المصدر: نداء الوطن
الكاتب: نوال برّو
الخميس 10 نيسان 2025 06:32:07
"لا نريد أن نموت"... بهذه العبارة يبرّر المواطنون الباحثون عن منازل للإيجار خارج الضاحية الجنوبية قراراتهم بالانتقال. فبعد حربٍ ظنّوا أنها صفحةٌ قد طُويت وبعدما افتكروا أن الأمان والحياة الطّبيعية قد عادا، أتت الخروقات الإسرائيلية في الجنوب والبقاع لتزعزع هذا الاعتقاد، إلّا أن الضربتين الأخيرتين على شارعي الجاموس ومعوّض في قلب ضاحية بيروت نسفتا تماماً فكرة الأمان والحياة الطبيعية.
قرّرت زينب، من سكان الضاحية الجنوبية، أن تغادر المنطقة التي لم تعد ملاذاً آمناً لها ولعائلتها. وبالنسبة لها، بدأ هذا الخيار يراودها مع بداية الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، وتفاقم الأمر مع عملية اغتيال القيادي حسن بدير الأسبوع الماضي. وتقول: "من الصعب أن تعيش في مكان قد يخترقه صاروخ في أيّ لحظة ويحوّله إلى قبرك".
وفي وصف مقتضب للحياة الحالية في الضاحية الجنوبية، تضيف زينب: "أصبحت الحياة عبارة عن توتر في الأعصاب وخوف من أي صوت صغير قد يصدر ولو كان صوت درّاجة نارية". ومن هنا، جاء قرارها بالانتقال سعياً للحفاظ على سلامتها وسلامة أسرتها، وبخاصة ابنتها الرضيعة التي باتت ترعبها الأصوات المرتفعة. لكنّ زينب، لم تتوقع أن تكون رحلة البحث عن منزل جديد في منطقة تُصنّف آمنة صعبة، فالعوائق كثيرة والخيارات المتاحة شبه نادرة.
وتخبرنا زينب: "أصبح هناك استغلالٌ كبيرٌ جدّاً في أسعار إيجارات البيوت المتاحة في المناطق المصنّفة آمنة، فالأسعار لا تقلّ عن 600 دولار لبيت صغير، وقد تتجاوز الـ 4000 دولار في بعض المناطق. وإن قبلنا بالأسعار فالشروط الغريبة تمنعنا من الانتقال، مثلاً يشترط معظم المالكين دفع إيجار البيت لسنةٍ كاملةٍ سلفاً أو يمتنع البعض عن إبرام عقد إيجار ما قد يعرّضنا للطرد في أية لحظة".
وفي حال وُجدت بيوتٌ بإيجارات مناسبة ومعقولة، يبقى هناك عائق السّكن السّابق، وهو الأمر الذي تواجهه زينب أيضاً. فبما أنك كنت من سكان الضاحية الجنوبية، ينشأ خوف لدى المالكين من أن تكون منتمياً إلى "حزب اللّه".
وعلى الرّغم من أن هذا التنميط ينطبق عادة على أبناء الطائفة الشيعية فقط، إلّا أن زينب لم يشفع لها انتماؤها إلى الطائفة السنّية، فقط لأنها من سكان تلك المنطقة.
إذاً، وفي أعقاب التصعيد الأخير، بدأت تظهر حركة في سوق العقارات. في السياق، يؤكد نقيب الوسطاء والاستشاريين العقاريين وليد موسى أن "هناك ارتفاعاً ملحوظاً في الطلب على العقارات من المقيمين في الضاحية الجنوبية".
ورغم ارتفاع الأسعار الذي يشكو منه المواطنون، يرى موسى أنها لا تزال معقولة، و "خاصة في ما يتعلق بالشقق التي تُطلب لفتراتٍ قصيرة. ففي بداية الحرب الأخيرة، شهدنا موجة كبرى من الارتفاعات في الأسعار".
أضف إلى ذلك، هناك التباسٌ لدى المواطنين حول سبب الارتفاع الحالي في أسعار العقارات، حيث إن الطلب ليس العامل الوحيد الذي ساهم في رفع الأسعار، وفقاً لموسى. ويقول: "إن أسعار البيع والإيجارات بدأت تستعيد عافيتها، وتقارب تلك التي كانت عليها قبل الأزمة. ويعود ذلك جزئياً إلى الأجواء الإيجابية التي تسود الحياة السياسية في البلاد، بدءاً بانتخاب رئيس الجمهورية مروراً بتشكيل الحكومة الجديدة ووصولاً إلى التعيينات الإدارية".
وفي الوقت الراهن، يؤكد موسى أن "هناك فجوة بين العرض والطلب، نتيجة هذا الارتفاع الكبير في الأسعار".
في خضمّ هذا الغموض الذي يلفّ مستقبل لبنان، يجمع أغلب سكان المناطق المعرّضة لخطر الجنون الإسرائيلي على ضجرهم من الموت والحروب والدمار بينما يبحث المقتدرون منهم عن الطمأنينة والاستقرار في أماكن أخرى. وإلى حين تجاوز لبنان بأكمله مرحلة الخطر الأمني، احذروا الوقوع في براثن الاستغلال والتمييز.