سوق عكاظ للتسويق السياسي اليوم في الأونسكو...وجلستان للحكومة أسبوعياً بعد الثقة

لا مراء أن حكومة «معاً للإنقاذ» التي يقف على رأسها الرئيس نجيب ميقاتي، تخرج اليوم من الجلسة النيابية، بعد الاستماع إلى البيان الوزاري، بثقة نيابية وازنة، يحرص عليها الرئيس نبيه برّي، ايذاناً بالانطلاق إلى العمل، في المجالات التي حدَّدها البيان، أو تلك التي ينتظرها النّاس بفارغ الصبر، بعد انتظارات طويلة وقاتلة في طوابير البنزين، وأمام المحطات، والافران والصيدليات في ظل انقطاع مُريب للمياه عن سكان العاصمة، وباقي المناطق، مما يطرح أسئلة عن الهدف من تعطيش النّاس، وافساح المجال امام المستغلين بتجارة المياه، وهم يجوبون الشوارع بالصهاريج الكبيرة أو «السترنات المتوسطة الحجم والصغيرة»!
وتأتي هذه الرهانات، وسط تريث سعودي وخليجي بالانفتاح على لبنان، في ظل استمرار سياسات «حزب الله» التي تواجه باعتراض عربي وخليجي على دوره خارج لبنان.
وأكدت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن حكومة معا للانقاذ تباشر جديا عملها بعد رغبة رئيسها والاتفاق مع رئيس الجمهورية على عقد جلستين أو ثلاث لها ولفتت إلى أنها ستنهمك أولا بخوض الملفات ذات الصلة بالاقتصاد والمال وموضوع صرف المبلغ الائتماني من صندوق النقد الدولي مشيرة إلى أن أي قرار تتخذه سيشكل محور متابعة ولاسيما ما يتصل بيوميات اللبنانيين.
وقالت المصادر هنا تتظهر صورة اوضح عن الأداء الحكومي في هذه المرحلة مع عمل اضافي يقوم به رئيس مجلس الوزراء في اتصالاته الخارجية لحشد الدعم للبنان واعادة ترتيب العلاقات مع الدول العربية.
وأشارت إلى أن مطبات كثيرة أمام الحكومة ولذلك فإنها اما قد تتجاوزها بالانصراف إلى توجيه عملها نحو الأولويات لو تغرق في تفاصيل محددة تشل عملها ولذلك الأمر منوط بها وكيفية إدارة الجلسات المرتقبة وملفاتها.
ولئلا تتحوّل الجلسة النيابية إلى «سوق عكاظ» للتسويق السياسي، سواء من قبل المانحين أو الحاجبين، وبعدما ارتفع عدد طالبي الكلام إلى أكثر من 30 نائباً، أوعز الرئيس برّي إلى الكتل ان تنتدب نائباً واحداً للتكلم باسمها، مع اغراء نقل الجلسة على الهواء مباشرة.
إذاً، على وقع الازمات المتلاحقة سياسيا واقتصاديا وماليا وصحيا، وامام جديد شحنات الامونيوم، مربوطا بتحقيقات المرفا، وما سينتج عنه من سجالات جديدة، في حال لم يوافق رئيس الجمهورية ميشال عون على فتح دورة استثنائية، لان المجلس بعد نيل الحكومة الثقة، يصبح بدون دورة انعقاد، الى حين موعد العقد العادي الثاني في اول ثلاثاء يلي الخامس عشر من تشرين الاول، بما يتيح للقاضي بيطار ملاحقة النواب المدعي عليهم في ملف تفجير المرفا، امام كل هذه الملفات، تمثل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثالثة، امام البرلمان في قصر الاونيسكو، واذا كانت الثقة مضمونة وبنسبة مرتفعة قد تتجاوز 85 بالحد الادنى، فيما تفاءلت بعض المصادر الى حد رفعها لتلامس التسعين صوتا (مع احتساب عدد النواب 117 بدلا من 128 بين المستقيلين والمتوفين)، لان كل الكتل النيابية التي سمت ميقاتي للتكليف ستمنحه الثقة، باستثناء تكتل القوات وبعض النواب المستقلين، معطوفة على اتجاه لتكتل لبنان القوي لمنح الثقة– استنادا للقاء الاخير الذي جمعه مع الرئيس ميقاتي، وما جاء في بيان «التيار الحر» ان البيان الوزاري، يحمل الكثير من مطالب التكتل، بالإضافة الى أن أغلبية الكتل السياسية الكبرى ممثلة فى الحكومة، فتشكيل الحكومة جاء بشكل يحفاظ على حصة كل فريق سياسي ممثل بالبرلمان.
الجلسة التي يعمل رئيس المجلس على انهائها سريعا وفي يوم واحد، عكس ما كان سابقا حيث كانت جلسة الثقة تستمر لثلاثة ايام، ستبث وقائعها مباشرة على الهواء، وتلافيا لفتح شهية النواب على الكلام، اوعز بري الى النواب بانتداب نائب عن كل كتلة، تسريعا للوقت، للنقاش في البيان بعد تلاوته من قبل الرئيس ميقاتي، على ان يتم التصويت على الثقة بالمناداة وبالاسماء «ثقة، لا ثقة، ممتنع، وثم سيعطى الرئيس ميقاتي الكلام وحق الرد على ملاحظات النواب.
مضمونة إذاً الثقة بنسبة اصوات عالية بعدما قرر تكتل لبنان القوي منحها بلاشروط، وكتلة المستقبل ستعطي الثقة لكن لرئيس الحكومة، اضافة الى كل الكتل الاخرى، مع الإشارة إلى أن الرئيس الحريري لن يحضر الجلسة وستتحدث النائب بهية الحريري باسمها.

وذكرت مصادر تابعت لقاء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووفد نواب تكتل لبنان القوي قبل ايام لـ «اللواء»: ان اللقاء كان إيجابياً جداً وتخلله تفاهم حول عدد من المطالب التي رفعها التكتل في بياناته، خلافاً لما تردد عن شروط فرضها التكتل لمنح الحكومة الثقة.
وقالت المصادر: ان التكتل طرح نحو 12 مطلباً، بدأ تنفيذ بعضها مثل بدء تنفيذ مسار عملية التدقيق الجنائي ولكن التكتل يريد ليس مجرّد توقيع العقد مع شركة «مارسال اند الفاريز» بل الأهم حسن التنفيذ. وتشجيع الاقتصاد عبر برامج ومشاريع ودعم بفوائد مخفضة، وتنفيذ البطاقة التمويلية. ومعالجة الوضع التربوي، وقضية عودة النازحين السوريين. وإعادة هيكلة القطاع المصرفي، ومكافحة الفساد، وتوفير شبكة الأمان الإجتماعي، وإعادة الأموال المحوّلة الى الخارج، والكابيتال كونترول، عدا عن ان البيان الوزاري تضمن عدداً من المطالب والاقتراحات التي رفعها التكتل والتيار خلال الفترة الماضية.
وبالنسبة لمنح الثقة، ذكرت مصادر التكتل لـ «اللواء» انه سيعقد صباح اليوم قبيل الجلسة اجتماعا سريعاً لتقرير الموقف بشكله النهائي، لكن الاتجاه يميل الى منح الثقة بعدما تضمن بيان الحكومة كل مطالب التكتل.

وحول موقف كتلة تيار المستقبل، قال عضو الكتلة النائب الدكتور محمد الحجار لـ«اللواء»: ان الكتلة قررت في اجتماعها (امس عبر تطبيق زوم برئاسة الرئيس سعد الحريري) منح الثقة للرئيس ميقاتي وليس للحكومة ككل، نحن نثق بالرئيس نجيب ميقاتي وبوزراء آخرين، لكن هناك وزراء لا نثق بهم «فالمكتوب يُقرأ من عنوانه». ونحن سنعطي فرصة للحكومة ان نجحت نهنئها وندعمها وان فشلت نعارضها ونعلن اسباب معارضتنا.
وتوقع وزير الزراعة وعلى هذا ستحظى الحكومة بثقة كتل: المستقبل (18نائبا)، ولبنان القوي(17)، والتنمية والتحرير( 17) والوفاء للمقاومة( 13)، واللقاء الديموقراطي(8)، والوسط المستقل4)، واللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين(3)، و»التكتل الوطني المستقل»(4)، والوسط المستقل(3)، والحزب القومي(3)، و ضمانة الجبل(4) وحزب الطاشناق الأرمني (3نواب).وعدد من النواب المستقلين، فيما ستحجب الثقة كتلة الجمهورية القوية وستكون كلمة خلال الجلسة للنائب ستريدا جعجع.
وقال وزيرالزراعة عباس الحاج حسن، في تصريح له على هامش تقديمه التعازي بالراحل الشيخ عبد الأمير قبلان الذي نظمته الجامعة الإسلامية في بعلبك، ان تكون الثقة للحكومة امام المجلس النيابي اليوم الاثنين بـ٩٤ صوتا، وهذا الأمل سيؤدي الى دفعة جديدة إيجابية في الشارع اللبناني.

وأجرى الرئيس تمام سلام، الموجود خارج لبنان، اتصالا هاتفيا بالرئيس ميقاتي، «متمنيا له التوفيق في جلسة الثقة، للمضي في التصدي لما يحتاجه لبنان واللبنانيون من حلول ومخارج للأزمات المتراكمة، ولوضع الامور في نصابها الصحيح ماليا، اقتصاديا، اجتماعيا، سياسيا ووطنيا».