سوريا ترفض اتفاق استرداد الموقوفين والتوجه نحو تعديلها... لا عفو خاص عن زعيتر ولا عام عن السجناء

عملية نوعية بامتياز. والتوصيف ينطبق تماما على عملية اعتقال نوح زعيتر على طريق الكنيسة في بعلبك أحد أبرز المطلوبين بتهم الإتجار بالمخدرات في لبنان على يد الجيش اللبناني واستسلم من دون أن تُطلق رصاصة واحدة ،بعدما كان يظهر على الشاشات ويتنقل بكل أريحية مع فوج مواكبة.

أيا تكن تفاصيل العملية الأمنية التي نفذها الجيش اللبناني والتي تسجل نقلة نوعية في الملف الأمني وتجارة المخدرات في لبنان إلا أن ردود الفعل في غالبيتها أعادت إلى الضوء مسألة قانون العفو الذي لا يزال مسار جدل عميق داخل مجلس النواب خصوصاً في ظل الكلام عن عملية استرداد الدولة السورية السجناء السوريين في السجون اللبنانية والتي يبدو أنها دخلت مرحلة جديدة بعد رفض وزارة العدل السورية مسودة الإتفاق الذي تسلمته وقد وُضعَ هذا البند على قائمة جدول المباحثات التي أجراها في الأمس نائب رئيس مجلس الوزراء الوزير طارق متري مع الرئيس السوري أحمد الشرع الذي التقاه في قصر الشعب.

 مدير برنامج الدعم القانوني في مركز سيدار للدراسات القانونية المحامي محمد صبلوح يكشف عن تفاصيل عملية توقيف نوح زعيتر وخلفياتها جازماً أن قانون العفو لم ولن يصدر في لبنان ويقول لـ"المركزية" " ملف الشيخ أحمد الأسير لا يزال عالقاً في القضاء اللبناني علماً أننا وضعنا الرأي العام أمام حقيقة من أطلق الرصاصة الأولى على الجيش اللبناني واتهمنا حزب الله مباشرة في الجريمة وسمينا الأمور بأسمائها. الملف اليوم موجود أمام محكمة التمييز العسكرية وإذا صح أن العدالة موجودة في لبنان وهناك قضاء مستقلّ فالشيخ أحمد سير لا يحتاج إلى قانون عفو عام لإطلاق سراحه".

في ما خص ملف استعادة السجناء السوريين تشير المعطيات التي يكشف عنها صبلوح "أن مسودة الاتفاق الذي وضعته الدولة اللبنانية وتسلمته وزارة العدل السورية لم يحظ بالموافقة وقد أعلن وزير العدل السوري رفضه لها في مؤتمر صحافي بحجة أنها لا تُنصف السجناء السوريين ولا تعالج الملف. وبالتالي فإن زيارة الوزير طارق متري أمس ولقائه مع الشرع ووزير العدل السوري تهدف إلى تعديل الإتفاقية إضافة إلى نقاط أخرى ستكون قيد المعالجة".

ويوضح صبلوح أن تجزئة ملف السجناء السوريين تبطل الهدف منه وهو معالجة مشكلة السجون خصوصا في ما يتعلق بنقطتي الإنتهاكات والتعذيب الذي تعرض له الموقوفون السوريون باسترداد كل الموقوفين وليس 600 كما ورد في مسودة الإتفاق. واعتبر وزير العدل السوري أن هذا الأمر مرفوض علما أن باقي الموقوفين الذين استثناهم الإتفاق متهمون بقتل عناصر في الجيش اللبناني. إلا أن وزارة العدل السورية تطالب بدلائل وإثباتات وترفض الركون إلى فبركات وادعاءات منظمات دولية وضعت تقاريرها في مرحلة كان هناك تواطؤ وتعاون بين النظام الأمني اللبناني والنظام السوري السابق. والدليل أن هناك عشرات الموقوفين من جيش لبنان الحر أطلق سراحهم بعدما اعترفت وزارة العدل اللبنانية بأن هناك خطأ. فإذا صح ذلك على القضاء اللبناني المعالجته وعدم الإكتفاء بحلول وهمية، إذ تحصل انتهاكات لحقوق الإنسان في كل دول العالم وتعالج بالعدالة الإنتقالية.

يضيف" حتما نحن لا نطالب بالعفو أو بإطلاق سراح كل من ثبت أنه أطلق النار على الجيش اللبناني وأدى إلى استشهاد عناصره لكن المطلوب  إثباتات لأن الأدلة الموثقة لدينا تؤكد أن الرصاصة الأولى أطلقها حزب الله. وهذا ما تطالب به الدولة السورية إنصافا للموقوفين والرأي العام ".

توقيف نوح زعيتر الذي كان مغطى من حزب الله بحسب صبلوح جاء بعد أيام قليلة على إلغاء زيارة قائد الجيش العماد رودولف هيكل إلى واشنطن وصدور تصريحات عن مسؤولين أميركيين تفيد بأنّ دعم الولايات المتحدة للجيش اللبناني لم يعد مجدياً، فجاءت العملية النوعية لتؤكّد التزام الجيش اللبناني بمكافحة تجارة المخدرات وملاحقة كبار المتورطين فيها.ويكشف صبلوح أن عملية التوقيف حصلت حتما بالتنسيق مع حزب الله الذي كان يحظى زعيتر بغطائه الأمني والسياسي والظاهر أنه وافق على التضحية به. والمفارقة أنه عندما اعتقل زعيتر كان يتنقل من دون مواكبة باستثناء سيارة واحدة فاستسلم من دون مقاومة. وإذا سلمنا بأنه كان على علم بمخطط تسليمه من قبل الحزب فإمكانية هروبه اليوم باتت مستحيلة بعدما أقفلت أمامه بوابات العبور واللجوء إلى سوريا كما لا يمكنه البقاء في بعلبك حيث بات يشكل عبئا على البيئة والحزب في آن معا".

ويؤكد صبلوح أن إطلاق سراح زعيتر يحتاج إلى قانون عفو خاص يوقع عليه رئيس الجمهورية وهذا لن يحصل مطلقاً". وحول إمكانية صدور عفو عام للحد من مشكلة الإكتظاظ في السجون يؤكد صبلوح  أن "لا قانون عفو عام في لبنان بسبب المحاصصة الطائفية. ومشكلة السجون لا تحل إلا بقانون ينص على تخفيض السنة السجنية لمدة 6 أشهر لمرة واحدة وتحديد المؤبد والإعدام".

ويختم" تعديل مسودة الإتفاق محصورة فقط بالموقوفين السوريين ولا تشمل ملف الموقوفين الاسلاميين الذين لم يعد يتجاوز عددهم الـ 120 سجيناً بين لبنانيين وفلسطينيين أما الباقون فخرجوا إلى الحرية واندمجوا في المجتمع. وبالتالي لا حل جذري لمشكلة السجون إلا بقانون تخفيض السنة السجنية وتحديد المؤبد والإعدام وإلا سنشهد على حالات انتحار وأعمال شغب وتمرد داخل سجن رومية إذا ما اتخذ قرار بإطلاق سراح الموقوفين السوريين حصراً. فالمعالجة يجب أن تكون على قاعدة إنسانية وليس المحاصصة واكتساب مصالح من سوريا بعدما توقفت مساعدات المنظمات الدولية عن لبنان".