المصدر: النهار
الجمعة 16 آب 2024 07:57:48
فيما تشهد بيروت مجدداً زحمة موفدين بما يعكس ارتفاع منسوب الحماوة في السباق بين الديبلوماسية والمواجهات الميدانية والتطورات الحربية، بدا لبنان معنياً بقوة بترقب ورصد أي مؤشر من المؤشرات المتصلة بمفاوضات الدوحة حول مشروع التسوية لوقف حرب غزة أو إحلال هدنة فيها. ذلك أن الزيارة الخاطفة التي قام بها أمس وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه لبيروت غداة زيارة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين لم تخرج عملياً عن الهدف نفسه في عنوانه العريض وهو تبريد الجبهة اللبنانية- الإسرائيلية وتقديم الرهان الأول على مفاوضات الدوحة علّ اختراقاً فيها ينقل المنطقة من ضفة إلى ضفة أخرى.
ولكن العامل الأساسي الآخر الذي ميّز زيارة سيجورنيه تمثّل في حسم التمديد سنة لليونيفيل بالصيغة نفسها التي حصل فيها التمديد في السنة الماضية. ومع أن الفرنسيين ليسوا منخرطين في مفاوضات الدوحة فإن تشديد سيجورنيه على مطلب خفض التصعيد من دون إقرانه بذكر المفاوضات عكس حالة الترقب الشاملة التي تسود مجمل التحركات الديبلوماسية لا سيما لفترة تُعتبر مصيرية وهي أمس واليوم بحيث ستتقرر فيها مبدئياً، وإلى حد بعيد، الاتجاهات الحاسمة لمسار الأمور في غزة كما على الجبهة اللبنانية- الإسرائيلية، وأيضاً، وهنا الأهم، مسار ردّ كل من إيران و"حزب الله" على إسرائيل على خلفية اغتيال إسماعيل هنية وفؤاد شكر.
وتجدر الإشارة إلى أن سيجورنيه ووزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي سيزوران اليوم تل أبيب في إطار جهودهما لمنع التصعيد في المنطقة.
وفي هذا السياق ستأتي زيارة ثالثة لبيروت بالتعاقب، بعد هوكشتاين وسيجورنيه، لوزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي اليوم وتكتسب أهميتها من الدور المصري المحوري في مفاوضات التسوية بين إسرائيل و"حماس" في الدوحة إذ ينتظر أن يبلغ الوزير المصري المسؤولين اللبنانيين آخر تطورات هذه المفاوضات التي تشارك فيها بلاده .
سيجورنيه
وسط هذه الأجواء جال سيجورنيه أمس على كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب وتركزت محادثاته على تطورات الأوضاع السياسية والميدانية في لبنان والمنطقة إضافة للعلاقات الثنائية بين لبنان وفرنسا والتجديد لقوات "اليونيفيل" في جنوب لبنان لولاية جديدة.
وأفادت المعلومات أن بري أكد للوزير الفرنسي "التزام لبنان قواعد الاشتباك وحقه بالدفاع عن النفس بمواجهة العدوانية الإسرائيلية التي لم توفّر في إعتداءاتها المدنيين والإعلاميين والمسعفين، ناهيك عن إستخدامها السلاح المحرم دولياً لا سيما القذائف الفوسفورية في المساحات الزراعية والمناطق الحرجية"، وشدد على "حرص لبنان على ضرورة التمديد لمهمات قوات الطوارئ الدوليه العاملة في جنوب لبنان لولاية جديدة وفقاً للمشروع الفرنسي ونص القرار الأممي رقم 1701" .
وقال الوزير سيجورنيه: "رسالتي بسيطة هي التأكيد على دعم فرنسا للبنان في هذه الأوقات المقلقة في الأوضاع الإقليمية". وأضاف: "ما يهمنا هو العمل على تخفيف حدّة التصعيد، هذه هي الرسالة التي نقلتها إلى السلطات اللبنانية والرسالة نفسها التي سوف أنقلها لبقية الدول في المنطقة، نأمل بأن يتم تهدئة الأوضاع في هذه الاوقات الحساسة جداً".
وأكد "أن فرنسا تدعم عمل قوات اليونيفل، لقد عملنا ونعمل في إطار محادثات لضمان تجديد ولاية اليونيفيل لمدة 12 شهراً المقبلة، وهذا هو العمل الذي نعمل من أجله في الأمم المتحدة حالياً ". وقال: "رسالتنا هي رسالة دعم وتضامن ومسؤولية، وفرنسا سوف تبقى تدعم لبنان من أجل الوصول الى سلام في المنطقة.
وما يهمنا قبل أي شيء، هو وقف إطلاق النار في غزة، وهذا هو العنصر الأساسي والضروري الذي لا بد منه إذا أردنا بحث السلام في المنطقة". وفي لقائه مع ميقاتي جدد سيجورنيه "تأكيد دعم فرنسا للبنان ووقوفها الى جانبه وثقتها به". وتمنى "استمرار عدم التصعيد من الجانب اللبناني" مقدراً "ضبط النفس في هذه الفترة الصعبة". أما رئيس الحكومة، فشدد على أهمية دعم التمديد للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان لفترة سنة".
وأكد الوزير بو حبيب بعد لقائه وسيجورنيه "إننا لم نتلقّ أيّ تحذيرات أو تهديدات من هوكشتاين بالأمس، أو من سيجورنيه اليوم، بل كل الحديث تمحور حول المفاوضات التي ستجري في الدوحة بشأن غزة". وأضاف: "نُثمّن وقوف الدول إلى جانبنا واللقّاء اليوم مع وزير الخارجية الفرنسي كان جيّداً". وأعلن "ان انطباعي كان أساساً أنّ ردّ ايران و"حزب الله" لن يكون قبل مفاوضات الدوحة، لكن ما نسمعه أن الرد لن يطال مدنيّين". وحول التمديد لقوات "اليونيفيل"، قال بوحبيب: "هناك نوع من إجماع على التجديد لليونيفيل بالصيغة نفسها للعام الماضي".
"سيحدث"
في اطار تعليقات "حزب الله" على هذه التحركات، أعلن أمس نائب الأمين العام لـ"حزب الله" نعيم قاسم، أن "قرار الرد على إسرائيل اتخذ وأنه سيحدث". ووصف قاسم زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين إلى لبنان بأنها "استعراضية"، مضيفاً أنه "لا توجد مقترحات أميركية محددة"، واعتبر أن "الولايات المتحدة تريد أن تظهر أنها تتحرك لكن في الفراغ من دون مشروع حتى الآن".
وكانت القناة 13 الإسرائيلية قالت في وقت سابق إن "إسرائيل تقدّر الآن أن "حزب الله " اللبناني مصمّم على الرد على اغتيال القيادي فؤاد شكر". وأضافت: "حزب الله قد يشن هجوماً على إسرائيل بعد انتهاء زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين ولكنه لم يحدد أهدافه بعد".
وعلى الصعيد الميداني اعلن "حزب الله" بعد ظهر أمس أنه "رداً على اعتداءات العدو الإسرائيلي على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة خصوصاً في مدينة مرجعيون وإصابة مدنيين فيها، أدخلت المقاومة الإسلامية يوم الخميس على جدول نيرانها المستعمرة الجديدة شامير وقصفتها لأول مرة بصليات من صواريخ الكاتيوشا". وتواصل القصف جنوباً، وتعرضت تلة العزية أطراف بلدة الناقورة لقصف مدفعي إسرائيلي صباحاً.
كما طاول القصف المدفعي ساحة الخيام واطراف بلدة دير ميماس منطقة المغيسل. وتسبّب قصف بلدة الخيام، باندلاع النيران في منزل بعد استهدافه. وصدر عن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة بيان أعلن أن القصف المدفعي الإسرائيلي بالقذائف الفوسفورية على بلدة الخيام أدى إلى إصابة مواطنين بحالة اختناق حادة استدعت إدخالهما إلى مستشفى مرجعيون الحكومي حيث عولجا في قسم الطوارئ.
الراعي
في المشهد الداخلي ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي القداس الاحتفالي، لمناسبة عيد انتقال السيدة العذراء، في كنيسة الصرح البطريركي في الديمان وأشار في عظته إلى أن "مريم مكرّمة في المسيحيّة والإسلام، وقد أُقرَّ عيد بشارتها عيدًا وطنيًّا في لبنان. إنّه أحد العناصر الجميلة التي تجمع بين اللبنانيّين". وأضاف "أنّ الأمور التي تجمع بين المسيحيّة والإسلام عديدة، فيجب العودة إليها وتثميرها في حياتنا الوطنيّة، وهي الأساس لنظام التعدّديّة الثقافيّة والدينيّة في لبنان، ولكنّها تعدّديّة في الوحدة. ونعني بالتعدّديّة التنوّع.
وهذه ميزة أساسيّة في نظام لبنان السياسيّ. فلبنان اللون الواحد، ليس بلبنان؛ ولبنان الحزب الواحد، ليس بلبنان؛ ولبنان الرأي الواحد الذي يفرضه شخص أو فئة، ليس بلبنان، ولبنان الدين الواحد، ليس بلبنان. وعليه يحتاج لبنان إلى انتخاب رئيس له، لأنّه وحده ضمانة الوحدة في التنوّع، كرئيس للجمهوريّة هو وحده رئيس الدولة، ورمز وحدة الوطن".