سد الشغور في المناصب العسكرية يربك الجيش

حذرت مصادر لبنانية من استمرار الشغور الرئاسي في لبنان لفترة طويلة وهو ما يربك عمل المؤسسات الأمنية في البلاد، خاصة في ظل عدم وجود قانون ناظم للتعيينات والإقالات والإحالة على التقاعد صلب هذه المؤسسات في غياب رئيس للجمهورية ومجلس وزراء ذي صلاحيات كاملة.

ودفعت هذه التحذيرات حكومة تصريف الأعمال اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي إلى تبني مشروع قانون تقدمت به كتلة “اللقاء الديمقراطي” للتمديد للمدراء العامّين داخل الأجهزة العسكرية والأمنية بعد بلوغ بعضهم سن التقاعد.

وقدّم “اللقاء الديمقراطي” مشروع قانون لتعديل المادّتين 56 و57 من المرسوم الاشتراعي رقم 102 (قانون الدفاع الوطني) المتعلّقتين بالتسريح الحكميّ للعسكريين بحيث يُمدِّد لهم سنتين في كلّ مواقعهم ويُسرّحون حكما بعد انتهاء المدّة، على أن تكون مدّة تطبيق القانون ثلاث سنوات فقط.

وبالنسبة إلى العسكريين، سيشمل هذا القانون في حال إقراره، رئيس أركان الجيش اللواء أمين العرم الذي يُحال إلى التقاعد في الرابع والعشرين من ديسمبرالمقبل، وعضوي المجلس العسكري اللواء ميلاد إسحق الذي يُحال إلى التقاعد في ديسمبر، واللواء مالك شمص الذي يُحال إلى التقاعد في فبراير 2023، وقائد الدرك العميد مروان سليلاتي الذي يُحال إلى التقاعد في سبتمبر 2023، ورئيس الغرفة العسكرية في وزارة الدفاع العميد منصور نبهان، ونائب المدير العام لأمن الدولة العميد حسن شقير، ونائب المدير العام للأمن العام العميد إلياس البيسري، كما يمكن لقائد الجيش العماد جوزيف عون الاستفادة بما أنّه يُحال إلى التقاعد في يناير 2024.

ويثير سد الشغورات في المناصب العسكرية قلق العديد من السياسيين وقادة تلك الأجهزة أنفسهم رغم تأكيدهم أنهم يعملون على تحييد مؤسساتهم عن الشغور الرئاسي والأجندات السياسية.

وتشير المصادر إلى أن آلية إحالتهم على التقاعد تتم بقرار يصدر عن مجلس الوزراء الذي لن ينعقد في ظل استمرار الشغور الرئاسي، كما أن تعيين من يخلفهم يستوجب انعقاد مجلس وزراء وهو ما ليس متاحا بعد.

ويثير كل ذلك مخاوف من إرباك الأجهزة الأمنية والعسكرية على وقع تجاذبات سياسية لا يبدو أن لبنان سيتجاوزها في الأفق القريب.

وبرغم أنّ عدم احترام المهل الدستورية شائع في لبنان، فإن الفراغ الرئاسي يأتي هذه المرة مع وجود حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية، في وقت يشهد لبنان منذ 2019 انهيارا اقتصاديا صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم.

ووفق مراقبين، فإن التوافق على انتخاب رئيس جديد للبنان ينتظر توافقات إقليمية ودولية قبل الضغط باتجاه قبولها داخليا.

ويرى هؤلاء أن هناك ثلاثة سيناريوهات من الممكن أن تقود إلى التسوية: الأول هو الضغوط الخارجية التي تدفع الأفرقاء المحليين إلى تقديم تنازلات منطقية، لم تظهر معالمها بشكل جدّي حتى الآن، الأمر الذي يدفع إلى السؤال عن الظروف التي قد تقود بعض الدول المؤثرة إلى التحرك، أما الثاني فهو التطورات المحلية، سواء كانت الاقتصادية أو الاجتماعية أو الأمنية، التي تضغط على القوى اللبنانية لإطلاق عملية البحث الجدّي عن التسوية.

ويقوم السيناريو الثالث على أساس أنّ التطورات المحلية، أيّ السيناريو الثاني، قد تقود إلى السيناريو الأول، أي التدخل الدولي، لكن مع ترجيح معادلة أنّ هذه التطورات، التي ستكون حكما سلبيّة، لن تخرج عن الإطار المضبوط، في ظلّ الحرص الدولي على عدم الذهاب إلى الفوضى الشاملة أو المس بالاستقرار الأمني.

والمنصب الرئاسي مخصص حصرا للمسيحيين، لكن عدم التوافق على رئيس حتى الآن يعكس حالة التنافس داخل الطائفة المسيحية، بالإضافة إلى التوازنات السياسية والدينية بالغة الأهمية في البلاد.

ويقول أستاذ القانون الدولي بول مرقص إن “عددا من الفرقاء السياسيين ينتظرون للأسف إشارات خارجية حول انتخاب الرئيس، وهو أمر لم ينضج”.

وأضاف مرقص”الكثير من السياسيين يستخدمون النصوص الدستورية مطية للمضي قدما في عملية التعطيل والتسويف إلى حين نضوج الظروف الإقليمية والدولية لإعطاء الإشارة اللازمة بانتخاب الرئيس”.