رسائل متشددة من أورتاغوس على خطّي الجنوب والحكومة

يراقب الوسط السياسي زيارة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس لبيروت اليوم، فيما لم يحسم بعد مصير تأليف الحكومة وكيف سينتهي إليه الوضع في الجنوب.

تصل أورتاغوس في توقيت حساس، إذ لم يستطع بعد الرئيس المكلف نواف سلام تأليف حكومته، وسط انتظار لما ستقدم عليه إسرائيل إذا انسحب جيشها من عدد من المواقع في أكثر من بلدة في القطاعين الأوسط والشرقي، وما إذا كانت ستلتزم موعد 18 من الجاري للانسحاب من الجنوب، علما أن "حزب الله" لا يزال على اعتراضاته بعد تملص إسرائيل من الاتفاق الذي أبرم برعاية أميركية وعلى مسمع ومرأى من الفرنسيين. ولا يخفي أكثر من مسؤول لبناني قلقه من عدم انسحاب إسرائيل، الأمر الذي سيخلف جملة ارتدادات في ظل تدفق الأهالي نحو بلداتهم. ولذلك يتطلع اللبنانيون إلى ما ستحمله أورتاغوس التي تعمل بزخم إدارة الجمهوريين الذين لم يخفوا سياساتهم في المنطقة.

وتفيد معلومات أن الموفدة الأميركية ستكون حازمة في خطابها أمام المعنيين في بيروت، حيث ستظهر أكثر تشددا من سلفها آموس هوكشتاين الذي لم يتأخر في مراعاة إسرائيل في كل مفاوضاته مع لبنان، البحرية والبرية والأمنية، لكنه تمكن من بناء علاقات لا بأس بها مع أكثر من فريق. ومن المرجح ألا تحسم أورتاغوس حصول انسحاب إسرائيلي كامل من الجنوب، وستنقل حجج إسرائيل أن القرار 1701 واتفاق وقف النار لم يطبق بحذافيره في جنوب الليطاني. وسيكون هذا الموضوع في صلب اجتماعها مع الرئيس نبيه بري الذي سيعمد إلى إظهار حجم الخروق الإسرائيلية التي لا تؤدي إلى وقف النار الذي التزمه لبنان، على عكس إسرائيل. وسيبيّن لها أن استمرار احتلال مساحة في الجنوب لا يدعو إلى الاطمئنان، ويبقي الامور مفتوحة على كل الاحتمالات. ومن غير المؤكد لدى الجهات المعنية تلقيها إشارات إيجابية تقول إن إسرائيل ستنسحب بالكامل من الجنوب.

وإذا كانت أورتاغوس تقول إن واشنطن لا تتدخل في عملية تأليف الحكومة، فثمة أكثر من رسالة وصلت إلى المعنيين بعدم قبولها تمثيل "حزب الله"، ولذلك يعمل سلام للإتيان باسمين شيعيين قريبين من الحزب وليسا من صلبه مئة في المئة، إذ لا تريد واشنطن حضورا كبيرا للحزب في حكومة تنتظرها جملة من التحديات الأمنية في الجنوب وملفات مالية حساسة.

وسيلمس المتابعون في لبنان أن أورتاغوس ستركز على مصلحة إسرائيل وأمنها، وتعمل الأخيرة على استثمار نتائج لقاء بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعدما لوحظ أن اهتماماته الكبرى في المنطقة تنصب على ملفات غزة وإيران والسعودية، لتسير الأخيرة في طريق التطبيع مع تل أبيب، ولا يمكن القفز فوق الأخطار التي يصدرها ترامب الساعي إلى تهجير أبناء غزة إلى مصر، منطلقا من شعار "أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل"، إضافة إلى استفادته من تراجع إيران في المنطقة بعد تبدل المشهد السياسي في سوريا.

كل هذه العوامل تعزز إحكام قبضة الإرادة الأميركية في المنطقة، والتي لن تتأخر في متابعة محاصرة حلفاء إيران بدءا من "حزب الله"، علما أنه لن يقبل بالتسليم بكل ما أفرزته الوقائع الأخيرة.