رئيس بلدية عيترون: مقومات العيش منعدمة ونحتاج ما بين 3 و5 سنوات لإعادة الإعمار

ضربت إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار عرض الحائط منذ دخوله حيز التنفيذ في 27 نوفمبر الماضي، وتواصل اعتداءاتها في شكل يومي من قصف ونسف للمنازل التي لم تزل بعد قائمة.

وتطلق أيضا تهديداتها لسكان القرى الحدودية لمنعهم من العودة اليها، وتمارس أقصى درجات العدوانية للقضاء على البقية الباقية من القرى الحدودية التي حولتها إلى قرى خاوية من سكانها، والى طرقات مهجورة من المارة والسيارات. وتوغلت فيها أكثر ولجأت أخيرا إلى سد مداخلها بسواتر ترابية، لمنع عودة الأهالي حتى لرفع جثث الشهداء التي لاتزال تحت التراب.

لم يعد الناس إلى بلدة عيترون الجنوبية بعد أن دمرت اسرائيل نحو 80% منها وقضت على نحو 2400 وحدة سكنية في شكل كلي من أصل3000، أضف إلى أن مقومات العيش غير متوافرة من مياه وكهرباء واتصالات ومحال وأراض زراعية ومزارع للأبقار والأغنام تعتبر موردا أساسيا لأبنائها وغير ذلك.

هذا ما عبر عنه رئيس البلدية سليم مراد الذي قال لـ «الأنباء»: «أربعة أيام فقط دخلناها إلى البلدة بعد وقف إطلاق النار كانت كفيلة بالوقوف على حجم الكارثة التي لا يتصورها عقل، والتي تعبر عن القوة التدميرية التي استخدمتها اسرائيل في حربها الأخيرة على لبنان».

وتابع: «احتياجات الفرد الأساسية غير موجودة بل منعدمة، ونسبة السكان صفر، وسنواجه تحديات صعبة لإعادة الإعمار التي تحتاج ما بين ثلاث إلى خمس سنوات بعد أن اندثرت بعض معالم القرية، وتحول ما بقي منها إلى أطلال. هذا يلخص المشهد أمام الناظر إلى البلدة ليدرك ما آلت إليه عيترون بعد أن نزعت عنها إسرائيل صفة الحياة، ودمرت البيوت الحجرية القديمة التي يفوق عمرها المئة عام، بعد أن نسفتها وجرفتها لمحو أي أثر في المشهد ولطمس الذاكرة، وتحتاج إلى مكتب فني بعد أن ضاعت معالمها وحدودها».

الأضرار في بلدة عيترون الواقعة في قضاء بنت جبيل في محافظة النبطية، لا تختلف عن أخواتها من القرى المجاورة التي دمرت بشكل ممنهج. ويشير رئيس البلدية إلى «أن البلدة كانت تتعرض في أقل من ساعة إلى 30 غارة، وهذه الحرب ليست الأولى في تاريخ الاعتداءات الإسرائيلية. فقد سبق وتعرضت البلدة إلى عدوان لم يبلغ هذا الحجم من التدمير الذي خلف دمارا غير مسبوق ومتعمد. غالبية المحال التجارية مدمرة، وكل ما يعود إلى البلدية سواء المبنى والمراكز الخدماتية من دفاع مدني وسيارات الإسعاف والمراكز الثقافية، لم تبق منها إسرائيل شيئا، فضلا عما لحق بأماكن العبادة والمرافق العامة والبنى التحتية المدمرة مئة بالمئة، وما تبقى من منازل فهي غير صالحة للسكن».

وأشار مراد «إلى أننا حاولنا أن نجد فرصة أمام الأهالي لدخول البلدة من خلال فتح الطرقات بواسطة الجيش اللبناني وقوات «اليونيفل» لتسهيل العودة، ورفع جثامين الشهداء وأن نعيد بعض مقومات الحياة اليها. إلا أن الجيش الإسرائيلي أطلق الرصاص، وعمد بعد ذلك إلى وضع سواتر ترابية على مداخل عيترون، وأطلق تهديداته ونفذ غارة من مسيرة. واليوم تجوب آلياته العسكرية البلدة، ومؤخرا قام بنسف وحرق ما تبقى من المنازل. وعليه فإن عودة أهالي البلدة الذين توزعوا على أكثر من منطقة في الجنوب محفوفة بالمخاطر، ويطلبون من البلدية تسهيل عودتهم حتى لو نصبوا خيمة، لكننا ننتظر انتشار الجيش اللبناني ليطمئنوا».

وذكر مراد أنه «إلى جانب الدمار المخيف في المساكن والبنى التحتية وغير ذلك مما سبق ذكره، هناك أضرار بيئية كبيرة جدا لحقت بالأراضي الزراعية، وروائح تنبعث من كل جانب نتيجة الأسلحة التي استخدمتها إسرائيل».

ولأن تضاريسها سهلية وتحيطها جبال قليلة الارتفاع، يعتمد سكان عيترون على الزراعة. ويشير رئيس البلدية إلى أن البلدة «ذات طابع وهوية زراعية، ويمارس أهاليها أعمال الزراعة المتنوعة كالفاكهة والخضراوات، وفي شكل أساسي التبغ. وهي تعتبر الأولى في لبنان في هذه الزراعة. ونتيجة العدوان الإسرائيلي خسر أبناء البلدة الموسم في السنة الماضية، والموسم القادم تبدأ زراعته في شهر مارس، هذا اذا سمحت الظروف الأمنية والميدانية ليتاح المجال أمام رفع الأنقاض والتأكد من خلو الأراضي من المتفجرات».

والى جانب ذلك، تعرف عيترون بتربية المواشي، وهناك 40 مزرعة للأبقار. وللغاية أقامت البلدية مصنعا للألبان والأجبان. ويقوم المربون يوميا بتسليم الحليب إلى المصنع. ولأن غالبية المزارع تقع خارج البلدة أي على حدود المالكية، البلدة المتاخمة لفلسطين المحتلة، فقد دمرت إسرائيل غالبيتها، لأنها وبحسب زعمها لا تريد منشآت مدنية مقابلة لها.