سوريا "المحور المعادي" تحت مجهر الضربات الإسرائيلية...التطبيع لا يغير في التحالفات

حدثٌ أمني غير عادي وغير عابر لمجريات التحولات في المنطقة تمثل فجرا بشن إسرائيل 3 غارات على عدة مواقع في ريف درعا ودمشق، وهذه المرة الأولى منذ تولي أحمد الشرع الرئاسة في سوريا.

الرد الإسرائيلي جاء بعد انطلاق 3 صواريخ من الداخل السوري نحو الجولان وأعقبه صاروخ من اليمن. ولاحقاً أعلنت ما يسمى ب"كتائب محمد الضيف" مسؤوليتها عن الهجوم. في حين  نفت كتائب القسام وجود أي علاقة لها بالهجوم الصاروخي على الجولان وكتائب الضيف وأكدت انها لا تعلم خلفياته ولا من يقف وراءه.

تأتي هذه الحماوة الميدانية في مرحلة شديدة الحساسية حيث تشير الخطوات السياسية واللقاءات المكوكية التي يقوم بها أحمد الشرع إلى أنه بدأ يخطو نحو التطبيع، في حين لا يبدو الجانب الإسرائيلي حتى الآن واثقا من نوايا الشرع وهذا ما يعكسه كلام وزيرالدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الذي حمّل الرئيس السوري مسؤولية الهجوم على الجولان وقال بالمباشر" نحن نعتبر الرئيس السوري مسؤولا بشكل مباشر عن أي تهديد وإطلاق نار تجاه دولة إسرائيل، والرد الكامل سيأتي قريباً". واستتبعه تصريح لمسؤول في "مجلس الجولان" اعتبر فيه أن "إطلاق صواريخ من سوريا يثبت ضرورة استمرار تواجد الجيش الإسرائيلي في المنطقة العازلة في سوريا وفي قمة جبل الشيخ".

مصادر مطلعة في الشأن السوري تقول"المركزية"  " يمكن إدراج الضربات الإسرائيلية على سوريا، ضمن توازنات معقدة تتعلق بعوامل استراتيجية وأمنية إقليمية ودولية على رغم توجه النظام السوري نحو "التطبيع" مع بعض الدول العربية. فإسرائيل تهدف أولا إلى منع التموضع الإيراني وهي تقول بوضوح إن هدفها منع إيران و"حزب الله" من تثبيت وجود عسكري دائم  وتشييد بنى تحتية في سوريا. كما تصر على ضرب شحنات الأسلحة، خصوصا تلك التي يُعتقد أنها موجهة إلى حزب الله وإلى فرض قواعد اشتباك ورسم خطوط حمراء واضحة تُظهر من خلالها أنها قادرة على ضرب متى وأينما تشاء".

بالتوازي، لا تستغرب المصادر استمرار توجيه إسرائيل الضربات نحو الداخل السوري على رغم "توجه النظام نحو التطبيع" موضحة أن "التطبيع العربي لا يشمل تل أبيب. وصحيح أن علاقات النظام السوري ذاهبة نحو الإيجابية مع دول عربية على غرار السعودية والإمارات، لكن ليس مع إسرائيل. فبالنسبة إلى تل أبيب، لا يزال النظام السوري "محورًا معاديًا" بسبب علاقته مع طهران وحزب الله. ومن جهة ثانية فإن التطبيع لا يغيّر في بنية التحالفات، بمعنى أن  التحالف السوري – الإيراني – حزب الله لا يزال قائمًا على رغم الانفتاح العربي، وهذا يضع النظام السوري في معسكر يعتبره الإسرائيليون تهديدًا استراتيجيًا.

واللافت أن هناك صمتا دوليا إزاء ما يحصل من اعتداءات إسرائيلية على سوريا. فالمجتمع الدولي بما فيه روسيا والولايات المتحدة، لم يمنع الضربات الإسرائيلية على سوريا، ما يشير إلى ضوء أخضر أو تغاضٍ ضمني".

مما تقدم يبدو جلياً أن الضربات الإسرائيلية لا ترتبط عضوياً بعلاقة إسرائيل مع سوريا إنما كجزء من شبكة إيرانية في المنطقة. وحتى لو عاد النظام السوري إلى حضن الجامعة العربية، فإن إسرائيل ستستمر في الضربات طالما رأت تهديدًا مباشرًا من الوجود الإيراني أو "حزب الله" على الأراضي السورية. وعليه، تقول  المصادر ان إسرائيل تحاول إيصال ثلاث رسائل عبر هذه الضربات.

الرسالة الأولى للنظام السوري مباشرة مفادها أن أي تقارب مع إيران أو تهريب أسلحة لحزب الله سيُقابل بالقوة، أما الرسالة الثانية فموجهة لإيران وفيها تريد إسرائيل أن تقول بأننا نراقب وسنستهدف أي تحرك ميداني والرسالة الأخيرة للدول العربية وهي غير مباشرة ومغزاها"لا تراهنوا على التغيير في جوهر النظام السوري ما دام مرتبطاً بإيران".

الحدث الثاني الذي ارتبط بالغارات الإسرائيلية للمرة الأولى على سوريا منذ تولي أحمد الشرع الرئاسة تمثل بظهور حركة "كتائب محمد الضيف" التي تبنت عملية إطلاق الصواريخ باتجاه الجولان. وتُشير بعض التقارير إلى أن هذه الكتائب قد تكون تابعة لحركة حماس أو مرتبطة بها، علما أن الحركة نفت بشكل رسمي أي علاقة مباشرة معها. وفي تفسير أوّلي لظهور هذه الكتائب ترجح المصادر أن تكون مجرد رد فعل من قبل بعض الأفراد أو الجماعات في قطاع غزة لمواصلة المقاومة ضد الجيش الإسرائيلي، خصوصا بعد اغتيال القادة البارزين في حركة حماس. والهدف من ذلك إيصال رسالة بأنها قادرة على تنفيذ عمليات نوعية.

لكن نظراً لعدم وجود معلومات دقيقة حول هيكلية هذه الكتائب، يبقى من الصعب تحديد هويتها بدقة، ومن المتوقع أن تواصل إسرائيل استهداف أي جماعات أو أفراد ينفذون عمليات ضدها، مما قد يعرض أعضاء "كتائب محمد الضيف" لمخاطر كبيرة، تختم المصادر.