روبيو في إسرائيل لاحتواء تداعيات قصف الدوحة... وغزة خارج حسابات محاولة خفض التصعيد الإقليمي

تكاد زيارة وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو لإسرائيل أن تنحصر بمهمة واحدة، ألا وهي احتواء تداعيات استهداف قادة "حماس" في الدوحة في 9 أيلول. أما النقاش بوقف للنار في غزة، فهو مسألة بات من الصعوبة بمكان التفريق فيه بين الموقفين الإسرائيلي والأميركي.

يُعتبر هذا أول تماس لروبيو مع مشكلة من مشاكل الشرق الأوسط، منذ تولي إدارة الرئيس دونالد ترامب مهماتها قبل تسعة أشهر. وعهد البيت الأبيض بملف غزة الى المبعوث الخاص ستيف ويتكوف، الذي تكررت زياراته للمنطقة من دون إحراز أي تقدم نحو تسوية ديبلوماسية، تضع حداً للحرب الإسرائيلية التي تقترب من استكمال عامها الثاني.
وإلى وزارة الخارجية، يتولى روبيو أيضاً مهمات مستشار الأمن القومي بالوكالة، ولم يجمع مسؤول أميركي بين المنصبين منذ السبعينات إبان عهد الرئيس ريتشارد نيكسون، الذي عين هنري كيسنجر في المنصبين. وفتحت ديبلوماسية الأخير في الشرق الأوسط الطريق أمام التوقيع على معاهدة كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل في عام 1979 خلال ولاية الرئيس جيمي كارتر.   
لكن اليوم، ما من أحد يعلّق آمالاً عراضاً على ما سيخرج به روبيو من زيارته لإسرائيل، سوى تقديم مزيد من الدعم الى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في حربه على غزة. ولا توجد مؤشرات على أن روبيو في سبيله إلى ممارسة ضغط على المسؤولين الإسرائيليين للقبول بوقف موقت للنار، وسيلة للتعامل مع حجم الاستياء العربي والدولي الناجم عن قصف الدوحة.
وعلّق روبيو، قبل سفره إلى إسرائيل، على هذا القصف قائلاً: "ما حدث قد حدث. لسنا سعداء به... لكن علينا أن نناقشه وبشكل رئيسي ما التأثير الذي سيخلفه" على جهود التوصل إلى هدنة في غزة. وقبل أن يتولد أي انطباع سلبي في إسرائيل حيال القصد من هذا الكلام، استدرك روبيو فوراً: "هناك مجموعة تسمى حماس لا تزال موجودة، وهي مجموعة شريرة".

في وقت تنعقد القمة العربية والإسلامية تضامناً مع الدوحة اليوم، يسعى روبيو إلى الحد من الخسائر على صعيد العلاقات الأميركية-الخليجية، التي اهتزت من جراء الضربة الإسرائيلية. ولا بد من أن واشنطن لا تستسيغ مشهد استقبال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بالتزامن مع القصف الإسرائيلي للدوحة.
إن إيفاد ترامب لروبيو إلى إسرائيل، يكاد أن يكون بمثابة إشارة إلى أن البيت الأبيض يولي اهتماماً جدياً بأن يمارس نتنياهو نوعاً من ضبط النفس، كي لا يفسد السياسة الأميركية برمتها في المنطقة.     
سيكرر روبيو على مسامع نتنياهو التزام أميركا الثابت أمن إسرائيل، ووقوف واشنطن إلى جانبها في مواجهة الضغط الدولي الذي سيتخذ شكل اعترافات بدولة فلسطين على هامش أعمال الدورة العادية للجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل. 
لكن نتنياهو، استبق أي مسعى أميركي للتريث في ضم الضفة الغربية لما سيكون له من ردود فعل سلبية، بإعلانه الخميس المصادقة على المشروع الاستيطاني الواسع في المنطقة "إي 1" في القدس الشرقية، وبتأكيده أن حدود إسرائيل ستكون في غور الأردن.
ورداً على تبني الجمعية العامة الجمعة "إعلان نيويورك" لحل الدولتين، كثف الجيش الإسرائيلي القصف الجوي على مدينة غزة، وكرر اصدار آوامر الإخلاء "فوراً" لسكانها "المحكوم عليهم بالمغادرة أو الموت"، وفق ما صرحت به الناطقة باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أولغا شيريفكو.
وفي الوقت الذي حطت فيه طائرة روبيو في إسرائيل، كان السناتوران الديموقراطيان كريس فان هولن وجيف ميركلي، يتهمان الدولة العبرية "بممارسة التطهير العرقي في غزة، تمهيداً لدفع سكانها إلى الرحيل، وذلك بتواطؤ أميركي".