رؤساء الحكومات عزفوا عن الترشح... الانكفاء السنّي تعبير عن الرفض وليس حلًا!

لا خلاف إنما اختلاف في وجهات النظر لدى أهل السنّة حول مبدأ المشاركة اقتراعا وترشيحا في الإنتخابات النيابية المقبلة أو عدمها. في الأمس أعلن الرئيس نجيب ميقاتي عزوفه عن الترشح للإنتخابات واليوم انسحب الموقف نفسه على الرئيس فؤاد السنيورة. لا للترشح "إنما دعم جهود من يختارهم الناس والتعاون مع الجميع لما فيه المصلحة العامة".

ومع صدور الرد عن المكتب الاعلامي للرئيس سعد الحريري على ما ورد في إحدى الصحف اليوم تحت عنوان "رسالة لوم من الحريري الى مفتي الجمهورية " يؤكد أن ما ورد فيه "يقع في خانة الأكاذيب المكشوفة" إلا أن التخبط الحاصل داخل الشارع السني من مسألة المشاركة في الإنتخابات النيابية المقبلة بات فاضحا خصوصا أنه لم يتم، حتى اللحظة، الإعلان عن اللوائح التي ستتشكل في بيروت عرين السنة ومركز القرار لأبناء الطائفة ولا حتى في باقي الدوائر باستثناء الكشف عن بعض الأسماء التي تقدمت بالترشح والأخرى التي أعلنت عزوفها.

 

رئيس المركز الإسلامي للدراسات والإعلام القاضي الشيخ خلدون عريمط نفى عبر "المركزية" وجود أي خلاف بين موقف دار الفتوى ورؤساء الحكومات السابقين وكذلك مع الرئيس سعد الحريري "إنما هناك مقاربات متباينة". وفي حين يشدد على حرص دار الفتوى على المشاركة الإسلامية في الإنتخابات النيابية المقررة في 15 أيار وعلى نهوض الدولة ومؤسساتها يؤكد أن نواة المشكلة تكمن في وضع لبنان غير السليم بحسب تعبيره. ويضيف: "بعض الفرقاء حولوا لبنان إلى منصة للصراعات الإقليمية والدولية بما يتناقض مع مشروع قيام الدولة ومؤسساتها. وهذا ما يفسّر الإنكفاء المنظم لأهل السنّة على كافة الأصعدة على الساحة الإسلامية".

 

قد لا يجدي التوقف عند نقطة مشاركة أهل السنّة في الإنتخابات إقتراعا وترشيحا لأن الأهم هو الغوص والتعمق في أسباب الإنكفاء. ويقول الشيخ عريمط: "من حق أي شخص أن يترشح لملء المقاعد النيابية، لكن الأجواء توحي بأن إقبال المسلمين السنة على الإقتراع سيكون متدنيا بسبب الشعور بأنهم مستهدفون من الداخل والخارج. أضف إلى ذلك أن الأمل بالتغيير ضعيف جداً ولن تتمكن القوى السيادية من تغيير واقع الإنهيار الحاصل على الصعيدين السياسي والإقتصادي لأن اللبنانيين غير متوافقين على بناء دولة مؤسسات. وكل فريق يريد أن يبني دولة على مقاسه أو على مقاس فئة أو حزب أو طائفة في وقت نريد أن نبني دولة على مقاس كل اللبنانيين".

 

ويضيف الشيخ عريمط: "رغم إصرار فريق السياديين على قدرة التغيير من خلال الإقبال على الإنتخابات وكثافة المشاركة إلا أنه من الصعب لا بل المستحيل بناء دولة وثمة فريق من اللبنانيين يغرد خارج الإطار السيادي للبنان ومرتبط عمليا وسياسيا وإقتصاديا بمحور إقليمي وفئة تشعر بأنها مستهدفة منذ أعوام ولم تستطع أن تغير الواقع بسبب الهيمنة على القرار السياسي في لبنان. المطلوب أن نبني لبنان لجميع اللبنانيين والتغيير لا يحصل إلا بإرادة كل اللبنانيين وبعودة لبنان إلى الحضن العربي الذي شكل الملاذ الآمن للبنان عبر التاريخ".

 

السؤال الذي يطرح: هل يكون الإنكفاء عن المشاركة في الإنتخابات هو الحل؟ "الإنكفاء مشكلة تضاف إلى المشاكل المتراكمة على الساحة اللبنانية وثمة إحباط لدى الرأي العام الإسلامي ناتج عن تعليق الرئيس سعد الحريري وتياره السياسي العمل السياسي لكن علينا إخراجه من هذه الحالة وهنا يكمن مفتاح التحدي؟ هل تستطيع القوى الإسلامية التي تتحرك على الساحة الإسلامية من تعبئة هذا الفراغ الذي خلفه قرار الحريري وأدى إلى إحباط وانكفاء هذه القوى؟ هل يمكن أن تعيد البوصلة إلى طبيعتها؟ الأيام والأسابيع والأشهر المقبلة كفيلة بالإجابة على هذه الأسئلة".

 

إنكفاء رؤساء الحكومات السابقين عن الترشح وتدني الإقبال على الإقتراع يعني أن هناك مشكلة وربما أكبر مما يتصورها الفرقاء السياسيون. "نعم هناك مشكلة وكبيرة جدا فهناك فريق يريد أن يغير وجه لبنان ويبني دولة على قياس مصالحه وعلاقاته. لكن لبنان ليس ملكا لفريق معين والحل لا يكمن في نائب بالزائد أو عشرة نواب بالناقص وهذا الأمر ينسحب حتى على التشكيلة الحكومية والدليل أنه عندما كان الرئيس سعد الحريري في البيت الأبيض اجتمع النائب جبران باسيل مع عدد من الوزراء وأقال الحكومة".

 

هل يكون الإنكفاء هو الحل على غرار تجربة المسيحيين في انتخابات العام 1992؟ "إنكفاء المسيحيين لم يكن مزاجيا إما كان دليلا على أن ثمة مشكلة ما ويجب معالجتها؟ وانكفاء السنة في انتخابات 2022 قد يكون وسيلة من وسائل رفض الواقع لكنه حتما ليس الحل" يختم الشيخ عريمط.