سيناريوهات سوداء أمام المدارس.. الاستعداد للأسوأ!

بوتيرة يومية تنهمر السيناريوهات المأساوية على رؤوس اللبنانيين من رفع الدعم الى فقدان الدواء وعجز المستشفيات عن استقبال المرضى الى انقطاع الكهرباء وانعدام الانترنت وما الى ذلك من المآسي الاقتصادية والاجتماعية، التي ترسم صورة مأساوية للواقع المرير والمستقبل الاسود، لا سيما على القطاع التربوي والتلامذة. ذلك أن انقطاع الكهرباء سيجرّ معه انقطاعا للانترنت والهاتف والتلفزيون، ما سينعكس سلباً على المدارس، إذ سينقطع معها التواصل بين المدارس والتلامذة، خاصة مع تعليم الاونلاين الذي فرضته جائحة "كورونا"، ناهيك عن اضطرار التلامذة للدرس على نور الشمعة.

هذا من جهة، اما من جهة أخرى، فالدولة غائبة عن السمع وعاجزة عن تلبية الوعود التي قطعتها وما زالت حبرا على ورق من مساعدات بـ 500 مليار ليرة للمؤسسات التربوية، ومليون ليرة لكل طالب، إضافة الى تأمين لابتوبات وانترنت... وهي بالكاد قادرة على تأمين مصاريف الامتحانات الرسمية للمرحلة الثانوية والتي ستكلف نحو 8 مليار ليرة لبنانية (نحو 16 ملياراً هي موازنة الامتحانات الرسمية في الشهادة المتوسطة والثانوية العامة) بعد أن تقرر إجراء امتحانات الشهادة المتوسطة في المدارس. فيما يجول وزير التربية طارق المجذوب، يستقبل ويودع المانحين لتأمين قروض أو هبات لتأمين اللوازم والقرطاسية للامتحانات.

في ظل هذا الواقع، كيف تتحضّر المدارس للعام المقبل؟ وكيف تنظر الى الامتحانات الرسمية التي تقرر موعدها في 12 تموز للشهادة المتوسطة وفي أواخر آب للثانوية العامة؟

منسق اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة في لبنان الأب بطرس عازار أكد لـ"المركزية" "ان المدارس تسعى جاهدة لوضع خطط للعام الدراسي المقبل تحسباً للأسوأ ومنعاً لانهيار القطاع التربوي. بدأنا بعقد جلسات متتابعة للإعداد للسنة المقبلة، لكن على هذه الاقتراحات التي سنقدمها أن تكلل بتوافق من وزارة التربية والمركز التربوي للبحوث للانماء وان تترافق بصدور قرارات واضحة حول السنة المقبلة".

ولفت الى "ان الكثير من المؤسسات التربوية تعاني التخبط الذي ينعكس سلبا على القطاع التربوي عامة، وكنا قد نبّهنا له منذ سنوات، لكن يبدو ان لا حياة لمن تنادي. واذا لم تكن من معالجات جذرية حتى نتمكن من الانتقال الى السنة القادمة، هذا يعني اننا سنبقى في حال ضياع وأزمة كبيرة، ويكفي ان هناك اساتذة يهاجرون ونخسر نوعية من المعلمين وفي الوقت نفسه نخسر نوعية من التعليم ونخسر تطلعات نحو الامام. هذه تحتاج الى جلسات تشاورية، ليس مع بعض الاشخاص الذين نختارهم، بل مع اهل الاختصاص والتربية، حتى نتمكن من الخروج بنتائج مريحة للمستقبل للتعويض".

ورأى عازار "ان تغييرات كثيرة حصلت في السنتين الأخيرتين، وأصبح هناك، الى حد ما، طلاق ما بين التعليم الحضوري وما بين التلامذة والاساتذة والادارات. صحيح ان المدرسة تقوم بدورها لكنها تحتاج الى دعم للاستمرار، فرواتب الاساتذة لم يعد لها قيمة، القسط كذلك الامر، لكنه في الوقت نفسه اصبح مرهقاً للاهل، وادارات المدارس في مأزق، بين شاقوفين، المطلوب من الدولة دعم التربية من خلال إجراء المزيد من التشاور وليس فقط تبليغ قرارات تتغير بين دقيقة وأخرى".

أضاف: "لذلك، اقترحنا ان يكون هناك مجلس ينعقد بإشراف وزارة التربية بالتعاون مع المركز التربوي للبحوث والانماء للتفكير ووضع خطط للتعويض على تلامذتنا النواقص الكثيرة التي فاتتهم وكيفية استكمال العام الدراسي وفتح آفاق جديدة للسنة المقبلة، حتى لا ندفع الثمن غالياً بعد خمس سنوات او اكثر عندما يرتادون الجامعات. من هذا المنطلق كنا نطالب ولا زلنا كاتحاد مؤسسات تربوية ومدارس كاثوليكية، بتشريع التعليم عن بعد من جهة، كي يعطى الأهمية اللازمة، لأن بعض ادارات المدارس لم تحضر نفسها اكانت رسمية ام خاصة، لهذا النوع من التعليم".

وعن الامتحانات الرسمية للمرحلة الثانوية قال: "تمنينا على وزير التربية ان تكون الدورة الاولى على مرحلتين كي يتمكن التلامذة الذين تحضّروا لإجراء الامتحانات باكراً والا نظلمهم ونتركهم ينتظرون أكثر من شهرين، هذا ظلم وليس عدالة. وطلبنا ان تكون الدورة الثانية او الاستثنائية مفتوحة للجميع في اواخر آب او اوائل ايلول، لكن لم يؤخذ بهذا الاقتراح. وهذا ما يزيدني خوفا على مصير الامتحانات الرسمية، لأن الوضع الاقتصادي يزداد تأزماً يوما بعد يوم.

وتابع: "لا اموال في الدولة التي تطلب من المدارس الخاصة المساهمة، فعندما كانت الدولة تتلقى الاموال والمساعدات من اليونيسيف والاونيسكو والبنك الدولي، كانت تتهم المدارس الخاصة بالسرقة وتُشن ضدها الحملات، لانهم يريدون تعزيز التعليم الرسمي، لكنها لم تعززه ولم تحم القطاع الخاص، فانهار القطاعان معا. اين التقشف والشفافية؟"

وختم: "المطلوب التضامن والتفاهم كأسرة تربوية وعدم رمي الكرة على بعضنا البعض. واجب الدولة ان ترعى هذا التفاهم وتشجع عليه وتحاول إعطاء تقديمات حتى يحصل الجميع على حقوقهم، لتمرير هذه المرحلة الصعبة بأقل ضرر ممكن وبالحفاظ على وجودنا".