رغم الضائقة الاقتصادية... إقبال كثيف على معرض بيروت العربي الدولي للكتاب

يختتم معرض  بيروت العربي الدولي للكتاب  في دورته الرابعة والستين، تحت شعار /أنا أقرأ/ فعالياته اليوم، والذي انطلق في الثالث من ديسمبر الجاري بمشاركة ناشرين لبنانيين وعرب، وسط إقبال كثيف وتقاطر آلاف الزائرين إليه من رواد الفكر والثقافة رغم الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد منذ عام 2019.
وتضم فعاليات المعرض، الذي ينظمه النادي الثقافي العربي ونقابة اتحاد الناشرين في لبنان، برنامجا ثقافيا تثريه كوكبة من المفكرين والأدباء والشعراء.. وتتنوع الإصدارات المعروضة بين الرواية والتاريخ والاقتصاد والتراث والسياسة الى جانب منشورات خاصة بالأطفال وسط مشاركة 133 دار نشر لبناني إلى جانب مشاركة 6 دول عربية.
وكشفت السيدة سلوى السنيورة بعاصيري رئيسة النادي الثقافي العربي في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أن معظم دور النشر المشاركة في المعرض هي من لبنان وتبلغ 133 دار نشر، مبينة أن الحضور العربي هو رمزي وسط مشاركة دول عربية منها سلطنة عمان، إلى جانب مشاركة دور نشر من العراق وتونس وسوريا ومصر.
وقالت بعاصيري، إن الدورة الحالية لمعرض بيروت العربي الدولي للكتاب أتت لتلبي تعطش اللبنانيين إلى استعادة الحياة الثقافية في لبنان على الرغم من استمرار الأزمة الاقتصادية.
وأضافت أن الأزمة الاقتصادية لا تزال مستمرة وربما تتفاقم ولكن اللبناني شعر أن هناك غذاء روحيا يجب أن يلتفت إليه وهو ما يعطيه القدرة على الاستمرار بدل الاستسلام للأزمة السياسية والمالية.
وأوضحت أنه يقام على هامش المعرض 25 فعالية ومنها ندوات لمناقشة كتب صدرت حديثا إلى جانب مناقشة قضايا هامة منها اللغة العربية والتنمية العربية والتراث اللبناني وخطط التعافي.
وما يميز معرض بيروت العربي الدولي للكتاب في نسخته الحالية، كثافة الزوار بما يوحي عودة الحياة الطبيعية إلى لبنان الذي يشهد أزمة اقتصادية ومالية منذ آواخر العام 2019، حيث شدد عشرات الزائرين للمعرض، على أن الكتاب أولوية لهم رغم الضائقة المالية التي تعانيها معظم الأسر في لبنان.
وفي هذا السياق، قال السيد أكرم حمدان المسؤول الإعلامي في معرض بيروت العربي الدولي للكتاب في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ في بيروت: “فوجئنا بنسبة الإقبال وحركة الزوار التي شهدها المعرض منذ اليوم الأول وحتى الساعات الأخيرة منه، وخصوصا من قبل طلاب المدارس والمعاهد والجامعات الذين تجاوز عددهم 10 آلاف طالب من مختلف المناطق اللبنانية”.
ولفت حمدان إلى الإقبال الكثيف على شراء الكتب خاصة بين جيل الشباب، معتبرا أن ذلك أمر لافت خاصة أننا في عصر التكنولوجيا والإنترنت وهو ما يشير إلى أن الشباب لا يزال لديه شغفا للقراءة.
وأشار حمدان إلى زيادة عدد زوار المعرض مقارنة مع الدورة السابقة للمعرض التي عقدت استثنائيا شهر مارس الماضي التي شارك فيها 90 دار نشر لبناني فقط، وكان الهدف منها آنذاك الإعلان عن عودة المعرض بعد التوقف القسري لمدة ثلاث سنوات بسبب جائحة كورونا /كوفيد-19/ والأزمة الاقتصادية.
وفي هذا السياق، أكد السيد سعيد المحرزي ممثل عن وزارة الثقافة والرياضة والشباب في سلطنة عمان (جهة رسمية مشاركة في المعرض) لوكالة الأنباء القطرية، أن مشاركة سلطنة عمان في المعرض تندرج في سياق توطيد العلاقات بين سلطنة عمان ولبنان، لافتا إلى إقبال كبير على جناح وزارة الثقافة والرياضة والشباب العمانية من قبل اللبنانيين من أجل التعرف على الإنجازات التي تشهدها سلطنة عمان.
وأشار إلى أن جناح وزارة الثقافة والرياضة والشباب العمانية يضم مجموعة من الكتب المتنوعة في مختلف المجالات والعلوم من فقه وأدب وتاريخ.
ورغم تراجع عدد دور النشر العربية المشاركة في الدورة الحالية مقارنة مع ما كانت عليه المشاركة قبل العام 2019، إلا أن اللبنانيين يرون في انعقاد الدورة الحالية بارقة أمل وعنوانا لتمسك لبنان بدوره الثقافي والحضاري رغم أزماته المتفاقمة، خاصة أن لمكان إقامة المعرض رمزية كونه يتواجد عند واجهة بيروت البحرية التي دمرها انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس 2020، وأسفر عن مقتل ما يزيد عن 200 شخص وأكثر من 6 آلاف جريح إلى جانب خسائر مادية وأضرار فادحة بالممتلكات في العاصمة اللبنانية.
وقد غاب المعرض لثلاث سنوات متتالية منذ العام 2019 بسبب المظاهرات الاحتجاجية التي شهدتها بيروت تحت وطأة الأوضاع المعيشية، كما حال انفجار مرفأ بيروت دون إقامة المعرض في العام 2020 وأيضا العام 2021 بسبب أعمال الترميم لإصلاح الأضرار الناجمة عن الانفجار، في حين أقيم المعرض في دورته الـ 63 شهر مارس الماضي فور الانتهاء من أعمال الترميم.
وما يميز النسخة الحالية من المعرض أنه يقام في ظل أزمة مالية واقتصادية أدت إلى انهيار الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي إلى جانب تزايد معدلات الفقر التي تجاوزت نسبة 82 بالمائة من سكان لبنان مقارنة مع نسبة 42 بالمائة عام 2019 وفقا لإحصاءات لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا “الاسكوا”، إضافة إلى أزمة في القطاع المصرفي جراء تقييد السحوبات بالدولار.
ويعود تنظيم أول معرض للكتاب في بيروت إلى 23 أبريل من العام 1956، حين قام النادي الثقافي العربي بتنظيم أول معرض عربي للكتاب في الشرق العربي في القاعة الغربية للجامعة الأمريكية في بيروت واستمر لمدة ثلاثة أيام”.
وحقق يومها نتائج كبيرة كانت الدافع لأعضاء النادي “للمضي قدما في إقامة هذا المعرض سنويا وبصورة دائمة، ليغدو مع الزمن أحد الركائز والمعالم الثقافية لمدينة بيروت ولبنان والعالم العربي”.. وفي العام 1992 تغير اسم المعرض ليتحول من “معرض بيروت العربي للكتاب” إلى “معرض بيروت العربي الدولي للكتاب”.