنه أن يقول أن ما ورد يأتي في سياق معلومات شخصية .لكن لا يجوز لممثل الأمن في السياسة أن يستنتج ويخرج بتصريح مبني على ذلك. هذا تضارب في السلطات وهو بذلك يأخذ مكان القضاة".
جازما بأن نية المولوي من المعلومات التي سردها خلال تلاوة البيان عقب اجتماع مجلس الأمن المركزي في 14 آب تهدئة النفوس، يكرر صادر بأن كلامه عن مسار التحقيق لا يتعدى الإطار السياسي وأداؤه في العمل السياسي يطغى على التصريح الفردي لذلك قال ما قاله عن حسن نية إنما علميا كان يفترض تجاوز كل ذلك حتى لو سلمنا بأنه يملك معلومات وخرج بها إلى العلن لتهدئة الرأي العام في جريمة عين إبل لكن كان يجب أن يترك للقضاء كلمة الفصل".
في جريمة الكحالة أيضا النفق مظلم " ما حصل موثق ورد فعل الشهيد فادي بجاني كان دفاعا عن النفس لكن نقول دائما "البادي أظلم". ومن بادر إلى إطلاق النار على المواطنين بعد وقوع الحادث عند كوع الشاحنة معروفون ولا يجب مجاسبة من قام برد الفعل وحسب أي الشهيد بجاني إنما من قام بالفعل أولا ومن قتل الأخير، من هنا يجب أن يبدأ التحقيق وليس محاسبة القتيل وغض النظر عن القاتل الذي بادر مع مسلحين آخرين بإطلاق النار".
حادث الكحالة أعاد إلى ذاكرة القاضي صادر مشهدية ونتائج التحقيق في حادثة الطيونة، حيث يتحول من يدافع عن نفسه إلى مجرم والمجرم الحقيقي يسرح ويمرح والجريمة مستمرة.
أين العدالة؟ سؤال في غير مكانه لأن العدالة مرهونة وقد تجلى ذلك في جريمة تفجير المرفأ وصولا إلى كوع الكحالة لأن "بعض "القضاة يرون بعين واحدة ويسمعون بأذن واحدة وهذا أخطر ما في الأمر ولو حصلت التشكيلات القضائية منذ 4 أعوام وتم تعيين القضاة الأكفياء في المراكز المطلوبة لما كان حال العدالة والعدلية على ما هو عليه اليوم".