المصدر: نداء الوطن
الكاتب: مكرم رباح
الأربعاء 11 كانون الاول 2024 07:55:12
سوريا بدون آل الأسد، سوريا ولبنان والمشرق والعالم بلا إجرام النظام البعثي الأسدي.
حلم لطالما راود الأحرار في هذا المشرق، حلم تحقق مع سطوع الشمس صباح الأحد الفائت على سطوح وحارات دمشق: على باب توما، وساحة المرجة، والجامع الأموي، وجرمانا، كاشفةً فرار بشار حافظ الأسد، رئيس نظام البراميل المتفجرة، ووريث عائلة جعلت القتل والتنكيل والتعذيب فناً يجرد الإنسانية من حالها، قتل جعل البعض يغرق بوهم أن الأسد باقٍ إلى الأبد.
سقوط نظام البعث في أسبوع ميلاد المعلم كمال جنبلاط، الذي رفض الانصياع إلى السجن العربي الكبير، يبقى تذكيراً بأن التاريخ قد يكون ظالماً، ولكنه يمتلك القدرة على تصحيح نفسه، ولو بعد حين.
صور الشرفاء في أنحاء سوريا وهم يبكون من الفرح ويركلون تمثال حافظ الأسد لحظة انتظرتها شعوب في العالم العربي، لحظة لا يجب أن تغيب تحت ضجيج المشككين أو تخضع لأصوات تتحدث عن فوضى غير "منظمة" ودولة إسلامية مرتقبة.
لعل أهم ما سقط مع تمثال حافظ الأسد وصور ابنه هو حلف الأقليات، الذي استغله الأسد لدخول لبنان في العام 1976 تحت غطاء قوات الردع العربية على دماء مخيم تل الزعتر وبعده دم كمال جنبلاط. تحالف خبيث روّج لفكرة أن بقاء الأقليات (الدرزية، العلوية، المسيحية، وحتى الشيعية) مرهون بجبهة تكبح جماح الإسلام السني - المتطرف بحسب هذا الفكر. بذلك، بنى نظام البعث "العلماني" تحالفاته مع الغرب والأقليات، زاعماً أنه الضامن والحامي لهم مقابل استباحة لبنان وسوريا وتحويلهما إلى نسخ وضيعة تحت حكم طائفي ذميّ، نظام ظهر أنه ليس حامياً للأقليات بل أدى لتحويلهم إلى كبش محرقة في معركة بشار الأسد للبقاء في السلطة.
سقوط الأسد ليس فقط سقوطاً لنظام استبدادي، بل هو أيضاً انهيار مدوٍ لمنظومة تبرر الاستبداد بحجة مكافحة الإرهاب. سقوطه هو سقوط أخلاقي لمن شرعوا البراميل المتفجرة وغزوات الميليشيات الإيرانية، وعلى رأسها "حزب الله"، في سوريا. هو سقوط لمنظومة دافع عنها " مثقفو" البراميل المتفجرة وأبواقهم الإعلامية والتي اعتبرت المعتقلات النازية السورية "ضرورة أمنية"، متجاهلة المعاناة الإنسانية وكسر قلوب الأمهات والعائلات على أبنائهم وبناتهم.
في لبنان، فرار الأسد كالأرنب هو نهاية حقبة كان فيها أمراء وملوك الطوائف يتذرعون بـ"ضرورة موافقة النظام السوري" أو "حزب الله" على أي إصلاح سياسي أو اقتصادي، ثقافة جعلت من التهريب وتصنيع المخدرات عملاً مقاوماً. سقوط الأسد كفكرة هو بداية لبناء شرق جديد، شرق يرسخ العدالة الانتقالية والمحاسبة كمدماك أساسي في مرحلة إعادة إعمار ما تهشم من بنى تحتية والأهم بشرية. شرق تليق الكرامة بشعوبه ويستحقونها، حيث يكون المواطن الفرد هو المحور، والدولة هي الحامي.
اليوم خمر وغداً أمر – مع الاعتذار من أميرنا الكندي، امرؤ القيس. اليوم نحتفل بسقوط الطاغية، لكن الغد يوم إعادة الالتزام بمعركة بناء شرق وأمم حديثة.
الندم الوحيد هو أننا سنرقص على قبور الطغاة من دون عظماء سبقونا وحرموا من هذه اللحظة:
دون رياض الترك، ميشيل كيلو، ومنتهى الأطرش وصادق جلال العظم، عبد الرحمن الساروت، الحاج مارع، وأبو التاو، وبدون سمير قصير و جيزيل خوري، و جورج حاوي، وحكمت العيد وحسين مروة ومهدي عامل والسيد هاني فحص، وكمال جنبلاط، والحبيب لقمان سليم.
لكن رغم الحسرة، سنفرح وسنرقص على قبور الطغاة، ونغني سوريا بدها حرية ويلعن روحك يا حافظ.