سلام في طرابلس: الشمال لن يكون إلّا تحت كنف الدولة

في توقيت سياسي حسّاس، حطّ رئيس الحكومة نواف سلام في مدينة طرابلس بعد ظهر أمس، في جولة شملت معرض رشيد كرامي الدولي أولًا، ثم غرفة التجارة والصناعة، ومرفأ طرابلس، حيث التقى فاعليات اقتصادية واجتماعية وسياسية واطّلع على حاجات المدينة الإنمائية، وجال في مرافقها الاقتصادية.

التوقيت الحسّاس

ورغم المظهر الإنمائي للجولة، فإنّ توقيتها بعد قرار الحكومة حصر سلاح "حزب اللّه" بيد الجيش اللبناني، أعطاها أبعادًا سياسية واضحة. فسلام أراد، من طرابلس المدينة ذات الثقل السنّي الأكبر، أن يوجّه رسالة إلى الداخل مفادها أنّ مشروع "حصرية السلاح بيد الدولة" وهو شخصيًا، يحظيان بدعم شعبي، لا سيّما الدعم السني.

مصادر سياسية اعتبرت أنّ اختيار طرابلس كرحلة داخلية أولى لسلام بعد سلسلة قرارات سياسية تاريخية للحكومة، لم يكن اعتباطيًا، بل خطوة استراتيجية تهدف إلى تثبيت موقع سلام كمرجعية سنية داعمة لمشروع الدولة، مع محاولة الجمع بين خطابه السيادي والإنمائي في آن واحد. 

معرض رشيد كرامي 

سلام الذي رافقه عدد من وزراء حكومته إلى طرابلس، وفي المحطة الأولى للزيارة، شهد على تسلّم وتسليم بين رئيس مجلس إدارة المعرض السابق والجديد أكرم عويضة وهاني شعراني. وبحضور نواب طرابلس أشرف ريفي، فيصل كرامي، إيلي خوري، طه ناجي، حيدر ناصر، ورئيس غرفة طرابلس توفيق دبوسي، شدّد في كلمة له من معرض رشيد كرامي الدولي على أن حكومته تعمل على فتح الباب أمام استثمارات جديدة، وهي ملتزمة دعم مجلس إدارة المعرض الجديد وبالشراكة مع المؤسسات المحلية والدولية، لضخ الحياة بهذا المرفق الحيوي.

ولفت سلام إلى أن "حكومتنا وضعت طرابلس في صلب اهتماماتها إيمانًا منها بما تملكه المدينة من كفاءات بشرية، وموقع جغرافي استثنائي وإرث ثقافي يجعلها تلعب دورًا استراتيجيًا".

خطة بأربع ركائز

وشدّد سلام على أن خطة الحكومة للشمال تقوم على 4 ركائز: تفعيل دور المعرض ليكون مدماكًا أساسيًا للنهوض بطرابلس، تشغيل مطار القليعات لما له من أهمية استراتيجية، تفعيل دور المرفأ ليصبح على مستوى الشرق الأوسط، وتفعيل المنطقة الاقتصادية الخاصة من أجل جذب الاستثمارات.

السنّة مع خيار الدولة:

مواقف سيادية عالية السقف أطلقها سلام من طرابلس. وذكّر بأنّ الطائفة السنية مع خيار الدولة النهائي، وأنّ حكومتنا اتّخذت القرار بحصر السلاح بيد الدولة، وأن طرابلس وكل الشمال وكل لبنان، مع هذا الخيار، لأنّ الجميع لن يرتضي إلّا العيش في كنف الدولة وتحت سلطتها، ولا نهوض إلا بجيش واحد يتولّى مهام حفظ الأمن في البلد. ورأى أنّ الازدهار الذي نطمح إليه لا يتحقق إلّا بالاستقرار الأمني والسياسي، وهو المدخل لتحقيق كل ما نتطلع إليه من مشاريع، لكنّ ذلك لن يتحقق من دون سيادة كاملة للدولة. 

وعلى عكس ما أشيع قبل الزيارة عن استعدادات شعبية ستقام في طرابلس لاستقبال رئيس الحكومة، دعمًا لمواقفه، فإن مصادر خاصة أكدت لـ "نداء الوطن" أن الرئيس سلام يرفض أي حشود شعبية، وكان مصرًّا على أن تبقى الزيارة في إطارها الإنمائي بالدرجة الأولى. 

وكان لافتًا في الزيارة غياب الفريق النيابي المحسوب على الرئيس ميقاتي، وهما النائبان إيهاب مطر وعبدالكريم كبارة.

ومع نهاية الزيارة الثانية لسلام منذ توليه رئاسة الحكومة قبل أشهر، سيبقى التحدّي الأبرز: هل تتحوّل هذه الجولة إلى بداية مسار عملي يعزز دور المرافق الحيوية في المدينة، أم تظلّ محصورة في حدود الرسائل السياسية؟