المصدر: المدن
الكاتب: لوسي بارسخيان
الجمعة 27 أيلول 2024 15:36:41
أولاً: لا يزال السعر العالمي للنفط في تراجع مستمر منذ أكثر من شهرين، وعليه فإن جزءاً كبيراً من المواطنين ينتظرون استقرار السعر على حده الأدنى لتأمين حاجتهم من مؤونة المازوت لفصل الشتاء، خصوصاً أن الطقس لا يزال دافئاً.
ثانياً: على الرغم من ازدياد الطلب على المادة في بعض مناطق الإيواء بسبب الحاجة لتأمين متطلبات مولدات الكهرباء العاملة على الديزل، فإن الطلب بالمقابل تراجع في المناطق التي نزحوا منها، وهو ما أدى الى نزوح جزء من "الكوتا" السنوية التي كانت مخصصة لها، وهذا ما حافظ على توازن المخزون العام للمادة لدى الشركات المستوردة.
ثالثاً: القلق الذي تتسبب به الغارات الإسرائيلية والتي تطال أحياء سكنية، وهذا ما يجعل الناس يحجمون عن تخزين كافة أنواع الوقود في منازلهم، مخافة أن تتحول قنبلة موقوتة.
رابعاً: إختلاف طبيعة الإعتداءات حتى الآن عن حرب تموز، حين استهدفت إسرائيل البنى التحتية، وهذا ما يطمئن الناس الى أن الطرقات بين المحافظات مفتوحة لإمداد مناطقهم بحاجات السوق، ولو بظل مخاطر يتحملها أصحاب الصهاريج وسائقوها.
خامساً: تبدل سلوك المواطنين في المجتمعات الريفية بالنسبة لاستخدام مادة المازوت في تدفئة منازلهم، وخصوصاً مع ارتفاع أسعار المتطلبات الحياتية الأساسية، وهو ما جعل الناس يقننونها، أقله في الأشهر الأولى من الشتاء، ويؤمنون مؤونتهم بالتقسيط، ويلجأون أحياناً الى بدائل المادة من حطب ومخلفات "الشحالة" وغيرها من المواد المحترقة. من دون أن يؤثر ذلك وفقاً لتأكيد رئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط مارون الشماس على مجمل الكمية المستهلكة في عملية التدفئة.
خامساً: تردد أصداء الحرب منذ نحو عام تقريباً، الأمر الذي جعل البعض، وخصوصاً من المقتدرين، يملأون خزانات منازلهم باكراً، وقبل بدء موسم الشتاء بأشهر، حتى ولو بسعره الأعلى.
وأضاف الشماس الى ما ذكر، دخول كميات متفاوتة من المازوت من سوريا، كانت توزع على الجنوب والبقاع. وفي كلامه ما يؤشر الى استقدام المادة بالطرق نفسها التي سمحت بوصول المازوت الإيراني في بدايات الأزمة المالية اللبنانية.
لا كوتا للمازوت
ومع ذلك يلفت شماس الى طلب متزايد على مادة المازوت في الأيام الخمسة الأخيرة ممن لديهم إمكانية للتخزين. مشيراً إلى "أننا نلبي حاجة كل السوق، ولا نحدد أي كوتا معينة. ولذلك لم تسمع أي نداءات أو شكاوٍ من شح الكميات في أي مكان"
ولفت نقيب موزعي المحروقات فادي أبو شقرا في تصريح للـ"المدن" بالمقابل الى تزايد الطلب في المناطق التي استضافت النازحين بالمدارس تحديداً، حيث الحاجة ارتفعت لتشغيل المولدات التي تأمنت بفضل اللجان الأهلية والمتمولين الداعمين. وإذ يتوقع أن يرتفع الطلب على المادة في المناطق الجردية بعد انتهاء شهر أيلول. يطمئن بأن الصهاريج لا تزال تصل الى مختلف المناطق، حتى لو واكبتها قوة عسكرية أحياناً بناء لتوصية وزارة الطاقة، وخصوصاً الى مناطق الجنوب ومستشفياتها.
ويؤكد نقيب أصحاب المحطات جورج البراكس للـ"المدن" أيضاً توفر مادة المازوت في كل المحطات طبقاً لحاجاتها، وبأسعارها التي تعمم في الجدول اليومي الصادر عن وزارة الطاقة. لافتاً الى أن مراكز التحميل تسلم الموزعين المازوت بطريقة طبيعية ومنتظمة جدا.
ورأى البراكس أنه لا يزال الوقت مبكراً لتبيان تأثير النازحين على كميات الطلب في المناطق التي نزحوا إليها. مشيرا الى "أن المشكل الوحيد الذي نعاني منه حاليا بالنسبة لإمداد المناطق بمادة المازوت وحتى البنزين، هو في المخاطر التي يعانيها سائقو الصهاريج بالإنتقال الى المناطق المعرضة للقصف". وإذ ينفي البراكس أن يكون ذلك قد أدى الى طلب رسوم إضافية من قبل سائقي هذه الشاحنات، يتحدث أصحاب المحطات عن "إكرامية" تدفع من دون تحميلها للمواطنين، وخصوصاً عندما تكون هناك حاجة لأكثر من نقلة يومياً، وذلك كتقدير للمخاطر التي يتحملها سائقو الصهاريج على الطرقات.
وتوقع البراكس "أن يرتفع الطلب حكماً على المادة إبتداءً من شهر تشرين الأول، مطمئناً لكون هذه الزيادة لن تؤثر على توازن السوق، لأن الكميات متوفرة والإستيراد مستمر. وطالما لا عوائق بحرية لا داعي للقلق."
غير أنه للمازوت إستخدامات أخرى أساسية في تأمين توليد الكهرباء بواسطة المولدات الخاصة، فهل إتخذت إجراءات إحترازية لتحاشي التقنين الكهربائي الذي قد ينجم عن شح المادة؟ يوضح الشماس "أنه طالما لم تنقطع سلسلة التموين، والبواخر لا تزال تصل الى لبنان، فلا خوف على الإطلاق. نحن سنقلق إذا ما إنقطعت هذه السلسلة لأي سبب من الأسباب، سواء بسبب حصار ما، أو بسبب المخاطر التي قد تبعد البواخر عن الشواطئ اللبنانية. عدا عن ذلك البضائع مؤمنة بطريقة متواصلة."
لا شك أن شركات الإستيراد محكومة بكميات محددة من المخزون الذي تحدده القدرة الإستيعابية لمخازنها، وبالتالي لا يمكن مطالبتها بمخزون إستراتيجي يفوق هذه القدرات، إلا أنه أبعد من ذلك يقول الشماس "أن شركات التأمين لا تغطي سوى كمية معينة، وبالتالي لا يمكن التمادي في إستيراد كميات تفوق تلك التي يتم استيرادها عادة."
فماذا لو تطورت ظروف الحرب بما يمكن أن يقطع سلسلة التموين البحرية التي تحدث عنها؟ يربط الشماس عمر المخزون بعدد ساعات التغذية بالكهرباء من خلال مؤسسة كهرباء لبنان والتي من شأنها تخفيف أو زيادة إستهلاك كميات المازوت من قبل المولدات الخاصة." أما في حال بقيت ساعات التغذية على ما هي عليه اليوم، فيقول "بأن المخزون المتواجد سيكفي لمدة تتراوح بين 20 و25 يوماً إذا لم نستورد أي كمية إضافية" لافتاً الى ما يشكله "إنتاج الطاقة النظيفة من دعم أساسي للتخفيف من الإستهلاك العام للمادة، بما يخدم الفاتورة النفطية في لبنان التي حافظت على مستوى مستقر الى حد ما، بظل العجز الذي تعانيه مؤسسة كهرباء لبنان في تأمين الطاقة."