المصدر: النهار
الكاتب: جاد فياض
الاثنين 4 تشرين الثاني 2024 08:23:19
ساعات معدودة تفصل العالم عن الاستحقاق الانتخابي الأكبر، الانتخابات الرئاسية الأميركية، والأنظار مشدودة إلى آخر استطلاعات الرأي ومزاج الناخب الأميركي في الولايات المتأرجحة السبع، لمحاولة تنبّؤ هوية ساكن البيت الأبيض في السنوات الأربع المقبلة، في ظل منافسة يصفها خبراء الشأن الأميركي بأنها "غير مسبوقة" في التاريخ، بين المرشّح الجمهوري دونالد ترامب والمرشّحة الديموقراطية كامالا هاريس.
تصويت مبكّر... استثنائي
استثنائية هذا الاستحقاق الانتخابي تظهر من خلال أرقام المشاركة، والتي تعكس حجم المنافسة من جهة، وأهمية الانتخابات نسبةً للظروف المحيطة بها. وفي آخر المستجدات، أدلى أكثر من 74 مليون شخص بأصواتهم في التصويت المبكّر حتى السبت، وهو ما يمثّل 46 في المئة تقريباً من إجمالي عدد الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية لعام 2020.
وفي تفاصيل أرقام بعض الولايات، فقد اقترع 4 ملايين ناخب في جورجيا، ما يُعادل 80 في المئة من إجمالي الذين صوّتوا في عام 2020 في هذه الولاية، وفق ما نقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، في حين شارك نصف الناخبين المؤهّلين تقريباً في الولايتين المتأرجحتين أريزونا وكارولاينا الشمالية، وبلغ عدد بطاقات الاقتراع في ولاية ديلاوير أعلى من أي وقت مضى.
عملية التصويت المبكّر شهدت إقبالاً أوسع منذ انتشار جائحة كورونا التي أدّت إلى تغيير في مشهدية عملية الاقتراع، وفي هذا السياق، يقول باري بوردن، مدير مركز أبحاث الانتخابات بجامعة ويسكونسن في ماديسون، إن "يوم الانتخابات هو مجرد نهاية التصويت. لدينا العديد من أيام الانتخابات، ويوم الانتخابات هو اليوم الأخير الذي يمكن فيه الإدلاء بالأصوات".
أيوا... والمفاجآت!
المفاجآت لا تغيب عن الانتخابات الرئاسية، وتركيز المتابعين لا ينصب على الولايات المتأرجحة فحسب، بل على الكثير من الولايات الأخرى التي كانت تُعتبر "محسومة النتيجة"، وهذا الواقع أكّدته ولاية أيوا، إذ وبعدما اعتبرها المحللون "جمهورية"، أظهر آخر استطلاع للرأي نقلته "واشنطن بوست" عن "Des Moines Register-Mediacom" أن هاريس تتقدم بشكل طفيف على ترامب، مع العلم أن للولاية 6 أصوات في المجمع الانتخابي الذي يحتاج المرشح إلى 270 صوتاً منه للفوز بالرئاسة.
وبحسب الاستطلاع، فإنّ التقدم الطفيف لهاريس كان سببه النساء، إلّا أن فريق ترامب لم يتقبّل نتيجة استطلاع الرأي. وفي حين وصفه مستشاره جيسون ميلر بـالاستطلاع "الغبي"، قائلاً إنّه "في كل دورة، هناك استطلاع غبي واحد"، نددت حاكمة ولاية أيوا كيم رينولدز الجمهورية بالاستطلاع وقالت إنّ الجمهوريين كانوا متقدمين في التصويت المبكر في الولاية.
الكاتب والباحث السياسي المقيم في واشنطن د. حسن منيمنة يعتبر في حديث لـ"النهار"، أن "المحسوم ليس محسوماً إلى أن تُجرى الانتخابات"، ويستذكر تجربة المرشّحة الديموقراطية السابقة هيلاري كلينتون التي اعتبرت أن "ولايات الحائط الأزرق (أي الولايات التي تصوّت للديموقراطيين) محسومة، فخسرت الانتخابات بوجه ترامب عام 2016"، ولا يستبعد بالتالي حصول المزيد من المفاجآت.
ويواجه ترامب أزمة في أوساط النساء الأميركيات، إذ تُظهر استطلاعات الرأي أن هاريس تتقدّم عليه في هذه الفئة الانتخابية. هذا الواقع لم يغب عنه، فتحدث في آخر خطاباته عن النساء قائلاً إنه يجب حمايتهن "في المنزل في الضواحي"، في حين حذّرت هاريس منه ووجّهت رسالة قالت فيها إن ترامب ليس شخصاً "يفكر في كيفية تحسين حياتك"، ووصفته بأنه مرشح "غير مستقر بشكل متزايد".
ما حال الولايات المتأرجحة؟
الولايات المتأرجحة لم تحسم خياراتها بشكل تام، والنتائج تتبدّل بغضون ساعات، لكن وفق آخر استطلاع نشرته "نيويورك تايمز"، فإن هاريس تتقدّم في كل من ميشيغان وويسكونسن، في حين يتقدّم ترامب في كل من كارولاينا الشمالية، نيفادا، جورجيا وأريزونا، ويتعادل الطرفان في ولاية بنسلفانيا التي تشهد معركة حامية جداً بينهما.
لكن صحيفة "نيويورك بوست" كان لها رأي آخر في استطلاعات الرأي، إذ قالت إن ترامب يتقدّم بكافة الولايات المتأرجحة المذكورة، مع ضرورة الإشارة إلى أنّ الصحيفة تميل نحو الجمهوريين ومرشّحهم، فيما "نيويورك تايمز" تدعم هاريس والديموقراطيين، ما يفتح الباب أمام سؤال مرتبط بحيادية وموضوعية استطلاعات الرأي التي تنقلها وسائل إعلام تتبنّى مرشحاً ضد الآخر.
اختلاف الأرقام منسوب إلى أسباب عديدة، وبرأي منيمنة، فإن "ثمّة هامش خطأ مرتبطاً باستطلاعات الرأي، وثمّة سياسة تعتمدها بعض مؤسسات الاستطلاعات والصحف، وهي إجراء أكثر من استطلاع واعتماد الاستطلاع ذي النتيجة التي تُناسب رأي الصحيفة أو المؤسسة التي تُجري الاستطلاع، وعادة ما توظّف هذه الأرقام من أجل الدفع باتجاه نتيجة ما، وهذه الاعتبارات تعبوية وليست علمية".
في المحصّلة، فإن يومين طويلين ينتظران الولايات المتحدة والعالم المراقب لنتائج الانتخابات الرئاسية، لكن ما يلي الانتخابات قد يُشكّل نفسه الحدث الأبرز في حال حصول مفاجآت غير متوقعة، وسيناريو التمرّد ورفض النتائج والتشكيك بمجريات الاستحقاق كما حصل بعد انتخابات 2020 وارد بقوّة في ظل الانقسام الحاد الذي تواجهه الولايات المتحدة.