المصدر: العربية
الثلاثاء 20 حزيران 2023 19:48:25
تسابق فرق الإنقاذ الزمن، الثلاثاء، للعثور على غواصة سياحية صغيرة اختفت قرب حطام "تايتانيك" على عمق 12500 قدم تحت الماء بعد 370 ميلاً من ساحل نيوفاوندلاند، كندا بينما كان على متنها خمسة أشخاص.
ويقول المولجون بعمليات البحث إنهم يسابقون الزمن للعثور عليهم في الأعماق المظلمة للمحيط الأطلسي، قبل نفاد الأكسجين الموجود على متن الغواصة والذي لم يعد يكفي إلا لنحو 50 ساعة فقط، وهم داخل الغواصة الضيقة التي يبلغ طولها 22 قدمًا.
تجربة سابقة "لا تبشر بالخير"
وأخبر صحافي تلفزيوني سابق كيف أنه "كاد يموت" في غواصة علقت قرب حطام التايتانيك. وكشف مايكل غيلن، محرر العلوم السابق في ABC، عن تجربته المرعبة في عام 2000 عندما أصبح أول مراسل تلفزيوني يدخل غواصة لزيارة الحطام - الذي يقع على بعد ميلين ونصف ميل من سطح المحيط الأطلسي قبالة نيوفاوندلاند.
وتحدثت اللقطات الإخبارية التي نشرها الدكتور غيلن عن كيفية وقوع السفينة فجأة في تيار قوي تحت الماء دفعها نحو مراوح تيتانيك التي يبلغ وزنها 21 طناً.
وبعد أن انحصرت أسفل المؤخرة، حاول الطاقم عكس اتجاهها - وعند هذه النقطة سمع دوي عندما شوهدت قطع من الحطام تطفو في الماء.
فهل نحن عالقون أم ماذا؟ يمكن سماع صوت يسأل في اللقطات. تمكن الفريق في النهاية من تحرير الغواصة وإعادتها إلى السطح، لكن الدكتور غويلن قال إن الحادث "كاد أن يودي بحياتي".
وكان الدكتور غيلن على غواصة تسمى Mir 1 والتي تم بناؤها في عام 1987. وقال غيلين، الذي كتب في كتابه الصادر عام 2021، الإيمان برؤية: "بدا لي أننا كنا نتجه نحوها [المروحة] بسرعة كبيرة. في وقت لاحق، علمت أن غواصتنا قد علقت بطريق الخطأ في تيار سريع الحركة وعميق تحت الماء. بعد جزء من الثانية، اصطدم مير 1 بمروحة تيتانيك. شعرت بقوة الاصطدام: حطام صدئ يتساقط على غواصتنا، مما يحجب وجهة نظري من خلال الفتحة".
وقال الدكتور غيلن إن "30 دقيقة مرت وكان الفريق يحاول إزاحة السفينة عن طريق "تحريكها للأمام والخلف، للأمام والخلف من أجل إخراجنا من وضعنا العالق". في هذه المرحلة، بدأ يعتقد أنهم لن يتمكنوا من تحقيق ذلك. لكنه قال إنه شعر فجأة كما لو أن "وجودًا غير مرئي" قد دخل إلى الغواصة ، و"بعد فترة وجيزة ساد صمت" وتوقف المحرك عن "الزئير" وشعرت أنها عادت تطفو مرة أخرى.
وتم تحديد هوية أحد الركاب على أنه رجل أعمال بريطاني يدعى هاميش هاردينغ والذي نشرت شركته المتخصصة بالطيران منشورا على وسائل التواصل الاجتماعي عن رحلته الاستكشافية.
كذلك كان على متن الغواصة رجل الأعمال الباكستاني البارز شاهزاده داود، وهو نائب رئيس مجموعة "إنغرو"، مع نجله سليمان، بحسب بيان للعائلة.
فقدان الاتصال بها
وبدأت الغواصة البالغ طولها 6,5 أمتار والتي تشغّلها شركة "أوشنغيت اكسبديشنز" الغوص باتّجاه الحطام الأحد، لكن الاتصال معها فُقد بعد ساعتين، بحسب السلطات.
وجاء في بيان عائلة داود "حتى الآن، الاتصال مفقود مع غواصتهم والمعلومات المتوافرة محدودة". وتابع "نشعر بالامتنان للاهتمام الذي أظهره زملاؤنا وأصدقاؤنا ونرغب بالطلب من الجميع الصلاة من أجل سلامتهم".
دول تشارك بالبحث
وأطلق خفر السواحل الأميركيون طائرتين لمسح المنطقة النائية في شمال المحيط الأطلسي بينما أرسل خفر السواحل الكنديون أيضا طائرة وسفينة.
يعد الوقت عاملا حاسما إذ إن الغواصة قادرة على توفير الأكسجين على مدى 96 ساعة لطاقم من خمسة أشخاص. وأكد الأميرال جون موغر من خفر السواحل الأميركيين بعد الظهر الاثنين أنه يعتقد بأن ما زال لديها 70 ساعة أو أكثر من الأكسجين.
وأفاد الصحافيين في بوسطن الاثنين "إجراء عمليات بحث في تلك المنطقة النائية أمر صعب للغاية، لكننا نوظف كامل إمكانياتنا المتاحة لضمان تحديد موقع المركب وإنقاذ الأشخاص على متنه".
لكن في غياب أي بلاغات عن رؤية الغواصة أو إشارات اتصال، علّق خفر السواحل الأميركيون عملياتهم مساء الاثنين وأفادوا أن الحرس الوطني الأميركي ومشغّل الرحلة سيقودان عمليات البحث خلال الليل. وأضاف خفر السواحل بأن عمليات البحث التي تجريها طائرات كندية تستخدم عوامات من أجل عمليات المسح تحت سطح البحر ستتواصل صباح الثلاثاء.
وأفاد ناطق باسم "أوشنغيت اكسبديشنز" وكالة فرانس برس في وقت متأخر الاثنين "فقدنا الاتصال مع إحدى مركبات الاستكشاف التابعة إلينا التي تزور حاليا موقع حطام +تايتانيك+". وتابع "ينصب تركيزنا الكامل حاليا على سلامة الطاقم ونتخذ كل خطوة ممكنة لإعادة أفراد الطاقم الخمسة بسلامة".
غواصة "تيتان" برحلة لحطام "تايتانيك"
تستخدم الشركة غواصة تطلق عليها "تيتان" في الرحلات إلى حطام "تايتانيك" حيث تبلغ قيمة التذكرة للحصول على مقعد فيها 250 ألف دولار، بحسب موقعها.
وقال هاردينغ، وهو طيار وسائح في الفضاء ورئيس شركة "أكشن أفييشن" البالغ 58 عاما، في منشور على حسابه في إنستغرام، إنه يشعر بالفخر للانضمام إلى مهمة استكشاف حطام "تايتانيك" عن طريق خدمات "أوشنغيت".
المهمة الأولى والوحيدة المأهولة
وكتب "بسبب أسوأ شتاء شهدته نيوفاوندلاند منذ 40 عاما، يرجّح أن المهمة ستكون الأولى والوحيدة المأهولة إلى "تايتانيك" في 2023".
وذكر هاردينغ في منشوره أن الغواص المخضرم والخبير في حطام "تايتانيك" بول-هنري نارجيوليه ضمن طاقم "تيتان".
وجاء في المنشور أن "فريق الغواصة يضم عددا من المستكشفين الأسطوريين، غاص بعضهم أكثر من 30 مرة إلى "آر إم إس تايتانيك" منذ ثمانينات القرن الماضي بمن فيهم نارجيوليه".
وأفادت "أكشن أفييشن" على تويتر الأحد بأن "إطلاق الغواصة كان ناجحا ويقوم هاميش بالغوص حاليا"، مرفقة التغريدة بعدة صور لهاردينغ وطاقم الغواصة فوق سطح البحر.
"الوقت ينفد"
اصطدمت "تايتانيك" بجل جليد وغرقت عام 1912 خلال رحلتها الأولى من إنجلترا إلى نيويورك وعلى متنها 2224 شخصا من ركاب وأفراد الطاقم. ولقي أكثر من 1500 شخص حتفهم في الحادثة.
وعُثر العام 1985 على حطام السفينة المنقسم إلى شطرين رئيسيين على بعد 650 كيلومترا عن نيوفاوندلاند في كندا وعلى عمق 4000 متر تحت سطح البحر. وما زال يجذب خبراء الملاحة البحرية والسياح المهتمين بالغوص.
وأشار اليستر غريغ أستاذ الهندسة البحرية في كلية لندن الجامعية إلى نظريّتين محتملتين بناء على صور الغواصة التي نشرها الإعلام، علما بأنه لم يسبق أن شملت دراساته الغواصة المفقودة بالتحديد.
سيناريوهات مرعبة
وقال إنه إذا كانت المشكلة مرتبطة بالكهرباء والاتصالات، فإن الغواصة يمكن أن تعود إلى سطح البحر وتواصل العوم "بانتظار العثور عليها".
وتابع في بيان أن "السيناريو الآخر هو أن عطلا طرأ على وحدة الضغط ووقع تسرّب.. في هذه الحالة، فإن التوقعات لن تكون جيّدة".
ومع أن الغواصة قد تكون لا تزال سليمة حتى الآن، إلا أن عدد الغواصات القادرة على الإبحار في العمق الذي يمكن أن تكون "تيتان" وصلت إليه "محدود للغاية".
بدوره، لفت الاستاذ المساعد في جامعة أديلييد إريك فيوسل في بيان إن "الوقت ينفد ويعرف أي غواص إلى أي حد يمكن للقاع أن يكون بلا رحمة. خوض الأعماق يعادل في صعوبته، إن لم يكن أصعب، ارتياد الفضاء من المنظور الهندسي".