سيناريو 2011 السوري لن يتكرّر في الشمال عام 2024

قفزت إلى الواجهة الأحداث الجارية في الداخل السوري في الشمال عموماً  وعكار وطرابلس خصوصاً، فعكار تربطها بالداخل السوري حدود مشتركة وامتداد جغرافي وتاريخي معاً. ما يعني أن مناطق الجوار هي الأكثر تأثّراً بالوضع السوري على كل المستويات. وهذا ما حصل عام 2011 عندما تأثّرت طرابلس بالثورة السورية ودعمتها، واستقبلت مع عكار مئات آلاف النازحين السوريين والذين لا يزالون فيها إلى اليوم.

حالياً، تأثرت طرابلس من جديد بما يجري في سوريا، فخرجت تظاهرات داعمة للمعارضة السورية في شوارعها في الأيام الأخيرة. وتجددت المخاوف من أن تؤدّي الأحداث المستجدّة بين قوات النظام والمعارضة إلى ارتدادات أمنية على الداخل اللبناني انطلاقاً من مناطق الشمال.

الوضع الأمني ممسوك

حتى الآن يمكن القول إن الوضع الأمني شمالاً لا يزال مضبوطاً على إيقاع الجيش والأجهزة الأمنية اللبنانية، ولكن من يدري ما سيحصل شمالاً إذا ما تطورت الأمور. وهل أن الوضع سيبقى كما هو، لا سيما وأن تجربة العام 2011 والأعوام التالية لا تزال ماثلة في مخيّلة الأهالي؟ مصدر أمني شمالي ردّ على هذا التساؤل، فأشار لـ "نداء الوطن" إلى أن تأثيرات الأوضاع في الداخل السوري على المناطق اللبنانية والقرى الحدودية "لن تكون بمستوى عام 2011 تاريخ بداية الثورة السورية، وهي تكاد لا تتعدّى الجانب النفسي، والشعور بالقلق لدى اللبنانيين مفهوم ومردّه لارتباط الأوضاع بين لبنان وسوريا بعضها ببعض، ولوجود حدود مشتركة طويلة بين البلدين؛ وإمكانية ضبطها ليست بالأمر السهل". ويضيف المصدر: "لا إمكانية جدّية لتسلّل مسلّحين أو نازحين إلى الداخل اللبناني، كما لا إمكانية لعكار أو طرابلس باستقبال المزيد من النازحين، علماً أن خط حلب مقطوع والطرقات بعيدة، ناهيك عن أنّ الجيش اللبناني والقوة المشتركة في حالة يقظة تامّة على الحدود للتعامل مع أي طارئ".

بالنسبة لطرابلس، يتابع المصدر الأمني قائلاً: "إن الأوضاع الأمنية مضبوطة تحت سقف عدم المساس بالسّلم الأهلي، وبالتالي لا إمكانية لتكرار سيناريو 2011 في الـ 2024 لا في طرابلس ولا في غيرها".

بالنسبة  لعكّار، يشار إلى أن العديد من القرى السنية والعلوية هناك تتشارك العيش معاً، والأمر نفسه ينسحب على مناطق في طرابلس. وعلى عكس طرابلس التي شهدت جولات عنف بين جبل محسن وباب التبانة في فترة الثورة، لم يحصل في عكّار أي نزاع "سني - علوي" على خلفية الحرب في سوريا؛ التي ارتدت وجهاً طائفياً في الكثير من جوانبها.

هناك مخاوف أعادتها الغارات الإسرائيلية الأخيرة على المعابر الحدودية الشمالية الثلاثة، في وادي خالد والعريضة والدبوسية، والتي أدت إلى تعطيل العمل بها. ومردّ هذه  المخاوف من أن يؤدّي ذلك إلى تنشيط العمل على المعابر غير الشرعية بين البلدين وما أكثرها... هذا الأمر قد حصل بالفعل بتأكيد من المصدر الأمني. لكن سرعان ما تم ضبط الحدود عندما قام الجيش بإقفال معابر غير شرعية في اليومين الماضيين بناءً على معطيات أمنية وصلت إليه. إلى ذلك برز تطور من شأنه أن يبدد بعض المخاوف مع الإعلان أمس عن عودة العمل عبر معبر العريضة الحدودي، بعد زيارة تفقدية قام بها وزير الأشغال العامة في حكومة تصريف الأعمال علي حمية، ورئيس لجنة الأشغال والطاقة النائب سجيع عطية والنائبان وليد البعريني ومحمد يحيى ومحافظ طرطوس جهاد قمير ووفدان أمنيان لبناني وسوري. ومن هناك أعلن حمية أنه أصبح بإمكان أهل الجنوب الذين نزحوا إلى مناطق الساحل السوري العودة من الآن عبر معبر العريضة. وعلمت "نداء الوطن" بأنّ وزير الأشغال قد طلب من الشركة  المتعهّدة، العمل على فتح معبرَي الدبوسية ووادي خالد إلى جانب جرف الرمول والأتربة، تمهيداً لعودة الحركة بين الجانبين اللبناني والسوري بالكامل عبر المعابر الشرعية.