المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: طوني جبران
الأحد 21 تموز 2024 14:58:45
عبّرت مصادر سياسية وديبلوماسية عن اعتقادها بأن التطورات العسكرية التي شهدتها الساعات الاخيرة ما بين اليمن وجنوب لبنان اعطت اولى المؤشرات المؤدية الى امكان توسع العمليات العسكرية خارج ما بات مألوفا حتى الساعة. وان الحديث عن "قواعد اشتباك ثابتة ومحترمة" بدأ بالتراجع في لحظات حرجة كان يعتقد ان تتدحرج بشكل مأساوي قبل ايام قليلة على زيارة رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو الى واشنطن، وما يمكن ان تحمله ان عقد لقاء بينه والرئيس الاميركي جو بايدن او اقتصرت على القاء خطابه امام الكونغرس بمجلسيه النيابي والشيوخ.
وفي هذه الاجواء، قالت المصادر في قراءتها للتطورات المتلاحقة عبر "المركزية" ان لا يمكن تجاهل ما تسبب به الخرق الجوي اليمني لمدينة تل ابيب بـ "مسيرة انقضاضية" انطلقت من اليمن فجر اول امس الجمعة، ذلك انها عملية تساوي في نتائجها العسكرية والسياسية الاستراتيجية ما كان متوقعا، لو إكتملت فصول الموجات المئوية من الصواريخ والطائرات المسيرة التي استهدفت الاراضي الاسرائيلية انطلاقا من الاراضي الايرانية في 13 نيسان الماضي، بعدما زادت مخاطر إضافية غير تلك التي استهدفت جنوب اسرائيل وتحديدا ميناء ايلات ومدن اخرى جنوبية.
واضافت هذه المصادر ، انه وان لم تكن الضربة اليمنية الاولى باتجاه اسرائيل بعد مسلسل عملياتها البحرية التي تستهدف السفن المتوجهة الى الموانىء الاسرائيلية، فان ما عكسه الرد الاسرائيلي باتجاه منشآت الطاقة في ميناء الحديدة بما فيها من معامل كهربائية لانتاج الطاقة ومخازن المحروقات وما انتهت اليه من قتلى وجرحى هي التي قدمت المؤشرات التي يمكن ان تقود الى توسع العمليات العسكرية على ساحات المنطقة الملتهبة. فالعمليات الاميركية والبريطانية التي استهدفت الاراضي اليمنية لم تنته، رغم عددها، الى ما ادت اليه الضربة الاسرائيلية من خسائر موجعة في ساعات قليلة.
وما زاد في الطين بلة، ان هذه الضربة التي اعقبت احدى النظريات "الخبيثة" التي اوحت بوضع اسرائيل لمعادلة جديدة، قالت بان بيروت باتت "في المرمى" مقابل تل ابيب، ولكنها سقطت بالضربة القاضية التي وجهها سرب اسرائيلي من طائرات الـ "آف 35" باتجاه الحديدة اليمينة، من دون اغفال الرد الاسرائيلي المتطور الذي بدأ يستهدف منشآت عسكرية ومخازن للاسلحة التابعة للحزب لاول مرة، كما جرى في عدلون عصر امس، على الطريق الساحلية بين صيدا وصور بعمق اقترب من اربعين كيلومترا شمال الحدود الجنوبية، وهو ما يقود الى ان قواعد الاشتباك لا تخرق ان كان الهدف من خارج نطاقها عملا عسكريا، وان طالت نتائجه مدنيين فان مبررها العسكري يتقدم على كونها استهدافا لمناطق سكنية.
ولا تخفي مراجع عسكرية مخاوفها من احتمال الخروج على"قواعد الإشتباك" في المنطقة قبل ان تتوسع الى الساحة القريبة من لبنان وغزة، وهو ما يمكن تفسيره بأولى الخطوات المؤدية الى "حرب اقليمية" متى بدأ الرد اليمني هذا، ان لم تتوسع في جنوب لبنان لتعود طهران مباشرة ومعها قوى الممانعة الى انخراطها جميعها في الحرب، وهي لم ولن تكتمل ما لم تشارك طهران في العمليات العسكرية مباشرة، امر قد لا يكون مستبعدا متى تم تفسير الضربات التي تستهدف قادة الحزب ومخازنه ومنشآته الادارية غير العسكرية وقد تجاوزت الخط الاحمر .
بناء على ما تقدم، تتوسع المصادر السياسية والديبلوماسية في تحليلاتها لما يجري مما لم يكن متوقعا، في ظل الاصرار على تغليب الحلول الدبلوماسية على العسكرية لتعترف بأن اتصالات الساعات الاخيرة وما رافقها من استعراضات للقوة وبيانات التهديد التي صدرت من اليمن وطهران وبيروت وبغداد، تنذر بالرد وبالرد على الرد لتهدد أمن المنطقة بما هو اخطر واوسع واكثر انتشارا وتدميرا.
وتختم المصادر ان الرد الاسرائيلي على العمليات اليمنية، وان كان غير مسبوق من قبل، فإن اي عملية اخرى تستثير ايران قد تدفع باتجاه مماثل يغير "قواعد الاشتباك" إن لم ينسفها بالكامل. فالمسافة بين فلسطين المحتلة واليمن ليست ابعد مما بينها وايران، ولذلك قد تكون "عملية اليمن" خطوة اولى على الطريق الى طهران من دون اي تردد.