سلام رفع السقف ودفع الحزب إلى البقاء تحته!

لم يكن من باب الصدفة أن يختار رئيس الحكومة نواف سلام محطة "العربية" ليحسم عبرها موقف حكومته من سلاح "حزب الله"، بعدما علت بعض الأصوات الوزارية المغرّدة خارج سرب البيان الوزاري والتزاماته الواضحة تجاه هذا الموضوع، لجهة حصرية السلاح في يد الدولة والتزامها الشرعية الدولية والقرارات الصادرة عن مجلس الأمن ذات الصلة.

فبعد كلام وزير المال ياسين جابر عن أنّ نزع سلاح الحزب من شمالي الليطاني يحتاج بضعة أسابيع، والكلام الأخطر لوزيرة البيئة تمارا الزين الرافضة وضع روزنامة لنزع السلاح، معتبرة أنّ وجود الاحتلال يعطي الحقّ تلقائياً بالمقاومة، وأنّ نزع السلاح يناقش ضمن استراتيجية الأمن القومي الذي يحدده الداخل اللبناني، وليس توقيت الخارج، برزت الحاجة ملحّة لإعادة تصويب البوصلة الحكومية، التي بدأت تخرج عن سياق الموقف الرسمي الموحّد للحكومة وفق بيانها الوزاري.

وجاء اختيار سلام للمحطة السعودية ليوجّه من خلالها رسالة إلى الغرب والخليج بقيادة المملكة أنّ حكومته ثابتة على موقفها من السلاح ومن المقاومة، مع كلّ ما يرتبه هذا الكلام على التضامن الحكومي، بعدما قرأت أوساط الحزب فيه سلوكاً نحو المواجهة، لن يؤدّي إلى إضعاف موقفه فحسب، وإنّما الزخم الذي انطلقت به الحكومة، مستفيدة من الإجماع الداخليّ حولها.

لم يكد سلام ينهي كلامه حتى توسّعت دائرة المواجهات جنوباً، رافعة سقف التهديدات الإسرائيلية إلى مستويات تعيد الأمور إلى مرحلة ما قبل وقف إطلاق النار، بعدما وضعت إسرائيل العاصمة بيروت هدفاً مقابل المطلة. وفي حين رأت أوساط سياسية أنّ استهداف المطلة من الأراضي اللبنانية جاء على يد الحزب، ردّاً على مواقف سلام، لم يقنع النفي الصادر عن دائرته الإعلامية أيّ علاقة له بإطلاق الصواريخ من الجنوب، و"التزامه اتفاق وقف إطلاق النار، ووقوفه خلف الدولة في معالجة التصعيد الخطير"، لا الداخل ولا الخارج، لأنّه لم يحقّق الهدف منه الرامي إلى تخفيف وطأة التصعيد، بسبب اللغة المزدوجة للحزب، بل على العكس، جاء نفيه ليضع الدولة والجيش في المواجهة مع إسرائيل، تماماً كما فعل في المواجهات على الحدود الشرقية الشمالية مع الجيش السوريّ. وهذا ما حصل، إذ حمّلت إسرائيل الحكومة اللبنانية مسؤولية إطلاق الصواريخ، واضعة على لسان وزير دفاعها يسرائيل كاتس بيروت مقابل المطلّة.
تتعامل السرايا بروية ازاء التطوّرات الأخيرة، إذ تعتبر مصادرها أنّ الضربة الأخيرة تشكّل إشارة إلى ضرورة استكمال إجراءات انتشار الجيش في الجنوب، ويدفعها إلى التمسّك بتطبيق قرار حصرية السلاح لأنّه تبيّن، ولا سيّما بعد بيان النفي للحزب، أنّ أيّ سلاح خارج الدولة، سيورّط البلاد في حرب. ويفترض بأن يكون البيان عنصر تعزيز لهذا الموقف، طالما أنّه يؤكّد وقوفه وراء الدولة، ويلتزم اتفاق وقف النار. وهذا يعني بحسب المصادر أنّ الحزب يجب أن يلتزم تطبيق آلية الاتفاق لجهة حصر السلاح في يد الدولة، والالتزام بأنّ قرار السلم والحرب في يدها حصراً.
وفي رأي مراقبين، إنّ الحزب يدرك عجزه عن خوض حرب جديدة، وبالتالي هو ليس في وارد الانجرار إليها، هو ما يفسر خفض لهجته التصعيدية.
وتعوّل السرايا على نجاح الجهود الجارية لتفادي التصعيد، خلال تنفيذ التزامات الحكومة. وفي هذا السياق، علم أنّ اللجنة المكلّفة تطبيق قرار وقف النار قالت في تقاريرها إنّ الجيش تمكّن حتى الآن من تطبيق نحو ٧٥ في المئة من القرار لجهة تسلّمه المواقع والمراكز التي أشير إليها على أنّها تحتوي على أسلحة للحزب.
وبحسب المعلومات، يقسم الجيش تقييمه لنوعية السلاح إلى ٣ أقسام، منها السلاح العادي أو المتوسط، ومنها ما تمّ تفجيره وهو من نوعيات مختلفة، ومنها السلاح الكبير الذي تستهدفه إسرائيل خلال عمليات النقل. وتكشف المعلومات أنّ الجيش يستعدّ لتنفيذ المرحلة الثانية من انتشاره على ضفتي الليطاني، ولا سيّما في الأماكن التي يواجه فيها صعوبات شمالاً، حيث تستكمل عمليات تفكيك الأسلحة والمواقع.