المصدر: النهار
الكاتب: رضوان عقيل
الاثنين 10 آذار 2025 07:52:52
ينهمك المسؤولون بملف التعيينات على مختلف تشكيلاتها ولا حسم حتى الآن في كل الأسماء المتداولة. وإن كان الرئيس نواف سلام لا يمانع إجراء المشاورات بين الرؤساء الثلاثة وينفي وقوع مشكلات في ما بينهم، فإنه لا يريد إعادة مشهد "الترويكا" بل يترك إعطاء الدور للحكومة مجتمعة.
يدور ضجيج كبير في الأوساط السياسية والنيابية حيال ملف التعيينات في وقت لا يمكن إتمام هذه العملية الضخمة وتعبئة كل الشواغر بـ"كبسة زر". وهذا ما يعمل عليه سلام حيث يواصل متابعته لهذا الملف وسيلتقي الرئيس جوزف عون في الأسبوع الجاري وهو ينطلق من قاعدة أن هذه الورشة تتم على درجات تبدأ من العسكرية إلى المالية - الاقتصادية إلى القضائية والديبلوماسية وصولاً إلى الإدارية، وأن لا مفرّ من إطلاق الأخيرة إلا عبر آلية شفّافة تتولاها وزارة التنمية الإدارية ومجلس الخدمة المدنية. ورغم كثافة تداول الأسماء المرشحة بدءاً من العسكرية لم يتم بتّها حتى الآن وإن كانت مجموعة في أجندة عون وسلام ولا يمانع الاثنان من التشاور مع الرئيس نبيه بري الذي يقول "على رأس السطح" إن التعيينات الأمنية تتطلب حصول توافق بين المعنيين ولا يمانع تطبيق آلية شفافة شرط أن تُطبّق بحذافيرها وسيلتزم بها ويتعهّد بعدم السؤال عن آخر شيعي مؤهّل للتعيين، ولكنه يشترط بأنه لن يتراجع عن مقولته منذ أيام الثمانينيات بأنه إذا لمس أيّ محاصصة فسيرفع شعاره الشهير "عالسكين يا بطيخ". ولم يعد خافياً أن بري سيتوقف طويلاً أمام اسم الضابط الشيعي الذي سيحلّ في مديرية الأمن العام، وإن كان في مجالسه لا يستفيض في هذا الموضوع حفاظاً على اتصالاته مع عون فإنه لا يبدو حتى الآن أنهما يلتقيان على اسم في هذا الموقع الأمني الحسّاس الذي يدغدغ طموحات أكثر من ضابط شيعي وينسحب الأمر نفسه على التعيينات الأمنية الأخرى. وما سيعمل عليه عون هو تعيين أفضل الوجوه في المؤسسات الأمنية والتي لا غبار عليها وعدم ارتباط أي منها بأعمال تجارية أو تغطيتهم لرجال أعمال يتبادلون معهم مصالح مشتركة.
ويشدد سلام هنا على عدم اعتراضه على المشاورات الجارية لكنه يعمل على إعطاء صورة متقدمة وشفافة عن التعيينات المقبلة تختلف عن مقاربات الحكومات السابقة حيث يريد أن يكون للوزراء كلمتهم في هذه التعيينات وأن من غير المنطقي بحسب عقليته الدستورية والقضائية أن تمرّ سلّتها بـ"خط عسكري". وإن كانت التعيينات الأمنية غير محسومة بعد، فإن الأمر نفسه ينطبق على المالية منها. وفي الجلسة الأخيرة بين سلام ووزير المال ياسين جابر لم يُبحث في شكل نهائي في الأسماء المطروحة لتولّي حاكمية مصرف لبنان مع ملاحظة أن "لوبي المصارف" دخل على خط تزكية أحد الوجوه المرشحة.
ويبرز هنا تشديد سلام على ضرورة تقديم الحكومة "لغة مالية واحدة" أمام وفد صندوق النقد الدولي الذي سيحلّ في بيروت برئاسة إرنستو ريغو وسيجول على أكثر من وزارة وسيلتقي المسؤولين ويتوّج لقاءاته باجتماع مع جابر. وسيحضر وفد من البنك الدولي في أوائل أيار المقبل.
ويبقى ما يقصده رئيس الحكومة هنا أن الجهات المالية الدولية كانت تسمع في السابق أكثر من رأي من المسؤولين في لبنان، الأمر الذي يزيد التعقيدات وعدم وضوح الرؤية. وما يريده سلام هنا هو ضرورة أن يقدم لبنان لغة مالية مشتركة ومدروسة تعبّر عن حقيقة الواقع المالي في لبنان. وفي خضم السباق على التعيينات أخذت أسئلة تدور عند جهات نيابية ممثلة في الحكومة على مستوى "القوات اللبنانية" مثلاً وترقبها كيفية التعاطي مع التعيينات المسيحية على مختلف مواقعها وهل ستكون الكلمة النهائية فيها لعون وانسحاب هذا الأمر على حال السنّة عند سلام زائد التوقف عند مقاربة تعيينات المواقع الدرزية. ولكل هذه الأسباب والتساؤلات يجهد سلام أن يكون حسم التعيينات، ولا سيما الإدارية منها، بتمريرها وفق آلية شفافة وأن تُبتّ على طاولة الحكومة.