ركام الضاحية الى البحر: توسعة مطمر الكوستا برافا

هذا الخيار كان منذ سنين في مستهل الخيارات التي سعت إلى اعتمادها الحكومات المتعاقبة لحل أزمة النفايات، أما اليوم فبات هذا المشروع بنظر البعض، يحل مشكلة إضافية ألا وهي التخلص من ركام الضاحية الذي تقدَّر كميته بنحو 4 ملايين طن. هذه التوسعة ستتم عبر طمر مساحات إضافية من البحر، وبذلك ستزيد مساحة لبنان بما يفوق نحو 120 ألف متر مربع.

هذا القرار ليس وليد هذه الحكومة، ففي جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت في السابع من كانون الثاني (جلسة لحكومة ميقاتي) كلف مجلس الوزراء مجلس الإنماء والإعمار بهذا المشروع وذلك بعد إعداد دراسة للأثر البيئي وليس الأول من نوعه، إذ سبق أن أقرت الحكومة اللبنانية بتاريخ 11 كانون الثاني 2018 مشروع “الكوستا برافا 2” للتوسعة، إلا أن جهات محلية اعترضت حينها على المشروع ولم يسر كما كان مقرراً.

مصدر في الشركة المتعهدة لرفع الركام في محيط الضاحية أكد لـ"النهار" أن كل الركام الذي يُرفع من غالبية الشوارع التي تعرضت للقصف يُنقل الى محيط المطمر المذكور، وهذا ما يعني أن بوادر المشروع قد بدأت تتضح قبل إعداد أي دراسة للأثر البيئي.

وبحسب رئيس جمعية الأرض لبنان الناشط البيئي بول أبي راشد "ثمة سوابق بأن ترفق المشاريع بدراسة شكلية للأثر البيئي بعد إنجاز شوط من المشروع وهذا ما يشكل بذاته مخالفة لقانون البيئة الصادر سنة 2002 إذ يجب إعداد دراسة للأثر البيئي والحصول على موافقة مجلس الوزراء على أساسها ومن ثم البدء بالمشروع فعلياً".

ستؤمّن إيرادات المشروع من حصة البلديات المستفيدة منه، والجدير بالذكر أنه أحد أبرز المطامر في لبنان، وهو الأكثر استقبالاً للنفايات يومياً، حيث لا تقتصر نفاياته على مخلفات ساكني بيروت فحسب وهو مقام على أرض مشاعات. إلا أن قربه من مطار بيروت، على مسافة كيلومتر واحد فقط، يثير مخاوف جدّية على سلامة الطيران. وفي هذا السياق، أصدرت نقابة الطيارين اللبنانيين بتاريخ 26 آب 2016 بياناً تحذيرياً، داعيةً إلى الالتزام باتفاق لبنان مع المنظمة الدولية للطيران المدني بشأن ضمان بيئة آمنة للملاحة الجوية.

 فهل قرار الحكومة السابقة الذي تبنّته الوزيرة الجديدة صائب؟
يجيب المهندس المدني الاستشاري راشد سركيس "الحكومة يجب أن تستند إلى آراء الاختصاصيين في المجال المطلوب معالجته (دراسات حقيقية دون توجيه أو تسليك) ولا يحق للمسؤول أن يتخذ قراراً يناقض المنطق العلمي للأمور"، مضيفاً "من قال إن قرار الحكومة كان صائباً؟ ومن قال إننا بحاجة إلى ردم البحر؟ ومن قال إن المواد الناتجة من ركام المباني هي مواد غير صالحة للاستعمال؟ والتوجّه للتعامل معها على أنها نفايات ورميها مع النفايات المنزلية في مشهد كاريكاتوري لا يمكن وصفه إلا بالجهل والضرب بالقيم البيئية خارج كل مستويات المسؤولية المجتمعية والوطنية والاجتماعية".
ويلفت سركيس إلى أن "النهج المتبع في آخر أيام الحكومة السابقة كان متركزاً على فكرة تخطي الوقت والدفع إلى الأمام ما دام ذلك ممكناً، ولا يمكن لأحد أن يقبل أن يكون بقرب مدارج المطار مكبّ بهذا الحجم".

وعن العملية الهندسية المتبعة للردم بالركام يقول سركيس "في مصطلحاتنا العلمية، لا توجد عبارة "الردم" أو الطمر في البحر بل إن هذه المواد يجب التعامل معها على قدر الفائدة التي يمكن أن تعطينا إيّاها. وبما أن كل المواد الناتجة عن الدمار في المباني هي مواد أولية جيدة بنسب متفاوتة، فهي تفيد على كل حال باستخدامها في كل القطاعات المتعلقة بالبناء، فكما النفايات المنزلية، كلها قابلة للتدوير ويجب الاستفادة منها لما لها من أثر بيئي سلبي أقل بكثير من إنتاج مواد جديدة واستهلاك أو هدر الموارد الطبيعية".