تدل الدعاوى التي ترفعها شخصيات مدرجة أسماؤهم على قائمة العقوبات، بسبب دعمهم النظام السوري، أمام المحكمة العامة الأوروبية، بهدف شطب أسمائهم، على طريقة تعاطٍ جديدة من قبل النظام، بدلاً من سياسة عدم الاكتراث.
وكانت المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي، قد رفضت قبل أيام، الدعوى التي تقدم بها سامر كمال الأسد، ابن عم رئيس النظام بشار الأسد، لإزالة اسمه من قائمة العقوبات الأوروبية، بسبب دعم النظام وتجارة المخدرات.
وبيّنت المحكمة أن رفضها استند إلى الأدلة المقدمة من مجلس الاتحاد الأوروبي، مؤكدة أن "الأدلة المقدمة، كانت كافية لتبرير العقوبات المفروضة وفقاً للقوانين الأوروبية المتعلقة بالتدابير التقييدية ضد الأفراد المتورطين في دعم النظام".
وقبل ذلك بأشهر، تقدم رجل الأعمال السوري، ومالك شركة "أجنحة الشام" للطيران، عصام شموط، بطلب شطب اسمه من قائمة العقوبات المفروضة على النظام السوري، لكن المحكمة رفضت الدعوى كذلك.
وإزالة الأسماء من قوائم العقوبات الأوروبية تحتاج إلى مكاتب محاماة متخصصة تكاليفها باهظة، وغالباً ما تنتهي إلى خسارة الدعاوى بسبب الإجراءات المعقدة، ما يعني أن الشخص صاحب الدعوى يدرك مسبقاً أن حظوظه قليلة، وأنه يجازف بالكلفة.
ويتزامن لجوء شخصيات النظام إلى الطرق القانونية في التعامل مع العقوبات الأوروبية، مع زيادة النقاشات الأوروبية حول ضرورة إعادة النظر في علاقة التكتل الأوروبي مع النظام، وبالتالي، يجب النظر إلى هذه التحركات بوصفها جزءاً من التحضيرات للمرحلة اللاحقة.
طوق نجاة
ويفسر المحلل السياسي المطلع على السياسات الأوروبية أسامة بشير، الدعاوى هذه إلى محاولة شخصيات النظام البحث عن طوق نجاة، مشيراً إلى "مخاوف بين الشخصيات الاقتصادية النافذة لدى النظام، من تدهور الوضع الاقتصادي أكثر، وسط خشية من مصادرة أملاكهم من قبل النظام".
ويشير بشير في حديث لـ"المدن"، إلى حديث صحف إيرانية عن احتمال انهيار النظام السوري، بسبب تراجع الدعم الروسي والإيراني، ويقول: "بالتالي تحاول هذه الشخصيات البحث عن طوق نجاة في أوروبا، بعيداً عن روسيا وإيران"، في إشارة إلى تقرير نشرته صحيفة "افتاب نيوز"، التابعة للتيار الإيراني الإصلاحي قبل أيام، بعنوان "السيناريو السوري لروسيا.. الحرب الأوكرانية تستهدف اقتصاد روسيا".
وحسب بشير، فإن تكلفة إجراءات المحاكمات في أوروبا مرتفعة للغاية، معتبراً أن "تحمل النفقات يعكس الوضع المتأزم للمتقدمين".
وعن أسباب الرفض، يوضح أن "الرفض أتى بسبب الأدلة القاطعة التي يمتلكها الاتحاد"، مضيفاً "حتى لو غيّر الاتحاد الأوروبي سياساته في سوريا، وهو أمر مستبعد، فإن ذلك لا يعني نسيان الانتهاكات والجرائم التي ارتكبتها الشخصيات المعاقبة".
التحايل على العقوبات
واعتاد النظام السوري على رفض العقوبات التي تفرض عليه وعلى الأفراد المرتبطين به، وتحميلها مسؤولية الوضع المعيشي الصعب للسوريين.
ويرى مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني أن النظام كان دائم التحرك للتحايل على العقوبات الأوروبية والأميركية، معتبراً أن "الدعاوى هذه ضمن النسق ذاته".
ويضيف عبد الغني لـ"المدن"، أن النظام له علاقات وطيدة بمكاتب محاماة أوروبية كبيرة، وهو يحاول الاستفادة منها. ويقول: "يبدو أن الأزمة الاقتصادية التي يعيشها النظام تشتد. وهو يبحث بالتالي عن أي مخرج أو متنفس اقتصادي، ومن المعروف أن الغرض من العقوبات أوروبياً دفع النظام إلى تقديم تنازلات سياسية".
ويراهن النظام على ملف اللاجئين ورغبة بعض الدول الأوربية بإعادة أعداد منهم إلى سوريا، وخصوصأً بعد إعلان ألمانيا أكبر الدول الأوروبية استضافة للاجئين السوريين عن قرارها إعادة مهاجرين إلى بلادهم، لدفع الدول إلى غض النظر عن المطالب السياسية منه، واختصارها بملف عودة اللاجئين، والتعاون الأمني.