رسائل وصلت للحزب.. 59 مرة "لا" للمعادلة السابقة!

بعد أن توافقت كتل نيابية متعارضة على مرشح التقاطع، وزير المالية الأسبق جهاد أزعور، يمكن القول إن الجلسة الثانية عشرة من جلسات انتخاب رئيس جديد للبنان، وان انتهت كسابقاتها، بفشل المجلس النيابي في إيصال الرئيس الرابع عشر، إلا أن لعبة الأرقام فيها عكست صورة مختلفة وفتحت الباب واسعاً أمام قراءة سياسية لرسائلها على أكثر من صعيد، قد تصل أبعادها نحو بلورة رؤية المرحلة المقبلة.
 
‌ففي سابقة هي الأولى من نوعها، التأم المجلس النيابي بحضور أعضائه الـ128 من دون استثناء، وجاءت نتائج اقتراع الدورة الأولى كالتالي جهاد أزعور حصل على 59 صوتاً وسليمان فرنجية على 51، أما لبنان الجديد فحصل على 8،  وصوت واحد لقائد الجيش جوزيف عون، و6 لزياد بارود، إضافة إلى ورقة واحدة بيضاء وأخرى ملغاة.
لكن بلبلة ترافقت وعملية الفرز حيث اعترض بعض النواب على وجود 127 ورقة عوضاً عن 128 ليحسم رئيس المجلس الأمر ويعتبرها ورقة ملغاة.
 
‌توازن جديد
 
‌واقع جديد أفرزته أرقام نتائج الجلسة الثانية عشر، وفقاً المحلل السياسي نبيل بو منصف، تضمن رسالة واضحة من قوى المعارضة مع التيار الوطني الحر إلى الثنائي الشيعي لإفهامه أن "المعادلة التي كانت سائدة على مدى إحدى عشرة جلسة في السابق، إضافة إلى الأربعة أشهر تعطيل للجلسات، اختلفت، وأن توازناً جديداً ظهر يمنع الثنائي من فرض مرشحه بالدرجة الأولى على الكتل المسيحية الكبيرة والتي انضم إليها النائب السابق وليد جنبلاط وعدد لا بأس به من التغييريين" وللتأكيد أنهم "متحدون ينجحون في إعطاء مرشحهم رقماً أعلى من رقم فرنجية".


غير أنه تخوّف من تشتت المعارضة في المرحلة المقبلة  "أمامها استحقاق كبير وخطير، وعليها بالتالي أن تبقى متماسكة حتى النهاية وتبتعد عن التجاذبات". ‌
 
الفراغ المرشح الحقيقي
‌وأكد بو منصف "أننا لا نزال في صلب التأزم ولم نذهب باتجاه الحل" معتبراً أن حزب الله "يتحكم بلعبة الفراغ" مبدياً خشيته من توجه الفريق الآخر إلى قراءة ما حصل اليوم بطريقة معاكسة أي "من باب أنه نجح في تقليص الفرق بين فرنجية وأزعور" كدلالة أن بإمكانه فرض مرشحه "حينها يمكن التأكيد أنه يأخذ البلد نحو كارثة اسمها التمديد اللامحدود للفراغ ويكون بالتالي مرشحه الحقيقي الفراغ وليس فرنجية" لأن الفريق الآخر لن يرضى بالتلاقي معه.
 
‌لا كلمة سرّ
‌بكل وضوح، أعاد بو منصف أسباب المراوحة إلى "عدم حصول حزب الله، على كلمة السر الخارجية من إيران كون الأخيرة لم تعقد حتى الآن صفقة مع المملكة العربية السعودية حول لبنان وارتأت بالتالي عدم افتعال كباش داخلي فيه" معتبراً أن المعارضة، رغم بعض المآخذ عليها، لم تتخلف يوماً عن اللعبة الديمقراطية سواء بترشيح معوض أو أزعور".
ورجح أن تتبلور الأمور ابتداءً من الأسبوع المقبل، بانتظار ما سيرشح عن "اللقاء المهم جداً بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في باريس" مؤكداً أن "الملف اللبناني سيكون حاضراً على طاولة المباحثات حتماً".
وأشار إلى لقاء هام آخر سيجمع الجمعة بين الموفد الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان ووزيرة الخارجية الفرنسية نهار الجمعة للتنسيق معها في المواضيع "رغم كونه معيّناً من قبل الرئيس ماكرون" على حد قوله "ما يثبت أن لا فريقين متناحرين في الإدارة الفرنسية". ورجح أن يحمل لوديان معطيات جديدة واصفاً الأسبوع المقبل بـ "أسبوع لودريان". ‌
 
الواقع السني

‌أما تكتل الاعتدال السني الذي اقترع نوابه بثماني أوراق لصالح "لبنان الجديد" فرأى بو منصف أنه "يساهم في خدمة حزب الله" مشيراً أنه يفتح ملف المسألة السنية من جديد إذ "عكس تشرذماً في التمثيل السني منذ انسحاب سعد الحريري من الحياة السياسية".


في الختام، أكد المحلل السياسي أن على المسؤولين التحلي بمسؤولية  كبيرة وفتح الجلسات حتى انتخاب الرئيس، معتبراً أن عدم التحقق من الورقة الضائعة مخالفة تهدم النظام الديمقراطي.