سائقون قصّر على الطرقات: اقتراح يُنظم قيادتهم لحمايتهم

لا يختلف اثنان على أن القيادة في لبنان تحتاج لمهارات استثنائية للهروب من مصائد الموت والحوادث القاتلة، وليست إحصائيات غرفة التحكّم المروري للحوادث اليومية وحصيلتها بالإضافة إلى بيانات الـ Yasa وما ترصده من مخالفات كما الصور والفيديوات للحوادث المرعبة إلّا الدليل الأبرز على مدى سوء الوضع.

مؤخرًا، عاد الشباب للخضوع لامتحانات السوق والحصول على رخص القيادة، وشيئًا فشيئًا بات بيننا جيل قادر على فهم كلّ إشارات السير واللّوحات كما ساهم النظام الجديد في إرشادهم ومساعدتهم على فهم أعطال السيارات. صحيح أن ذلك لا يكفي للتخفيف من حوادث السير، لكنه يشكّل بداية تكوين جيل سليم قادر على القيادة.

وفيما تحتاج الطرقات إلى مزيد من الصيانة وإلى عودة تشديد الرقابة على الرخص والسرعة القصوى، وفيما تسعى القوى الأمنية لذلك، برزت مشكلة جديدة - قديمة تتمثل بقيادة من هم دون الـ 18 لسيارات أهاليهم لا سيّما أن الأيام تغيّرت وبات عمر الاستقلالية عند المراهقين أبكر من الـ 18 سنة. وهذا يعني أن بيننا من يقودون لا فقط من دون رخصة بل من دون فهم قوانين السير البديهية وإشارات السير. ومن هنا، كان للنائب بلال الحشيمي اقتراح قانون من شأنه تعديل قانون السير رقم 243/2012، بحيث يُسمح للشباب اللبنانيين اعتبارًا من عمر 16 سنة بالحصول على رخصة سوق موقتة (تحت التجربة)، ضمن شروط وضوابط دقيقة تضمن السلامة العامة والانضباط المروريّ.

وفي حديثه لـ "نداء الوطن"، يقول الحشيمي إن على الطرقات الكثير من المراهقين يقودون من دون رخصة، ومنهم من يذهبون إلى مدارسهم بسياراتهم ومنهم من يأخذون سيارات أهلهم سرًا ويضطرّون إلى المراوغة وتعريض أنفسهم وغيرهم للخطر على الطرقات عند الحديث عن حواجز للقوى الأمنية، ومن هنا كان اقتراح الحلّ هذا. مشيرًا إلى أن حوادث المراهقين ترتب عليهم نتائج كارثية وعلى أهلهم أيضًا لا ماديًا فقط لا سيّما في حال وقوع ضحايا بالحادث.

ويلفت الحشيمي إلى أن منح الرخص لن يكون عشوائيًا وهو أمر يحصل في فرنسا وكندا وألمانيا وغيرها من الدول المتطوّرة، ويشدّد على أن الرخص ستسمح للمراهق بالقيادة وفقًا لسرعة لا تتجاوز الـ 60 كلم في الساعة على أن تحمل سيارته علامة تشير إلى أنه سائق مبتدئ، وبعد المرور بامتحانات مكثفة ودورات تعليم في مدارس سوق مخصّصة تتيح له فهم القانون وخطر القيادة المتهوّرة، على أن تسحب منه رخصة القيادة ويمنع من الاستحصال على أخرى حتى عمر الـ 18 في حال المخالفة. ويخلص إلى أن من شأن ذلك تحضير سائق يفهم القانون وأكثر وعيًا بأهميّة الالتزام بمتطلّبات السلامة المرورية عوضًا عن ترك هؤلاء يقودون في فوضى ومن دون إرشاد.

وعلى صعيد الأرقام، تُظهر دراسة إحصائية أنجزها الحشيمي أن 46 % من السائقين بدأوا بقيادة سياراتهم وهم دون الـ 18 سنة ومن دون رخصة، كما يلفت إلى أن الكثير من ضحايا حوادث السير هم دون الـ 21 سنة ولا يملكون رخصة قيادة، ويسأل: أليس الأفضل تدريبهم على أصول القيادة عوضًا عن تركهم ضحايا محتملين؟

وإن كان الاقتراح إيجابيًا بالنسبة لكثر لا سيّما الجيل الجديد الذي تُعتبر الاستقلالية المطلقة من أبرز ميزاته، إلّا أن انتقادات طالت القانون على صعيد أن العملية تحتاج لجهاز رقابي فعّال يتأكد من حسن سيرها، غير أن الحشيمي يرى أن ذلك من مسؤولية القوى الأمنية وهي موجودة وتقوم بدورها.

وعليه، يؤكد الحشيمي أن الهدف من القانون هو ضبط واقع القيادة في لبنان لبناء مجتمع يُصبح فيه التنقل على الطرقات أكثر أمانًا، وجعل الجيل الجديد يعرف القانون ويعرف أنه وُضع لمصلحته بالإضافة إلى تحويل العلاقة بين القاصر الذي يقود والقوى الأمنية من علاقة هروب إلى علاقة احترام وانصياع للضوابط والقانون. ومن هذا المنطلق، يعتقد أن الاقتراح يجب أن يسلك مساره سريعًا ويقرّ وألّا يتنقل بين اللّجان لأن الواقع سيّئ على الأرض ويحتاج معالجة جديّة.