سوق الاوادم يعود الى بيروت

من منا لم يسمع يوما "بسوق العمومي" او "بشارع المتنبي" في بيروت لؤلؤة الشرق والمتوسط قبل الحرب اللبنانية.
 من منا لم يسمع بقصص عفاف وماريكا وغيرهن من اللواتي جعلن من المهنة الاقدم في التاريخ مهنة لهن.
من منا لم يسمع بالقصص الحزينة والمؤلمة لما كان يسمى "بفتيات الهوى" او "بنات الليل" ونهاياتهن المأساوية .

 اليوم وبعدما دمرت الحرب اللبنانية في العام ١٩٧٥شارع المتنبي وازيل "سوق الاوادم"كما كانوا يسمونه في ذلك الزمان قرر مترو المدينة اعادته الى خشبة المسرح بعرض محترف وحقيقي الى حد كبير جدا. 

العمل يحاكي قصص الفتيات اللواتي اجبرتهن الحياة على امتهان الدعارة في بيوت كانت تحمل ترخيصا من الحكومة اللبنانية وتخضع لقوانين خاصة ومعينة ما يعني ان موضوع الدعارة كان من الامور المنظمة والمضبوطة حكوميا في لبنان بعكس واقعنا الحالي اليوم. 

اضافة الى ذلك شكل الاتقان في الديكور عاملا اساسيا في نجاح العمل فقد أعادنا الى بيوت بيروتنا القديمة مع قناطرها المثلثة وزجاجها اضافة الى أزقتها القديمة المتفرعة من ساحة البرج كما كان يطلق عليها.

في العمل تختلط المشاعر فبين الحنين الى زمن ومدينة لن تعود بعدما طمسوا هويتها وبين الحزن على نساء قست عليهن الحياة وبين الضحكة التي نسرقها سرقة في بعض المشاهد تخرج مطمئنا الى أنه لا زالت بيروت تقاوم ثقافيا ومسرحيا بالرغم من كل شيئ ولا زال هناك مكان للاحلام والافكار والاهم لترجمة هذه الافكار على خشبة لازالت تستقطب العشرات يوميا لأن ما من أحد سيقوى على تغيير هويتنا الثقافية والتعددية التي نتمتع بها.
باختصار العمل يجعلك تشعر بأنه بين الضحكة والدمعة خيط رفيع وأحيانا يختلطان معا لأن القصة تحاكي زمنا معينا ولكن الموضوع يصلح لكل الازمنة وتحديدا على واقعنا الحالي حيث الازمات المتتالية تدفع بالكثير من الفتيات مرغمين على امتهان هذه المهنة. والكل يعلم ان في لبنان اسواق عمومية كثيرة منتشرة في كل المناطق حتى بات يصلح القول "رزق الله على سوق العمومي وشارع المتنبي."
بيار البايع