"دولرة" القطاع السياحي مقدّمة نحو تحرير سعر الصرف... وماذا بعد؟

يبشر المعنيون بالقطاع السياحي بان الصيف سيكون واعدا على مستوى الوافدين من سيّاح ومغتربين... يعولّ على هؤلاء لادخال الدولار "الفريش" الذي يحتاجه البلد المنهارة عملته.

ونتيجة لتلاعب سعر الصرف هبوطا وارتفاعا بين ساعة واخرى، اعطى وزير السياحة في حكومة تصريف الاعمال وليد نصار المؤسسات السياحية صلاحية إعلان لوائح الأسعار بالدولار الأميركي، على أن تصدر الفاتورة النهائية بالليرة والدولار، وذلك بشكل استثنائي بسبب الظروف الراهنة وتقلّبات سعر الصرف. اوضح ان هذا التعميم هو اختياريّ وليس إلزاميّاً للمؤسسات، وهو محدَّد في مدّة زمنية معيّنة لأربعة أشهر". وفي المقابل "أي أنّ الزبون، ولدى دخوله إلى مطعم ما، سيجد الأسعار على قائمة الطعام بالدولار لكنّ الفاتورة ستصدر بالليرة والدولار، ويتوجّب عليه الدفع بالليرة بشكل أساسيّ، ويمكنه كذلك الدفع بالدولار إذا أراد".


ولكن "دولرة" القطاع السياحي تدفع الى عدة تساؤلات؟ هل يمكن ان يعود التسعير الى العملة الوطنية بعد اربعة اشهر في ظل الانهيار المستمر لليرة؟ وماذا عن باقي القطاعات... ألن تطلب المعاملة بالمثل... وبالتالي نحن امام اية مقدمات؟!

يرى الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة ان "منظار اهل الحكم ضيق جد"، معتبرا ان ما قام به وزير السياحة هو استكمال لما قام به من قبله وزير الاقتصاد السابق راوول نعمة الذي دعم مواد تندرج في خانة الرفاهية... وفي نهاية المطاف انتهى الامر بتحرير سعر ربطة الخبز، و تحرير اسعار المحروقات وصولا الى الاتصالات... واليوم الى السياحة؟

ويلفت عجاقة في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى ان الامر لا ينفصل عن تلبية مطلب صندوق النقد الدولي لجهة تحرير كل شيء، وبالتالي تحرير سعر صرف الليرة.

ما هو جدوى الليرة اذا؟ يجيب: ان معظم اللبنانيين (في القطاع العام وجزء من القطاع الخاص) ما زال يتقاضى راتبه بالعملة المحلية.

وفي هذا السياق، ينتقد عجاقة جشع التجار كافة، انهم "يسرقون اموال الناس مع ارتفاع وهبوط سعر صرف الدولار"، مذكرا انه كان يفترض مع بدء الازمة وضع الرسوم الجمركية على السلع والبضائع المستوردة وليس وقف الاستهلاك عبر ضرب القدرة الشرائية للناس، معتبرا ان ما حصل هو توحش من خلال الاتجاه نحو الليبرالية المطلقة، حيث يقوم التجار بما يريدونه ويتحكمون بالسلع والسوق، قائلا:

الضربة الكبيرة التي يتلقاها الناس لا سيما اصحاب الرواتب بالليرة "انه يتم تشليحهم اموالهم".

وردا على سؤال، يشير عجاقة الى ان السماح بالتسعير بالدولار والدفع باللبناني هو بدعة، حيث التكاليف تحمّل فقط للمواطن، الامر الذي سيخلق اشكالية كبيرة ويفتح المجال امام التلاعب.

وعما اذا كان الحل بالغاء اصفار من العملة المحلية، يحذّر عجاقة من ان اي حذف للاصفار من العملة اللبنانية يدخلنا في حلقة مغلقة مرعبة، فالبرازيل كبلد كبير جدا ولديه العديد من المواد الاولية من نفط وبنّ وحديد ومناجم، حذف من عملته 18 صفرا، اي انخفاض مستمر للعملة دون الوصول الى حلّ.

وبالعودة الى تحرير العملة، يشرح عجاقة ان مؤشرات معظم القطاعات من اتصالات ونفط وغاز وادوية ومواد غذائية تتجه الى التسعير بالدولار، وما التركيز على صيرفة الا دليل على بدء عملية التنفيذ. ويتابع: قد تكون الخضات التي تؤدي الى ارتفاع الدولار بشكل غير مسبوق حيث وصل سعر الصرف الاسبوع الفائت الى نحو 38 الفا، هي جزء من سيناريو مفتوح لمحاولات تمرير تحرير سعر صرف الليرة من قبل الحكومة.