كتبت رين قزي في المدن:
"صحيح أن بيان وزارة الاتصالات اللبنانية حول الرسائل النصية التي وصلت الى اللبنانيين مساء الخميس، لا يوضح تفاصيل الحكاية، لكن الغموض الذي يحيط بالملف، من شأنه أن يتكشف بعدما بدأت التحقيقات الأمنية والتقنية في تلك الرسائل، ووصلت الى حد توقيف مسؤول في شركة محلية، حسبما قالت مصادر معنية بالاجراءات الرسمية لـ"المدن".
رسالة موحدة ومجهولة
وتلقى اللبنانيون مساء الخميس رسالة نصية موحدة ومجهولة، يقول مرسلها الذي لم يكشف عن هويته أو رقمه: "الى المشتركين الكرام: لا داعي للقلق والخوف. فإن جميع خزائننا مليئة لكل مستحق".
أثارت الرسالة الذعر والخوف بين اللبنانيين الذين تلقوها، ولم يتعرفوا الى مرسلها، والى مقصده. تحمل الرسالة دلالات سياسية متصلة بـ"حزب الله" ومؤسساته. فالحديث عن الخزائن، يمكن أن يُفهم منها أنها معنية بـ"القرض الحسن"، أو المؤسسات الخدمية والاجتماعية الأخرى التي افتتحها الحزب منذ بدء الأزمة المالية، وتالياً، فإن ما يُفهم منها هو إيجاد البديل عن الحزب لدى طرف آخر، مجهول، يمكن أن يكون إسرائيل، أو أي طرف آخر لم يكشف عن هويته.
وتفيد معلومات حصلت عليها "المدن" بأن عدد متلقي الرسالة من مشتركي شركة "ألفا" وصل الى نحو 130 ألف مشترك. أما عدد متلقي الرسالة من شركة "تاتش" فبلغ 110 آلاف مشترك. استخدم المُرسل المجهول الشبكتين لإيصال رسالته، وتلقاها نحو 10% من مجموع المشتركين، وهو رقم كفيل بإيصال المحتوى وإثارة الذعر.
تحقيقات الاتصالات
لم تقف السلطات اللبنانية مكتوفة اليدين أمام هذا النوع من "الرسائل النصية المشبوهة". أكدت وزارة الاتصالات في بيان مقتضب بأنها وصلت "عبر مزوّد خدمة محلّي". وعلى الفور، "تم التدقيق في ما حصل وتكوين ملف متكامل أودِع لدى الجهات المعنية، تمهيداً لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في حق الفاعلين"، حسبما قالت الوزارة في البيان.
وقالت مصادر معنية بالإجراءات الرسمية لـ"المدن" إن التحقيقات السرية، قادت الى توقيف مسؤول في شركة تقنية لبنانية، بغرض استجوابه. فالتحقيقات الأولية تشير الى أن الرسائل أرسلت عبر هذه الشركة، وهو ما دفعها للتحقيق مع المسؤول الذي لم تُكشف هويته. واكتفت المصادر بالقول إن هناك موقوفاً، وجرت إحالته الى القضاء للتدقيق في الواقعة، من غير الكشف عن هويته، ومن غير تقديم المزيد من التفاصيل.
اختراق.. وجهة ثالثة
تتعدد الفرضيات التقنية حول الملف. تدور بشكل اساسي حول أمرين، أولهما أن تكون جهات خارجية قد اخترقت الشركة وأرسلت الرسائل عبرها، وتعمق بذلك الاعتقاد بالانكشاف الأمني على مختلف المستويات في لبنان، من شركات الاتصالات الى البيانات الشخصية والمنصات الالكترونية العاملة في البلاد.
أما ثاني الفرضيات، فيدور حول أن تكون الشركة تلقت عرض إرسال الرسالة من طرف ثالث، ربما يكون شركة أجنبية أو محلية ثالثة، لبث الرسالة، وتم ذلك من دون التدقيق في محتوى الرسالة وفك ألغازها.
وتشبه هذه الرسالة المشبوهة، الى حد بعيد، منشورات مدفوعة في منصات التواصل الاجتماعي تنتشر منذ بدء الحرب، وتحمل شعار "لبنان لا يريد الحرب" ولم يتبنها أحد، كما لم يُعرف من يقف وراءها."