على وقع التوتّر العسكري بين الإسرائيليين والفلسطينيّين، والجمود اللبناني والإقليمي، رغم بعض المسارات الإنفتاحية، حطّ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في الفاتيكان أمس.

ما يعنينا نحن، هو أن لبنان حضر حتماً خلال اللّقاء، وربما من قِبَل "الحبر الأعظم" البابا فرنسيس، تحديداً. فيما أُفيد بأن لقاءات ظريف في الفاتيكان تمحورت حول الأهداف والتحدّيات المشتركة، والحوار بين الأديان، وفلسطين، والعقوبات الأميركية، والحظر الأميركي ضدّ الإيرانيّين خصوصاً في مجالَي الأدوية واللّقاحات، والتعاون الثنائي والدولي، وتطوّرات الإتّفاق النووي، ومنطقة الخليج، وغرب آسيا، وأفغانستان. 

رسالة؟

هي جولة أُفُق ربما حول قضايا مختلفة، على وقع طرح أفكار عدّة تتعلّق بمدينة القدس، والأراضي المقدّسة، وبمستقبل عمليّة السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وبالإنسحاب الأميركي من المنطقة. فهل حمل ظريف رسالة إيرانيّة الى رأس الكنيسة الكاثوليكيّة، ليوصلها (البابا) الى الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي ليس سرّاً أنه يتواصل مع الفاتيكان منذ دخوله "البيت الأبيض" في كانون الثاني الفائت، عبر قنوات عدّة؟ وهل ترتبط الرسالة بـ "الخربطة" التي أصابت مسار فيينا النووي، بعد التصعيد العسكري الأخير بين إسرائيل والفصائل الفلسطينيّة؟ 

طاولة فيينا

رأى مصدر خبير في السياسات الدولية أنه "لو كنّا في أيام الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، لما كانت الزيارة الإيرانية للفاتيكان تمّت في الظّروف الرّاهنة، وعلى مسافة قليلة من الإنتخابات الرئاسيّة الإيرانيّة. فطهران تُدرِك جيّداً أن إدارة ترامب لم تَكُن تتواصل مع الكرسي الرّسولي".

ولفت في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى أن "الإحتمال الأكبر هو أن زيارة ظريف الفاتيكانيّة، تخرج عن سياق جولته الأوروبيّة، وسببها رسالة إيرانيّة الى بايدن، تتعلّق بطاولة فيينا النووية، لعِلْم طهران بأن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان يتواصل مع الكرسي الرّسولي دائماً، بتكليف من بايدن، ومنذ بداية ولايته الرئاسيّة". 

لبنان

ورجّح المصدر أن "يكون لبنان حضر في الحديث بين البابا فرنسيس وظريف، من جانب البابا، وحتى ولو تجنّب وزير الخارجيّة الإيراني ذلك. فالبابا يطلب دائماً مساعدة لبنان على أكثر من صعيد، ولا يحجب الحديث عنه مع كلّ الأطراف المؤثّرة فيه".

وأضاف:"مستقبل لبنان يعتمد على مدى تجاوب الطرف الإيراني مع المطالب المتعلّقة بتخفيف الضّغط عنه. ولكن طهران تنتظر المقابل الذي يُمكنها أن تحصل عليه من الأميركيين، قبل أي شيء آخر. وهذا ما ينعكس على الورقة اللبنانية". 

إستمراريّة

وعن الحوار الإيراني مع الفاتيكان حول الملف الفلسطيني، أشار المصدر الى أن "ما يحصل الآن بدأ في الأساس ثورة "مقدسيّة"، دخلت إيران على خطّها، فحوّلتها الى قطاع غزّة، كوسيلة من وسائل الضّغط الإيراني على مفاوضات فيينا النووية، وذلك دون تورُّط عسكري إيراني مباشر في الخليج، أو في أي مكان آخر من المنطقة".

وتابع:"بالإستناد الى أحداث قطاع غزة، تسعى طهران الى أن تفاوض في فيينا من موقع قوّة. فلولا التدخّل الإيراني، لما كانت الحرب انتقلت الى غزّة".

وختم:"زيارة ظريف الفاتيكان ليست من باب العموميات. فالسياسة الخارجية الإيرانية إستمرارية، رغم بعض الخلافات والتباينات الإيرانيّة الداخلية أحياناً. ويبقى كلّ شيء في النّهاية بِيَد "مرشد الجمهورية" علي خامنئي، الذي يبتّ هو بمضامين جولات وزير الخارجية الإيراني، في الملفات كلّها".