نفى الكرملين الادعاءات بأنه أمر باغتيال رئيس مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين الذي أعلنت موسكو مقتله الأربعاء، في حادث تحطم طائرة بعد شهرين من تمرده على قيادة الجيش الروسي.
اتهامات كاذبة!
ووصف المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الاتهامات بأنها "كذب محض". وقال خلال مؤتمر صحافي، إن "هناك الكثير من التكهنات حول تحطم الطائرة والوفاة المأساوية للركاب، بما في ذلك يفغيني بريغوجين... كل هذا كذب محض... نعلم جيداً في أي اتجاه يتم التكهن في الغرب". وأضاف أن التحقيق مستمر في الحادثة.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد كسر صمته الخميس، بشأن تحطم الطائرة الذي قضى فيه زعيم فاغنر. وقدم بوتين "تعازيه الصادقة لأسر جميع الضحايا"، واصفاً الحادث بأنه "مأساة".
وكان الرئيس الروسي قد وصف بريغوجين بأنه "خائن" في خطاب وجهه إلى الروس خلال تمرد فاغنر يومي 23 و24 حزيران/يونيو، وحذر فيه من "حرب أهلية".
هالة بوتين
واعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية أن شبح زعيم "فاغنر" سيظل يلاحق بوتين، موضحة أن وفاته تحذير لبوتين أولاً، وليس لخصومه فقط.
وأوضح كاتب المقال ديفيد إغناسيوس أن التفاصيل المحيطة ب"عملية اغتيال" بريغوجين تقوي مشاعر الروس، بأن البلاد عادت إلى حالة من عدم الاستقرار والإجراءات الوحشية التي كانت سائدة في زمن الرئيس السوفياتي السابق جوزيف ستالين.
ونقل عن المحللة الروسية في مؤسسة كارينيغي للسلام الدولي تاتيانا ستانوفايا، قولها إن النخبة الروسية ستنظر إلى ما جرى على أنه عمل انتقامي، مبرزة أن الكرملين سيعزز الشعور بأن بوتين انتقم من زعيم فاغنر، مهما كانت نتائج التحقيقات.
اعتبر الكاتب أن هالة التفوق السياسي التي صنعها بوتين في الشهرين الماضيين، تلطخت بشكل لا يمكن إصلاحه، إذ أن تمرد فاغنر بقيادة بريغوجين أضرّ بكليهما، علماً أن بعض المقربين من بوتين يتبنون كثيراً من مواقف بريغوجين في انتقاداته لتفاصيل الحرب على أوكرانيا.
وأوضح أن تصفية بريغوجين قد تؤدي إلى تغذية القلق داخل صفوف السياسيين والمسؤولين بدلاً من اجتثاثه، مبرزاً أن المراقبين يلحظون اتساع دائرة الشكوك وسط النخبة الروسية، بشأن آلية اتخاذ القرار التي يتبانها بوتين "المتردد"، التي يقولون، إنها تتسم بالبطء وتضعف الفعالية.
فاغنر باقية
ورغم خسارة قادتها الثلاثة الأكثر نفوذاً، وتراجع صورة مجموعة "فاغنر" إلى حدّ بعيد، لكنها تبقى نموذجاً لمنظمة مسلحة على ارتباط غير مباشر بالدولة الروسية مرنة في تحركاتها، وهو نموذج يتوقّع أن يستمر.
ونعت الحركات اليمينية المتطرفة الروسية النشطة داخل المجال العسكري على الإنترنت المجموعة بحرقة، على ما يفيد المحلّل لوكاس ويبر، أحد مؤسسي شبكة الأبحاث "ميليتانت واير".
ويقول ل"فرانس برس": "إنهم يتحدثون عن نخبة سياسية وعسكرية فاسدة ومنفصلة عن الواقع. في المقابل، احترموا لدى بريغوجين شخصيته الشجاعة وأنه لم يكن يهاب انتقاد كبار قيادات الجيش وكثيراً ما تفقد رجاله في ميادين المعركة".
يتحدث البعض عن الانتقام له. لكن هذه التهديدات يصعب تنفيذها على المدى القصير، "بالنظر إلى الطريقة التي اتبعها الكرملين في عزل فاغنر وتشديد المراقبة عليها" بعد التمرد.
ورأت الخبيرة في الجماعات المرتزقة في مركز الأبحاث "سي اس اي اس" في واشنطن كاترينا دوكسي أن "أحد الدروس التي ربما استوعبها بوتين من التمرّد، هو خطر منح الكثير من السلطة والمسؤولية لرجل واحد".
وتابعت: "إذا أرادت روسيا الحفاظ على نموذج الشركات العسكرية الخاصة في سياستها الخارجية ومساعداتها الأمنية، فمن المرجح تنويع السوق" لغلق الطريق أمام فرضية ظهور بريغوجين آخر.
وبالفعل تتواجد حاليا العديد من الشركات الأخرى على غرار "ريدوت" و"كونفوي" و"باتريوت". و"لكي تنجح هذه الفكرة، فإنها تتطلب توافر مجموعة من الشروط، بما في ذلك شد انتباه بوتين فضلا عن القدرة التمويلية، وامتلاك أداة للتأثير"، على ما تبين لو أوزبورن، من منظمة "أول آيز أون فاغنر" غير الحكومية.
وتوضح أن الشركات الأخرى "لديها حضور أقل بكثير من فاغنر وهي وأقل نجاحًا منها، لكنها تتبع البنية نفسها"، مشيرة إلى أنه قد انضم لها منشقون عن فاغنر تربطهم علاقات وثيقة مع المخابرات العسكرية الروسية.